< هل تلزمون أنفسكم بمعايير مرجعية في كتاباتكم الأدبية؟
> يتميز الأديب/الشاعر المسلم عن غيره بنظرته القرآنية إلى الحياة بتفاصيلها وإلى جميع أشياء الكون وأجزائه وحيثياته. إن نظرته لا تجعل الشعر خارجاً عن فضاء العبادة بل إنه دائر في محيط فلكها وسائر فيه. ومن هنا تكون تلك النظرة منسجمة مع الأصل القرآني الذي تكشفه الآية {قل إن صلاتي ونسكي ومحيايْ ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}. وعليه، كان من الثوابت المرجعية التي أسَّسْتُ عليها قوْلي الشعري أن يكون متمسكاً بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فإن تمسَّكَ بغيرهما زلَّ وضَلَّ وحَقَّ في قائله قول رب العزة جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : {والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون إلا الذين آمنوا..}. ومن ثم كان الإيمان أو اسلامية الشاعر أصلا لابدّ منه، ومعياراً لازماً للحكم على انتماء القصيدة إلى الأدب الاسلامي، كما أن درجة الاعتصام بالوحي عند القائد/الشاعر لابد وأن تتكشّف في القول/الشعر، فكل إناء ينضح بما فيه. ليس معنى هذا أن تفسر القصيدة آيَ القرآن أو كلام النبوة بلغة الشعر لتحوز شرف الانتماء إلى الأدب الإسلامي، وإنما يكفيها شرفاً أن يشكل الوحي نوراً تهتدي به في حديثها عن الذات والعالم إدانةً لظلمات العبث والزيغ والظلم والاستبداد وترسيخاً لقيم الحق والعدل والصبر والحرية والاهتداء.
ولما كان المسلم ميَّالاً بفطرته التي لا تنافي شريعته إلى النظافة والأناقة والجمال، ألْزمتُ نفسي أن يكون شعري نظيفاً وأنيقاً وجميلاً، لأجل ذلك كان لابد من الاعتناء بأبعاد المعيار الثاني الذي تقاس به أدبية النص وهي التي أشار إليها الأستاذ د. عبد الرحيم الرحموني وأجملها في التصوير والتخييل والانزياح والايقاع..
>> مصطفى أبو البركات
< كيف تفسرون عزوف شريحة عريضة من الشباب عن متابعة الإبداع الأدبي؟ وما رأيكم فيمن يرجع ذلك إلى الغموض الذي تتسم به جملة من هذه الإبداعات؟
> إن ظاهرة العزوف عن متابعة الإبداع الأدبي ليست حكراً على الشباب فقط، وإنما هي حالة مرضية في مجتمعنا تتقاسمها كل فئاته من شباب وشيب، ويمكن إرجاع ذلك إلى عدة أسباب منها ما يتعلق بطبيعة هذا الإبداع، ومنها ما يتعلق بالمتلقي نفسه، ومستوى وعيه وثقافته وإدراكه.
أما ما يتعلق بطبيعة الإبداع الأدبي، فيمكن إجماله فيما يلي :
- خروج الكثير من أدبائنا الشباب من دائرة الأدب الجاد الهادف، وسقوطهم في مواضيع تصل إلى دركة الترهات والهرطقة.
- التمذهب بالأدونيسية في الشعر، والمغالاة في ذلك، حتى فقد الشعر حلاوته وطلاوته، فتسمع نثراً لا روح فيه ولا معنى.
وأما ما يتعلق بالمتلقي نفسه، فأجمله -أيضا- فيما يلي :
- عدم اعتراف المتلقي بأهمية الأدب ودوره الخطير في الحياة العامة.
- الابتهال بالمادية، والانشغال بالمطالب المعيشية، فلا يجد الإنسان متسعا من الوقت، يجعله يستمع إلى نص أدبي جميل، أو يستمتع بإنتاج رائع.
- تراجع المستوى الثقافي للشباب، بسبب القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لذوقهم الجمالي والحسي، بما تَعُجٌّ به الساحة من انحطاط فظيع ورديء على جميع المستويات من شعر وقصة ومسرح وموسيقى، وغيرها من الأجناس الأخرى.
أما إرجاع ذلك إلى الغموض الذي تتسم به جملة من هذه الإبداعات، فيمكن أن يكون أحد العوامل في إعراض المتلقي عن متابعة الإبداع الأدبي، فكأنما المبدع يسعى إلى حتفه بنفسه، فبدلا أن يجْعل الإتقان نهجَه، والإحسان -ما أمكن- سبيله، للفْتِ الانتباه إليه، ولشَدِّ النظر إلى إبْدَاعِه، والله الكريم قد كتب الإحسان في كل شيء، حتى في القِتلة والذبح، للحديث ا لنبوي : >إن الله تعالى كتب الإحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة، وإذاً ذبحتم فأحْسِنوا الذّبحة< فما بالك في الإبداع؟
أقول : بدل أن ينهج المبدع هذا النهج في الإتقان والإحسان نجده ينهج سبيلا آخر، وينحو منحى غريبا يزداد فيه بعداً عن الإبداع الجاد، وبغضا من طرف المتلقي، وتلك هي الطامة الكبرى، وداهية الدواهي، ولا حل ولا قوة إلا بالله العي العظيم.
>> محمد حافظي
< هل تلزمون أنفسكم بمعايير مرجعية في كتاباتكم الأدبية؟
> ممكن، على أن لا تفرغ الأدبية من محتواها، لأن الكتابة إلهام، فإذا أصبحت المواضيع تفرض، فلن يبقى هناك أدب بل مواضيع انشائية.
المرجعية، يجب أن تكون مصدرا للالهام، وخطأ يتبع، في حين أن أدبا خطه غربي، فكيف نُقَوْلِبُه في خطنا دون نجعله نسبيا.
المرجعية، خطوة عريضة، تتحكم في مصير الابداع ولا تطوقه.
< ما حدود صلتكم بالتراث الأدبي العربي، وإلى أي حد يمكن لهذا التراث أن يكون قاعدة خلفية لنهضة أدبية جديدة؟
> صلتي بالتراث العربي، صلة المتعلق بأصوله، المعتز بجذوره، من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى آخر نفس في نهضتنا العربية، مطالعة، ودفاعا واستلهاما.
يمكن بالرجوع إلى أمثلة تجسد ما نعيشه، تعكسه اندحارنا وتحمل حل نجدتنا من الغرق.
اننا نحتاج إلى رجالنا الأوائل، من صحابة وتابعين و.. لكي نستفيد من حكمهم، ولكي يزكو حماسنا بأخلاقهم لنقتدي بهم.
< كيف تفسرون عزوف شريحة عريضة من الشباب عن متابعة الإبداع الأدبي؟ وما رأيكم فيمن يرجع ذلك إلى الغموض الذي تتسم به جملة من هذه الإبداعات؟
> رأيي في قلة مواردهم المالي، وغلاء المنتوج الأبي، لأن أغلبهم طلبة أو عاطلين، وأقترح فتح مكتبات للكتب العربية، كما هي المعاهد الفرنسية وغيرها، واحدة لكل جهة على الأقل، عندها نحكم.
وهوليس لغموض الأدب، لأن الأدب ماابتعد عن المتداول واقترن بالانسان.
< ما مدى معرفتكم واطلاعكم على الأدب الإسلامي الحديث؟، وما رأيكم في مسيرة هذا الأدب؟
> أطن أن الإجابة عن هذا السؤال مقترنة بسابقه، لان عدم توفرها بأثمنة مناسبة في الأسواق، وغلائها، وعدم وجودها في المكتبات.
وأطن أنه يمكن أن يمضي قدما إذا كانت هناك تشجيعات للأدباء الشباب.
>> بشرى لحمداني
<هل تلزمون أنفسكم بمعايير مرجعية في كتاباتكم الأدبية؟
> “الإلزام” لفظ قوي يُفزع الكتابة الإبداعية التي ترفض المقاييس والمعايير، لكن -مع ذلك- لا يمكن أن نتحدث عن كتابة أدبية بمعزل عن مرجعيات متنوعة، أي عن ثقافات متعدّدة تتسرّب بوعي -وبغير وعي المبدع- إلى كتاباته.
لكن ما أُلزم به نفسي عند كتابة محاولاتي الابداعية هي الرّؤيا الإسلامية التي تحكم تصوّري وترسم غاياتي.
< ما حدود صلتكم بالتراث الأدبي العربي، وإلى أي حد يمكن لهذا التراث أن يكون قاعدةخلفية لنهضة أدبية جديدة؟
> صلتي بالتراث الأدبي العربي وطيدة ومتنوعة وأرى أن تكون لا منتاهية، لأنه معين لا ينضب.
نعم التراث العربي ينبغي أن يكون خلفية لنهضة أدبية جديدة، وقد كا ن -من قبل- كذلك فلا يمكن أن يتأسس أي ابداع من فراغ، لابد من تراكم معرفي يستفيد منه المبدع ليُروّي ويُصقل تجربته خاصة إذا كانت هذه التجربة شعرية.
< كيف تفسرون عزوف شريحة عريضة من الشباب عن متابعة الإبداع الأدبي؟ وما رأيكم فيمن يرجع ذلك إلى الغموض الذي تتسم به جملة من هذه الإبداعات؟
> من بين الأمراض الخطيرة التي أصابت المجتمع العربي وخاصة المغربي عزوف شريحة عريضة من الشباب عن متابعة الابداع الأدبي وهذا راجع إلى أسباب كثيرة أهمها :
- غلاء الكتب يوازيه ضعف القدرة الشرائية.
- غياب تربية ممنهجة ترسخ حبّ المطالعة، هذه التربية تبدأ من الأسرة الصغيرة فأسرة التعليم (المدرسة، الجامعة).
- شعور عدد كبير من الشباب بإحباطات نفسية مردّها إلى الآفاق المسدودة، والمستقبل المجهول.
- عدم استغلال ا لتقدم التكنولوجي الإعلامي وخاصة شبكة الانترنيت لفتح مواقع لفتح تثقيفية للشباب تقف ضدّ بعض المواقع المخرّبة للحقول والجارفة للأخلاق.
أما مسألة الغموض فينبغي التمييز بين الغموض الفني، والغموض من أجل الغموض، فالأول عنصر ومكوّن لا يقل أهمية عن مكونات الشعر. أما الثاني فهو عنصر سلبي من بين العناصر والأسباب المذكورة أعلاه التي يمكن أن نفسّر بها عزوف الشباب عن متابعة الابداع الأدبي.
>> عبد المجيد علوي اسماعيلي
< هل تلزمون أنفسكم بمعايير مرجعية في كتاباتكم الأدبية؟
>من الضروري أن تخضع الكتابة الأدبية لأدوات منهجية ومعايير مرجعية يمكن اختصارها فيما يلي :
أ- الأمانة العلمية.
ب- الصرامة المنهجية.
ج- ضبط المصطلحات الأدبية وتحديد الأجهزة المفهومية المستعملة.
د- بلورة الأفق الجمالي المراد التعبير عنه بصورة أدبية دالة.
هـ- التوثيق العلمي وتحري الموضوعية والصدق والوضوح.
و- مراعاة وظيفة الابداع باعتباره انخراطا في المعارك الحضارية والتحديات الاجتماعية والفكرية التي تواجهها الأمة (البعد الرسالي للإبداع).
ي- استثمار المكونات اللغوية والجمالية للآخر شريطة المحافظة على القيم الحضارية والدينية الأصيلة للأمة.
< ما حدود صلتكم بالتراث الأدبي العربي، وإلى أي حد يمكن لهذا التراث أن يكون قاعدة خلفية لنهضة أدبية جديدة؟
> ننكب على قراءة المصادر النقدية والبلاغية والنحوية والدواوين الشعرية العربية القديمة، خاصة ما تعلق منها بتلك التي تبسط تصوراً معرفيا مدافعا عن الثقافة العربية الإسلامية.
- يمكن استثمار الإشراقات المضيئة والقيم التربوية والأخلاقية والروحية التي يحفل بها التراث الأدبي العربي من خلال تعليم الناشئة الكنوز الثمينة والدُّرر الثرة التي يطفح بها تهذيبا للأذواق وصقلا للمواهب وربطا لحاضر الأمة بماضيها الأدبي المجيد في أفق بناء الشخصية الأدبية والنقدية المسلمة.
- ضرورة انفتاح الناشئة الأدبية على الكتابات الأدبية والنقدية والمنهجية واللغوية للآخر من أجل خلق وتجسير التواصل بين المعمارية الجمالية التراثية والأفق الجمالي للآداب الأخرى.
- أهمية غربلةواختيار مقروءاتنا التراثية التي تنسجم وقيمنا الإسلامية الأصيلة.
< كيف تفسرون عزوف شريحة عريضة من الشباب عن متابعة الإبداع الأدبي؟ وما رأيكم فيمن يرجع ذلك إلى الغموض الذي تتسم به جملة من هذه الإبداعات؟
> العزوف عن متابعة الإبداع الأدبي من طرف شريحة عريضة من الشباب يعزى إلى ما يلي :
أ- طبيعة ونوعية الكتابات الأدبية المتداولة وهي كتابات على العموم إباحية فضائحية لا أخلاقية.
ب- ضعف المواكبة النقدية الجادة للكتابات الأدبية الأصيلة، خاصة ما تعلق منها بالأدب الإسلامي شعراً كان أم قصة أو رواية أم مسرحا.
ج- ارتفاع أثمنة بعض الكتب الأدبية الموجودة في الأسواق.
د- ربط بعض الشباب المقروئية بالانتاجية والمردودية المادية الآنية أو المستقبلية.
هـ- أهمية وضوح التصور الجمالي للمبدع.
و- أثر وسائل الإعلام في عدم تكريس تقاليد وطقوس القراءة ونشرها بالمقابل لثقافة الفلكلورات والمهرجانات والعلمانية والفرنكفونية.
ي- ليس الغموض عيبا في الانتاجات الجمالية التخييلية، شريطة أن يكون غموضا إيحائيا رمزيا دالا (بلاغة الغموض).
< ما مدى معرفتكم واطلاعكم على الأدب الإسلامي الحديث؟، وما رأيكم في مسيرة هذا الأدب؟
> يخطو الأدب الإسلامي ا لحديث، والحمد لله، خطوات جبارة من حيث اكتساح الساحة النقدية والأدبية، وفي كل الأنواع الأدبية ماعدا ما تعلق منها بالنصوص المسرحية، وقدراكم هذا الأدب تجارب جمالية متميزة من خلال بعض الرموز الإبداعية كـ : نجيب الكيلاني رحمه الله، عماد الدين خليل، حسن الأمراني، محمد علي الرباوي، أمينة المريني، والبقية ستأتي لاحقا إن شاء الله، لأن أول الغيث قطرة، وخطوة الألف ميل تبدأ بالخطوة الواحدة.
>> نبيلة عزوزي
< هل تلزمون أنفسكم بمعايير مرجعية في كتاباتكم الأدبية؟
> هل الأديب المسلم -فعلا- محاصر بمجموعة من الحدود والضوابط الشرعية؟! سؤال طرح أكثر من مرة، حسب تجربتي المتواضعة، فاني أحلق -في كتاباتي- بكل حرية، دون التقيد بمدرسة شرقية أو غربية، والإحساس بهذه الحرية يعطيني فضاء أرحب للابداع.. فكما أني حرة في حياتي ضمن الضوابط الشرعية، فإني حرة أيضاً في كتاباتي، وهنا تحضرني مقولة أستاذنا الفاضل د. الشاهد البوشيخي خلال الملتقى الأول للأدباء الشباب : “اقرأ القرآن، تشبع بالقرآن وفِض أدباً!” فالقرآن الكريم -المعجزة على كل المستويات- يحرر الأديب المسلم، ويجعله يكتب أدبا رقراقاً طاهراً تعشقه الفطرة. فالأدب الإسلامي أدب فطرة، لا أدب خطب ومواعظ، كما يُتهم به، ولنا في قصة يوسف عليه السلام أحسن مثال. تعبير عن تردي النفس (زليخا التي تمثله) وسمو النفس عن الطين الآسن والشهوة البهيمية (والذي يمثله يوسف عليه السلام)، ثم توبة زليخا..
إذن، يستطيع الأديب الإسلامي ا لتعبير عن أي موضوع، انطلاقاً من المحرمات كالخمر والزنا.. أو عن الطبيعة أو عن التكنولوجيا.. ولكن، بأسلوب فني راق.
< كيف تفسرون عزوف شريحة عريضة من الشباب عن متابعة الإبداع الأدبي؟ وما رأيكم فيمن يرجع ذلك إلى الغموض الذي تتسم به جملة من هذه الإبداعات؟
> عزوف الشباب عن متابعة الابداع الأدبي، يعود إلى عدة أسباب منها : عصرنا الذي أصبح عصر الصورة والانترنيت والرياضة، كما أن مناهجنا المدرسية -وللأسف- تنفر الشاب من المطالعة الحرة والابداع، وتفرض عليه نصوصا للحفظ حتى وإن لم يفهمها أو يتذوقها، فهي لا تربي فيه عادة القراءة.
كما أن الشاب قد يقرأ، ولكن يقرأ كتابات استهلاكية تساير “موضة العصر” كجرائد الأرصفة، أو “أدب” الغراميات المترجم أو العربي المنحط الذي لا همّ له إلا ضرب الثوابت العقدية والقيم.
وقد يكون أيضاً نتيجة الغموض الذي تتسم به جملة من الابداعات لكن، الأدب الإسلامي يتسم بالوضوح، ولا يغرقك في أساطير وآلهة العصور البائدة والمصطلحات المستوردة.
وأعتقد أنه على المبدع الإسلامي أن يتواصل مع هذه الفئة الشابة، ويمد نحوها جسراً، وأن يعلم جيداً أن ما كان من القلب يصل إلى القلب، فالفطرة السليمة بذرة في كل شاب، وستَجْدِبُه فطرته إلى الأدب الإسلامي إذا فتح له أحضانه.
>> أحمد ناوري
< كيف تفسرون عزوف شريحة عريضة من الشباب عن متابعة الإبداع الأدبي؟ وما رأيكم فيمن يرجع ذلك إلى الغموض الذي تتسم به جملة من هذه الإبداعات؟
> أظن أن عزوف شريحة من الشباب عن متابعة الإبداع الأدبي يرجع إلى أسباب كثيرة وعوامل متضافرة تؤدي في مجموعها إلى ذلك العمل السيء الذي يقع تأثيره السلبي على الجمهور المتلقي المقصود به عامة القراء المفترضين :
1) وجود نسبة من الأمية واحد من هذه الأسباب وليس أبرزها ولكنه أكثرها حضوراً في الذهن نظراً لطبيعة العائق المستديم التي يشكلها.
2) وجود تطورات صارفة في حياة الناس، منها استخدام تقنية الحاسوب والاستفادة من شبكة المعلومات العالمية ووجود قنوات عديدة مستقطبة للجمهور المقصود.
