من هدي الإسلام – أهمية الدعاء في حياة المسلم 2/1


ورد الدعاء في القرآن الكريم بصيغ وأساليب متعددة، فما المراد به؟ ومايشترط في قبوله؟ وكيف يتم؟.

معنى الدعاء:

لقد قال الله جل جلاله : {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} (البقرة : 186) ذكر المفسر الكبير محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي 2/308 ما ملخصه  : وإذا سألوك يامحمد عن المعبود فأجبهم أنه قريب يثيب على الطاعة، ويجيب الداعي، ويعلم مايفعله العبد من صوم وصلاة وغير ذلك، فقوله تعالى : {أجيب دعوة الداعي إذا دعاني} أقبل عبادة من عبدني. فالدعاء بمعنى العبادة. والاجابة بمعنى القبول. دليله : مارواه أبو داوود عن النعمان بن بشير] :  عن النبي  أن الدعاء هو العبادة.

شروط الاستجابة:

وقد أمر الله تعالى بالدعاء وحض عليه وسماه عبادة ووعد بأن يستجيب لمن دعاه بشروط على رأسها أن يك ون مخلصا، وألا يكون معتديا. قد يدعو الداعي فلا يستجاب له. يقال : قال ربنا سبحانه وتعالى في آية أخرى : {أدعوا ربكم تضرُّعًا وخفيَةً إنّه لايُحِبُّ المعتدين}(الأعراف : 54) وكل مصر على كبيرة ما عالمًا أوجاهلا فَهو معتد، وقد أخبر الله تعالى أنه لايحب المعتدين فكيف يستجيب لهم؟. وانواع الاعتداء كثيرة أما شرط الإخلاص فقد ورد في قوله تعالى : {وادعوه مخلصين له الدين}(الأعراف : 29)، كما أن التضرع والسر يدلان على الإخلاص كما يدل عليه الخوف من الله والرجاء في رحمته {وادعوه خوفا وطمعا}(الأعراف : 55).

أوقات وأحوال الإجابة:

وللدعاء أوقات وأحوال : يكون الغالب فيها الإجابة. مثل السحر، ووقت الفطر، وما بين الآذان والإقامة، وما بين الظهر والعصر. وفي يوم الأربعاء، وأوقات الاضطرار، وحالتي السفر والمرض، وعند نزول المطر، والصف في سبيل الله، كل هذا جاءت به الآثار. قال الصحابي الجليل جابر بن عبد الله]، دعا رسول الله في مسجد الفتح ثلاثا يوم الأثنين ويوم الثلاثاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعرفت السرور في وجهه قال جابر. مانزل بي أمر مهم غليظ  إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإ جابة. ثم إن الخلق مجبولون على الرجوع إلى الله تعالى في الشدائد وأن المضطر يجاب دعاؤه وإن كان كافرا لانقطاع الأسباب ورجوعه إلى الواحد رب الأرباب. قال الله تعالى : { هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك جرين بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق}(يونس : 23). قال القرطبي : >إذا كانوا في تلك الحالة دعوا الله مخلصين له<، أي دعوه وحده وتركوا ما كانوا يعبدون. والسبب في ذلك أن  الضرورةإليه باللجوء تنشأ من الإ خلا ص وقطع القلب عما سواه. إذ للإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة وجد من مومن أوكافر، طائع أو فاجر، كما قال تعالى : {دعوا الله مخلصين له الدين} {أمن يجيب المضطر}الآية، فأجابهم عند ضرورتهم ووقوع إخلاصهم مع علمه تعالى أنهم يعودون إلى شركهم وكفرهم، فهو سبحانه وتعالى يجيب المضطر لموضع اضطراره وإخلاصه (انظر الجامع للأحكام 13/222) وفي الحديث ثلاث دعوات مستجابات لاشك بينهن : دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده. وعن أبي ذر ] عن النبي  : >فإني لاأردها ولو كانت من فم كافر< فيجيب المظلوم لموضع إخلاصه بضرورته بمقتضى كرمه. وإجابة لإخلاصه وإن كان كافرا، وكذلك إذا كان فاجرا في دينه، ففجور الفاجر وكفر الكافر لايعود منه نقص ولاوهن على مملكة سيده، فلا يمنعه ما مضى  للمضطر من إجابته، وهذا كله يزيد بيانا لقوله تعالى : {قل مايعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما}(الفرقان : 77).

العلامة محمد بونو

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>