فضاءات دعوية نظرة سننية ربانية إلى المستقبل 3- الاسلام : البديل المنقذ


الإسلام هو المنقذ، وهو البديل القادم بإذن الله !

وقدر الله غيب، ولكن له إرهاصات.

لو كان في قدر الله أن ينتهى هذا الدين من الأرض، فقد كان الكيد الصليبي كفيلا بالقضاء عليه يوم أطاح بالدولة العثمانية وألغى الخلافة، وظنت الصليبية الصهيونية يومئذ  أنها ظفرت أخيرا  بعدوها اللدود، وأجهزت عليه ! ولكن قدر الله كان غير ذلك، كان هو الصحوة الإسلامية !

ولما جن الصليبيون الصهيونيون من الصحوة، قاموا يضربونها بكل ما يملكون من  وسائل  البطش، بالسجن والتشريد  والتعذيب والقتل، ظنا منهم أن هذا هو طريق الخلاص من العدو الذي لم تقتله الضربة التي ظنوها هي القاضية.. ولكن قدر الله كان غير ذلك، كان  مزيدا من انتشار الصحوة في كل الأرض !

والإرهاصات كلها تقول: إن الإسلام هو البديل القادم، الذي يصلح ما أفسدته الجاهلية في الأرض !

الإسلام قادم من أي طريقيه جاء. الطريق الهادئ البطئ المتدرج، الذي نحبه ونرتضيه وندعو إليه، ولو استغرق تمامه عدة أجيال، أو الطريق الصاخب العنيف الذي تغذيه حماقات الغرب وحماقات إسرائيل !

إن الصليبية الصهيونية التي تسيطر على الأرض اليوم، تعمل بحماقة ضد مصالحها ! إنها – بعنف البطش الذي توجهه ضد الحركات الإسلامية – تولد أجيالا من العمل الإسلامي أصلب عودا، وأطول نفسا، وأكثر وعيا، وأشد  مراسا من الذين تحاربهم اليوم !

وعقلاؤهم يعرفون ذلك، ويحذرون قومهم منه، ولكن الحقد الذي في قلوبهم يعميهم عن رؤية هذه الحقيقة، ويصم آذانهم عن الاستماع للنصيحة، ولو جاءت من عقلائهم أنفسهم !

ويتم ذلك بقدر من الله، وحسب سنة من سنن الله: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم} (إبراهيم: 45-46)

إن الانفجارات ا لكبرى في التاريخ تحدث دائما حين يشتد ضغط الطغاة على تيار صاعد ! يشتد عليه الطغاة ليكبتوه، فيكون هذا الضغط ذاته هو الذي يولد الانفجار، ويكون الضحية فيه هم الطغاة !

والذي تفعله الصليبية الصهيونية اليوم – بحماقة – هو هذا الضغط الذي يولد الانفجار.

وبضربة قدر واحدة تتم ثلاثة أمور في وقت واحد.

يتم أولا عقاب الأمة الإسلامية على ما فرطت في دين الله.

لقد حمل الله هذه الأمة أمانة لم يحملها لأمة سابقة في التاريخ، حين كرمها أن تكون أمة خاتم الأنبياء، وجعل في حمل هذه الأمانة خيرية الأمة وفضلها على الأمم السابقة: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون  بالله} (آل  عمران: 110). {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} (البقرة: 143).

ولكنها غفلت حينا من الدهر، ونسيت رسالتها لا تجاه البشرية فحسب، بل تجاه نفسها كذلك… عندئذ قدر الله لها أن تعاقب على يد أعدائها، كما أنذرها رسولها: >يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها<. قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: >بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من صدور أعدائكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن<. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: >حب الدنيا و كراهية الموت<.).

وفي الوقت الذي قدر الله فيه عقاب الأمة على يد أعدائها، مكن لهؤلاء الأعداء في الأرض، حسب سنته فيمن نسوا ما ذكروا به.. وليتم بشأنهم قدر آخر هو التدمير في الموعد المقدر عند الله عقابا لهم على إعراضهم وطغيانهم وتجبرهم، فضلا عن  القدر المقدر لهم يوم القيامة، والذي قال الله عنه: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون} (النحل: 25). {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين} (آل عمران: 178).

ويتم كذلك في الوقت ذاته تمحيص المؤمنين: {وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين} (آل عمران: 141).

وكما تمت تربية موسى في قصر فرعون بقدر من الله، يتم اليوم بقدر من الله مولد جيل جديد، جيل ما بعد الغثاء، على يد الأعداء الذين يكيدون لهذا الدين: {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف: 21).

ولن يكون الأمر نزهة قريبة بالنسبة للمسلمين..إنما هي تضحيات، ودماء ودموع، وعذاب ومعاناة، ولأواء وابتلاء، وجع دائب لا يهدأ {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} (آل عمران: 140).

لابد من ثمن يدفعه المسلمون جزاء تفريطهم في دين الله، ولابد من جهد يبذلونه ليعودوا إلى الطريق.

ولكن عزاءهم، وهم يقدمون الشهداء، ويتحملون العذاب، ويبذلون الدماء والدموع، أنهم يجاهدون في سبيل الله، لتكون كلمة الله هي العليا، وليكونوا هم ستارا لقدر الله الذي سيمكن لهذا الدين.

وعزاؤهم أن لهم في الآخرة ا لجنة، ورضوان الله: {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم} (التوبة: 72).

ذ . محمد قطب

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>