3) طغيان قيم الاستهلاك المصبوغة بالتهافت على تحصيل اللذات واقتناص الشهوات المقترن باقتصاد السوق الذي توجهه الاعلانات وتترأسه المجموعات المستفيدة والشركات الكبرى فهذا يلقي بظلال قاتمة على الثقافة و القراءة والمقروئية.
ويمكن حصر العديد من المظاهر الجلية والخفية التي تُؤَثر بالسلب على المقروئية من حيث هي مقرونة بالجانب الموضوعي كما يمكن حصر مظاهر أخرى من حيث اقترانها بالجانب الذاتي فالحضيضية دون الارتقائية والغموض والالتباس تُخَلِّف مسافة بين المبدع والقارئ المفترض.
أحياناً ما يخْلُق تلك الهوة هو التجريب والمغالاة في حث السير على طريق التجريب. التجريب المتعثر غير المتواصل ولا المؤسس الذي يحترم اللبنات السابقة والبنيان الأصل بل يمضي إلى إنكاره وهدمه والتوجه غربا في اغتراب يوغل في الاغتراب.
>> ربيعة المنصوري
< هل تلزمون أنفسكم بمعايير مرجعية في كتاباتكم الأدبية؟
> الحقيقة، أن الكتابة الابداعية هي رحيل في أغوار النفوس والمجتمع هي مغامرة قلب غابات الحرف وأشجار الكلمة النبيلة، ولكن بين هذا وذاك، يبقى السفر منطلقه إعادة البناء الذي شوهته بعض الأقلام، وبالتالي فهو يقتضي الالتزام بمعايير معينة وبقيم تستند على مرجعيتنا المقدسة. ومن ثم فأنا ألتزم بمقاييس التعبير النقي الذي يفصح عن مكنوناته دون الإخلال بأخلقيات نعيش على وترها.
< ما حدود صلتكم بالتراث الأدبي العربي، وإلى أي حد يمكن لهذا التراث أن يكون قاعدة خلفية لنهضة أدبية جديدة؟
> إن التراث هو التراب الأول، الذي تتم فيه نشأة العمل الإبداعي، فهو الموروث الحقيقي الذي نعتمد عليه في كتابتنا المعاصرة، القرآن بلغته المعجزة، الحديث النبوي بتعبيراته السلسة، الشعر العربي القديم، الحكم، النوادر.. هذا الموروث لا يمكن الاستغناء عنه أبدا.
< كيف تفسرون عزوف شريحة عريضة من الشباب عن متابعة الإبداع الأدبي؟ وما رأيكم فيمن يرجع ذلك إلى الغموض الذي تتسم به جملة من هذه الإبداعات؟
> إن عزوف الناس عن متابعة الابداع الأدبي هو نتيجة أسباب كثيرة، فنحن رغم أننا أمة اقرأ فنحن لا نقرأ، ولكنني شخصيا، أعتبر هذا المشكل هو من بين الأشياء التي يجب أن نحاربها في أوساطنا، بالحث على القراءة أكثر وبإعطاء البديل أيضا، البديل الحقيقي.
لا، أبداً، فالغموض لا يلتمسه إلا من يقرأ.. والكثير هم مِمّن لا يقرأ.
< ما مدى معرفتكم واطلاعكم على الأدب الإسلامي الحديث؟، وما رأيكم في مسيرة هذا الأدب؟
> إطلاعي على الأدب الإسلامي الحديث، جعلني أدرك أن التغيير قد بدأ وأن التأسيس قد تم، وهذا شيء جميل في هذا الزمن الذي اختلطت أوراقه.. وللتركيز أكثر فإن الأدب الإسلامي يجب أن يفتح منابر أكثر، ليكشف عن الأصوات الجديدة ويزيح عنها الستار.
>> عبد الجبار البودالي