لقد كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن المرأة وتشدق بقضيتها من هب ودب. حتى أصبحت لغة العصر حيث شحمت بها عجلات السياسة واستغلت أبشع استغلال؛ روجت بها السلع الكاسدة فأصبحت سلعة كاسدة، لقد غرروا بها واستدرجوها من حيث لاتدري، خدعوها بالحرية الزائفة وضعوا لها السم في العسل، فأصبحت شاحبة الوجه، شاخصة البصر، مشرئبة العنق، منبهرة بالحضارة “الغربية” الغابية، مقلدة النماذج الساقطة، لاتهتم إلا بما جد في عالم الموضة، جعلوا عرضها طعما ينجذب نحوها أولو النفوس الضعيفة كما ينجذب الذئاب إلى الجيفة، مزقوا ثيابها وشوهوا جمالها، خدشوا كرامتها وانتهكوا عرضها،وفكانت هي الخاسرة بالدرجة الأولى ثم الأسرة والمجتمع، لأن المرأة هي نواة المجتمع، إذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع. وهذا لا يعني أننا نحملها المسؤولية كلها فالمخاطب الرجل كذلك، لأن الرجال عنصر مهم في ما وصلت إليه المرأة، لذلك يجب ألا نعتبر المرأة لبنة يملأ بها الفراغ، بل يجب أن نعتبرها حجرة أساس يقام عليها البنيان وأعني بالبنيان الأسرة ولله ضرالقائل :
الأم مدرسة إن أعددتها
أعددت جيلا طيب الأعراق
فبإسم حقوق المرأة والطفل فككوا روابط المجتمع، حرروا المرأة من سلطة الرجل وحرروا الطفل من سلطة الأسرة فتمرد الكل على المجتمع، فمن يُقَوِّم هذا الاعوجاج؟
من هنا انطلقت الشرارة التي تتمثل في ما يسمى المساواة، في حين لا نتكلم عن الحقوق، يجب أن نتكلم عن الواجبات، فإن كن يطالبن بالمساواة في الحقوق فلم يبق لهن إلا أن يطالبن بالمساواة في الخلق. فالسماء تمطروالأرض تنبت وهذه هي سنة الله في الكون فسبحان من خلق الشمس والقمر والليل والنهار والأنثى والذكر، ولقد بدأت نظم الكون تتغير مع بزوغ كل فجر بما يسمى بالحداثة والعصرنة في زمن العولمة أو زمن العلمنة أو العولبة إن صح التعبير، فاكتسحت المرأة الميادين التي كانت حكرا على الرجل، فأعظم جريمة في حق المرأة هي العنوسة والحرمان من الأمومة، وهذا ناتج عن البطالة التي يعاني منها الرجل، فتكون سببا في العزوف عن الزواج، وهذا مع كامل احترامنا وتقديرنا للمرأة العاملة التي تعمل في مجال لا يتنافى مع طبيعتها كامرأة وأحيي ذات الاختصاص الذي يعود بالنفع على المجتمع.