الذكر:
إن أصل الذكر التنبيه بالقلب للمذكور والتيقظ له. وسمي الذكر باللسان ذكرا لأنه دلالة على الذكر القلبي. لكن لما كثر إطلاق الذكر على القول اللساني صار هو السابق للفهم، فمعنى قول الله تعالى: {اذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} (البقرة: 151) اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة. قال هذا سعيد بن جبير التابعي وقال أيضا: الذكر طاعة الله، فمن لم يطعه لم يذكره، وإنْ أكثر التسبيح والتهليل وقراءة القرآن. وروي عن النبي : فمن أطاع الله فقد ذكرالله وإن أقل صلاته وصومه وصنيعه للخير، ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثر صلاته وصومه وصنيعه للخير. ذكر هذا السيد محمد بن خويز منداد في أحكام القرآن له.
وذكر العلماء كالسدي : ليس من عبد يذكر الله تعالى إلا ذكره الله عز وجل. لا يذكره مومن إلا ذكره الله برحمته. ولا يذكره كافر إلا ذكره بعذاب. وقال معاذ بن جبل ] : ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله.
والأحاديث في فضل الذكر وثوابه كثيرة، خرجها الأئمة، فمنها ما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة ] عن النبي أن الله عز وجل يقول : أنا مع عبدي إذا هو ذكرني. وتحركت بي شفتاه. والمراد ذكر القلب الذي تجب استدامته. في عموم الحالات.
والقرآن الكريم يحث على الذكر الكثير حيث يقول الله سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا }(سورة الأحزاب).
والمراد والله أعلم بالذكر الكثير هو ما كان صاحبه مخلصا بقلبه، ولم يُجْعل له حَدٌّ لسهولته على اللسان. ومن أجل ذلك عظم الأجر عليه، فقد قال ابن عباس ] : لم يعذر أحد في ترك ذكر الله إلا من غُلب على عقله.
وإذا كان الذكر هو طاعة العبد لمولاه فيتناول الأقوال والأفعال الواجب من ذلك والفضيلةُ، والأهم الواجبُ ثم الفضيلة، وبذلك يصبح العبد من المقربين من الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه.
ثم الذكر إما في الخلوة أو مع الناس. فإن كان الذاكر ينبسط وحده وليس مدعوا لهداية الناس فالخلوة له أفضل. وإلا فذكره مع الناس أفضل لينشط وليقتدي به الناس نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل ذكره.
الشكر:
إن الشكر لغة الثناء قبل النعمة سواء كانت من الخالق أو من المخلوق. وشرعا : صرف العبد جوارحه في طاعة الله تعالى بحيث لا يفعل بها إلا ما يرضي الله تعالى على وجه التقرب إليه سبحانه وتعالى مع مصاحبته للإخلاص.
والشكر في الآية الكريمة {واشكروا لِي ولا تكْفُرون}(البقرة : 151) من عطف الخاص على العام. والنكتة في ذلك بيان أعلى المقاصد في الذكر، حيث المقاصد في الذكر مختلفة فمن قصد بذكره الدنيا فهو دنيئ ومن قصد بذكره دخول الجنة والنجاة من النار فهو أعلى من الأول. ومن قصد بذكره شكر الله على خلقه إياه وإنعامه عليه ولم يقصد غيره فهو من المقربين لما في الحديث :> أفلا أكون عبدا شكورا<. حيث حقيقة الشكرِ أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر.