بارقة – الـمـستعربة والـمستغربة


تذكر كتب السيرة النبوية أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما بعث بسرية إلى مؤتة بقيادة ساداتنا : زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب فعبد الله بن رواحة لمحاربة الروم، فمضواْ حتى نزلوا أرض الشام فبلغهم أن هرقل قد نزل من أرض البلقان في مائة ألف من الروم وانضمت إليهم “المستعربة” من لخم وجذام وبلقين وبهراء وبلي في مائة ألف وقيل كان الروم مائتي ألف والعرب المستعربة خمسين ألف، وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف فقط، كان ذلك في جمادى الأولى من سنة ثمانية من الهجرة، وفيها استشهد القادة الثلاثة منأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فتولى القيادة خالد بن الوليد الذي آب ببقية الجيش الإسلامي إلى المدينة، استشهد عدد قليل من المسلمين وأدت الغزوة رسالتها إلى الروم بأن قوة الإسلام آتية برجال من نوع أولئك الشهداء الذين يحرصون على الموت حرص الروم والمستعربة على الحياة بل إنهم أشد منهم حرصاً وقد حمل الصحابي قطبة بن قتادة العذري قائد ميمنة المسلمين (تذكروا هذا الاسم العظيم) على قائد المستعربة مالك بن زافلة البلدي فقتله، كما كان قتلى الروم أكثر بكثير من شهداء المسلمين..

وبعد ذلك بسنتين كان فتح مكة إذ لم تعد هناك في جزيرة العرب قوةٌ تستطيع أن تقف في وجه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وقد كان مستعربة الروم ومستعربة الفرس يُبلّغون رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لا طاقة لهم بمقاتلة أسيادهم فإنهم شداد غلاظ، وقد فتكوا ببعض القادة المستعربة الذين أبدوا تعاطفاً مع الدعوة المحمدية وقد تبين لهم فيما بعدُ أنهم كانوا يخشون أشباحاً لا روح لها ودولا لم يعد لها أساس ولا جذور ولا قوة وذلك عندما شاهدوا المسلمين في تبوك وعندما بدأت جيوش المسلمين تفيض عليهم فيض السيول الدائمة حتى طهرت بلاد العرب من حكم الفرس والروم وفتحت بلادهم.. وأسلم المستعربة وأقبلوا على دين الله أفواجاً فإذا بهم -وهم المسلمون المؤمنون- يجدون أنفسهم أسوداً بعد أن كانوا خرافا وألْفَوْا الروم والفرس خِرافا بعد أن كان يُخَيّلُ إليهم أنهم أسود ففتحوا بلادهم ووطئوا قصورهم واقتسموا أموالهم وحكموا شعوبهم وفي مدة قليلة كانوا على مشارف الصين وروسيا والمغرب الأقصى..

وقد ابتلي المسلمون في هذا العصر بالمستعربة الجدد يؤازرهم “المستغربة” يرون في أمريكا كما كانوا يرون في روسيا دولاً عظمى لا تغلب فانقلب المستعربة إلى عبيد باسم اليسار فلما سقطت روسيا سرعان ما انضموا إلى حزب العبيد المستغربة ليقدموا الولاء والطاعة للدولة العظمى التي يجب الخنوع لها والمسارعة إلى تنفيذ أوامرها حتى ولو كانت هذه الأوامر تغيير مناهج الدين ومحاصرة القرآن وأهله، وإعلان حالة الطوارئ للحد من المقاومة المشروعة بل والتجسس لصالح شارون لقتل الأبطال والفتك بالأطفال.. والدافع لذلك الخوف والهلع وحب الدنيا وعبادة البطن والفرج مع أن نصر الله آت ويومئذ يندم المستعربة الجدد والمستغربة المغرورون.

ولقد شاهد العالم كيف يزحف الإسلام وهو محاصر وينتشر حتى في معسكرات “القوم” وفي غياهب سجُونهم بين أعتى المجرمين الغربيين {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}.

فيا أيها المستعربة بادروا بالتوبة إلى الله وعودوا إلى رشدكم ويا أيها المستغربة طهروا أنفسكم من نفحات نشاز وأقذار هذه الحضارة الآسنة الآفلة فإن شمس الحق قد انبلج فجرها وحضارة الحق قد أينعت زهورها والله غالب على أمره.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>