افتتاحية : رمضان وعودة الوعي


إن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان يقول لقريش {قولوا لاإله إلا الله تفلحوا وتدن لكم العرب والعجم} كان يدلهم على مفتاح التقدم والنهوض، مفتاح العز والسيادة، مفتاح التوحد والتجمع، مفتاح التضامن والتساند، مفتاح الفلاح الشامل في الدنيا والآخرة، مفتاح الرؤية المبصرة للهدف الذي ينقذ ا لإنسان من التيهان الفكري والعقدي والتشريعي والمصيري، بل ويجعل الإنسان يشعر بكينونته وشخصيته لأنه ذو رسالة في هذه الحياة وليس عبثا أو صفرا عن الشمال.

هذا المفتاح هو الخضوعُ لله عز وجل قلبا وقالبا، سرا وعلنا، جوارح ومشاعر، وإخراجُ كل شريك لله تعالى من القلب الخاضع لله تعالى حقا وصدقا، ولايأتي هذا الخضوع بالثمار المرجوة فيه إلا إذا توفرت فيه الشروط التالية:

1- معرفة قدْر الله عز وجل الذي تعنو له الجباه والوجوه، فهو الله الذي لاإله إلا هو بيده الملك وهو على كل شيء قدير، خلق الموت والحياة، وخلق الإنسان، وسخر للإنسان الأكوان، ويعلم ما توسوس به نفس كل إنسان، بيده أمر كل إنسان، وإليه مصير كل إنسان.

2- معرفة استحقاق ا لله تعالى وحده للعبودية، لأن غيره لا يملك شيئا، فكيف يستحق المخلوق العاجز أن يكون معبودا؟!

3- معرفة النعمة الكامنة في العبودية لله تعالى وحده سواء في الهداية والتوفيق، أو الرزق والإمداد، أو الدفاع والنصرة والتمكين، أو العٌقبى وحسن الخاتمة والمصير.

4- معرفة الشقاء الأبدي الذي يتخبط فيه الإنسان المؤلِّه لغير الله تعالى ، من اضطراب في النفس وخلخلة في المبادئ وإفلاس في الأخلاق، ومصائب في الأموال والأعراض والعقول والأنفس، وتشتت في التوجهات الكبرى، زيادة على سوء العٌقبى وسوء الختام.

ولقد سعد المسلمون منذ أن قالوا ” لاإله إلا الله” بصدق وإخلاص، فصلُّوا لله تعالى وحده، وقدموا أموالهم وأنفسهم لله تعالى وحده، ففازوا بما وعدهم الله تعالى به، وسادوا على العالمين حيث فتحوا برسالتهم المشرق والمغرب والشمال والجنوب. إلا أنهم بدأوا في الانكسار يوم أن دَبَّ في المسيرة الإسلامية دبيب الشرك العقدي، والتشريعي، والأخلاقي، والسياسي، والاقتصادي، والحُكْمي، والعَصَبي، والعرقي، والقبلي… حيث توزعت الولاءات، وتعددت المعبودات ، والمرجعيات، وأصبح كل حزب فرحا بما لديه من الشعارات الجوفاء، والصيحات الخرقاء!!!

صيام رمضان تتجلى فيه روح الإخلاص والعبودية لله تعالى وحده، وهما اللذان أشار إليهما الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي المشهور >كُلُّ عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به< فهل يكون صيام رمضان هذه السنة بداية الوعي بالرسالة الكبرى للأمة الإسلامية التي تبتدئ وتنتهي ب” قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” فتقولها وتعمل بمقتضاها، وتدعولها وتبشربها المحرومين؟؟ وهل يكون رمضان هذا العام بداية الوعي بالضربات الربانية المسلطة على الأمة لإيقا ظها من سباتها وشرودها وتمزقها؟؟

وهل يكون بداية التخلص من قبضة المجرمين الذين لم تر الأمة في حكمهم إلا الخسار والبوار، ولم ترفي فكرهم إلا ا لسفه والحمق، ولم تر في سياستهم إلا الطيش والنزق والتبعية الذليلة للكفر الأحمر والأصفر والأخضر؟؟! ذلك ما نؤمله ونرجوه إن شاء الله تعالى.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>