ألم قلم – التدين عندنا وعندهم


حينما أغار العدو الإسرائيلي على سوريا وقصف ما قصف بطائراته الحربية وطلبت سوريا من مجلس الأمن الانعقاد لتدارس هذا العدوان، واجتمع مجلس الأمن في جلسة علنية نقلتها العديد من القنوات العربية والأعجمية، وكان مما أثار الانتباه إعلان مندوب الإسرائيليين في بداية كلمته بأن الجلسة مقلقة له ولبني جلدته لأنها انعقدت في يوم السبت وهو عطلة لليهود، وفي يوم عيد ديني لهم، هو عيد الغفران…

وليست هذه هي المرة الأولى التي يحتج فيها الإسرائيليون أو يتغيبون عن جلسة دولية، بحجة أن اليوم هو يوم عيد ديني، مما يعني أن التدين سمة أساسية عند الإسرائيليين وأن الدين يوجه سياسة اليهود، بما في ذلك أمور السياسة الدولية.

يفعلون ذلك بكل سيادة واعتزاز، دون أن يخافوا بأن ينعتهم أحد بالتعصب أو التخلف أو الرجعية أو العيش في القرون الوسطى، بل إننا لا نجد أحدا يتجرأ على أن يتهمهم بذلك، أو أن يقول بأنهم يخلطون الدين بالسياسة.

أكثر من هذا يشاهد اليهود في الأماكن العامة أو الخاصة، في بيعهم الدينية ومحافلهم السياسية، داخل كيانهم في فلسطين المحتلة أو خارجه، وهم يضعون القبعات الصغيرة على رؤوسهم رمزا للتدين.

لا وأكثر من هذا في كثير من المجتمعات المسيحية في أوربا، أحزاب دينية من كل الأصناف والعيارات وداخل الكيان الإسرائيلي ذاته حزب ديني متطرف له من يمثله في برلمانهم، وله من يمثله في الحكومة وله ميزانية خاصة من الحكومة، ولا أحد يتهمهم بالتعصب أو أنهم وراء  الإرهاب أو أن حكومة إسرائيل تخضع للابتزاز الأحزاب الدينية أو إلى غير ذلك من الأقاويل التي نسمعها عندنا.

هذا ما عندهم فماذا عندنا.

هل سمعنا ذات مرة احتجاجا لمندوب دولة إسلامية في محفل دولي، يحتج على أن اجتماع هذا المحفل حدث في يوم عيد ديني للمسلمين الذين يعدون بمآت الملايين أو أثناء الصلاة وخاصة صلاة الجمعة؟

هل سمح للشرائح المتدينة في المجتمعات الإسلامية بتكوين أحزاب تدافع عن وجهة نظرها في المجتمع والسياسة.

وهل يسمح لما هو موجود منها بالتحرك بكل حرية والتعبير بحل حرية عن آرائها وتصوراتها.

هل حرية التدين والتعبير السياسي عن هذا التدين مكفول لكل الأديان باستثناء الدين الإسلامي.

وهل سماحة الإسلام ووسطيته أضيق من العديد من الأديان الأخرى؟ ألم يعش غير المسلمين في ظلال الدولة الإسلامية في حرية كاملة مطلقة لا يعيش مثلها اليوم المسلمون أو حتى المتحررون منهم في أعرق الدول الديمقراطية؟ أم أن الأمر ليس هذا ولا ذاك ولكن تضييق على الإسلام وأهله، وأن الأمر يتعلق بحرب صليبية جديدة عليه، تتعدد أساليبها وطرقها ولكن الهدف واحد؟

د. عبد الرحيم بلحاج

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>