الشباب المغربي بين المشاركة الانتخابية والمشاركة الاجتماعية


إن الشباب في واجهة المغرب.. لا لأنهم حصلوا على حقهم في النجاة والشغل والتعليم والزواج والسياحة والهوية.. بل لأنهم أمام خطة جديدة لإدماجهم في اللعبة السياسية من خلال إعطائهم حق التصويت، ويا له من حق تهون أمامه حقوق الكرامة والحياة واختيار المسؤولين. أجل ففي المغرب الغريب المسافة واسعة بين الممارسة السياسية والانتخابات والتصويت، وبين الاختيار الحقيقي للمسؤولين. والدليل أن الشباب المغربي فُجِعَ ورُزِئ في المسؤولية العليا لقطاع الشباب. فقد طلع علينا التلفزيون المغربي -مثلا- بوزير لم يصوت عليه أحد من الشباب ولا الشيوخ ولا الأطفال!!.. كما أنه لا يعترف بالوضع المأساوي الذي يعيشه الشباب، ففي رأيه المغرب بخير والخطر الوحيد الذي يهدد الشباب المغربي هو خطر التربية الأخلاقية والعلمية والنضالية التي يتلقاها من الحركات الإسلامية!! كما أن أقصى ما يحتاجه هو الدفاع بقوة وشدة على حقه في التمتع بالشذوذ الجنسي والابداع المتخلف الذي يتضمنه فيلم عيوش “لحظة ظلام” مثلا

نعم لقد تم توظيف ملف المرأة لمدة سنوات من أجل إخفاء تهريب حكومة غير شرعية وها نحن نعيش المشهد نفسه مع الحكومة الحالية وقطاع الشباب

وتتضح الصورة جيدا إذا انتبهنا إلى حركية مشاريع الإفساد والفساد خلال هذه المدة وتلازما مع اعتداءات 16 ماي، الشيء الذي يؤكد وجود أخطبوط منظم له امتدادات صهيونية خارجية وداخلية يحرك هوامش الانحراف وينظم لها المهرجانات واللقاءات والملتقيات ويفتح لها باب الإعلام الوطني والإعلام المستأجر بكل حقد على هذا الدين ورغبة في اغتيال الشعب واستهلاكه وإرهاقه وفي مقدمته قطاع الشباب، ولعل خير مثال على ذلك المشاركة الصهيونية المتعددة في مجموعة من المهرجانات التي أقيمت في المغرب خلال هذا الصيف

لقد أظهر الشباب المغربي قوة نضالية ووعيا حقوقيا أهله للمطالبة بحقوقه رغم ما يحيط به من مشاريع تقترح عليه المخدرات والحانات وقوارب الموت والجنس الرخيص والفراغ الأمني. ومن العار أن يكون مسؤولا عن مصالحه مناضل فاشل جاء من غيابات الإعلام الفرنكفوني المُحَارِب، ويدعي وقوفه على بوابة الديموقراطية، وهو الذي لا يحمل إلا مشروعا واحدا وهو تعطيل التجديد الأخلاقي والشبابي والحقوقي الذي تساهم فيه الحركة الإسلامية ويتجاوب معه الشباب المغربي

إن محارب خطة الشباب لن يكون مصيرهُ إلا مصير محارب خطة المرأة لأنه مجرد خادم لمشروع انحلالي ضخم ومنظم ما يلبث أن تنكشف ألاعيبه وجرائمه

المجتمع المغربي في عطالة والسنوات العجاف ضربته ولازالت تخنقه بسبب سياسات التجهيل والتفقير والانحلال مست الجنين في بطن أمه والصغير في مهده والمراهق في أحلامه والشباب في طاقته والرجل في مستقبله والكهل في قبره

نعم لقد تعطلت أجهزة المناعة و الحركة والإنتاج في المجتمع، نحن نعيش حالة المجتمع الخامل بسبب سياسة تعتقد أن كل حيوية  تنشط أعضاء الجسد (المجتمع) هي بمثابة تحريض على الوعي والمطالبة بالعدالة الاجتماعية، وكل إدماج للشباب في محيطهم الاجتماعي هو تهديد لمركزية النخبة المتسلطة. لكن كيف نفسر الضجيج المفتعل أخيرا حول المشاركة الانتخابية للشباب الذين يبلغون 18 ربيعا فما فوق؟ وما موقعهم في سياسة العطالة التي دامت عشرات السنين؟ل

لابد أن الخلفيات سياسية محضة ترتبط بالإدارة الكوارثية للأزمة. امتصاص للشباب داخل لعبة انتخابية لا طائل منها وخلط لأوراق الانحياز الأخير الذي أظهره الشباب للصوت الإسلامي في الانتخابات السابقة

إن اللعبة الانتخابية من أكثر المجالات المجتمعية ضبطا وتنظيما من طرف السلطة، فقد وصلت فيها إلى درجة كبيرة من الإبداع والترويض للمعارضات

لقد أصبحت مخدرا لابد من تجربته أيضا على الشباب، فقوارب الموت لم تبتلع العدد  الكافي!! والانحلال والمخدرات قد لا تفي بالغرض المقصود

إن العطالة في المغرب ليست مجرد أزمة اقتصادية، بل هي لعبة سياسية، فسياسة التفقير أصل من أصول بروتوكولات المخزن

إن الشباب في حاجة إلى مشاركة اجتماعية أولا على مستوى التعليم والترفيه والتربية والسياحة والرياضة والنقابة والجمعية والحي، وهم في حاجة إلى الشاركة في عملية الإنتاج الاقتصادي والاعتراف بابداعاتهم وطاقاتهم قبل طلب أصواتهم

فهلا استغل الشباب المغربي هذا التخطيط الرسمي، ليخطط هو بنفسه لنفسه مسار الوعي التربوي والثقافي والاجتماعي أولا ثم المشاركة السياسية اليومية الهادئة، لتكون يوما ما مشاركته الانتخابية وبالاً على من أرادوا أن تكون تهميشا له واستهلاكا لطاقته الانجازية

 ذ. مصطفى شعايب

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>