في الواجهة : {قال فرعون ذروني أقتل موسى}(من سورة غافر) وقال بوش ذروني أقتل بن لادن (وكالات الأنباء)


ليس صدام حسين هو المستهدف الوحيد بالقتل من طرف الرئيس الولد بوش، وإنما سبق هذا الكوبوي الفاشل ، إلى تهديد أسامة بن لادن.. وقال في حقه مقولته المشهورة : “اريده حيا أو ميتا”.. وإن كان لم يفرح به لا حيا ولا ميتا.

لقد سبقني لاصدار الحكم الحقيقي في حقيقة الرئيس بوش، صديقه الكاتب هارولدبلوم، وهو ناقد أمريكي ذائع الصيت، حين قال بأن >جورج بوش سياسي فاشل وشبه أمي… وأضاف: بدون شك من الممكن أن يكون بوش الفاشل شبه الأمي أحد أشخاص مسرحية هاملت< ( العلم عدد 2 شتنبر 2002)

وأعجبني الرئيس الأمريكي السابق، كلنتون حينما صرح بأنه كان على الرئيس بوش أن ينجز تهديداته بشأن أسامة بن لادن قبل أن يبدأ بتهديد العراق.

كما أن مبادرة الكاتب الأمريكي “جامي دوران” بكتابة تقرير عن مجازر الأمريكيين في الأفغانستان وهو التقرير الذي قوبل بمطالبة الصحفي الفرنسي لورانس جوردان بفتح تحقيق دولي في مجازر أفغانستان ( لوموند دبلوماتيك، شهر شتنبر 2002) كلها مبادرات أصبحت تقرب المسؤول الأمريكي الأول من مواجهة تهم جرائم الحرب.

الكاتب دوران صاحب مبادرة التقرير والذي تحدث عن الطرق التي أعدم بها الأفغانيون المسلمون من وضع عشرة في كل برميل للنفط، وإطلاق الرصاص عليهم، إلى قطع ألسنة الآخرين، إلى الجبال المكومة التي عثر عليها الصحفيون لمئات الجثت التي أصبحت أطرافا مكسرة وجماجم بيضاء.. وأضاف الكاتب أن الروايات المنقولة عن شهود عيان، تؤكد أن الجنود الأمريكيين والمتحالفين معهم كانوا يشعرون باللذة والنشوة وهم يقطعون أوصال المسلمين الأفغان.

ومن يقرأ رسائل المسلمين والعرب المعتقلين المسلسلين المقيدين في سجون كوانتانامو منذ حوالي ستة شهور، والذين صدر خبر مؤخرا مفاده أنهم سيقضون في سجنهم سنوات عديدة، يفهم مدلول المعنى الحقيقي لحقوق الإنسان، كما أصبحت الولايات المتحدة الديموقراطية (…) تفهمها.

وقد لاحظتم أني لم أنقل أية فقرة عما كتبه كتاب عرب أو مسلمون في حق هذا الفرعون الجديد، الذي علا في الأرض … وان كان فرعون الأول، اتخذ الأسباب للصعود إلى السماء، ولم يهدد بالقتل أحدا إلا نبي الله موسى، حينما {قال فرعون ذروني أقتل موسى}(غافر) بينما بوش يريد قتل صدام حسين، وأسامة بن لادن، وكل الملتحين الذين ألصقت بهم صفة الانتماء للقاعدة، تاركا لشريكه شارون اليد مطلوقة لقتل الفلسطينيين، شيوخا ونساء وأطفالا.. حتى بعدما أوقفوا العمليات الفدائية، التي يظهر أنها كانت الرادع الوحيد لطغيان اسرائيل.. ولعلي أعير بوش بالعجز، عل الشماتة يصبح رجلا.. ويعلن الحرب على العراق.. حرب أصبحنا جميعا، نحن المهانون الأذلاء، الخائفون، نتمنى أية فرصة وأية ضربة … توقظ مليارا ونصف من المسلمين، وصفعة توقظ نصف مليار من العرب.

عربا ومسلمين، من أقصى ماليزيا إلى أقصى المغرب، أصبحوا يفسرون المواقف المعلنة  للرئيس بوش حربا عليهم، لايمكن أن يغطيها قوله بانه ليس ضد العرب ولا المسلمين. والذين حذروا بوش من مهاجمة العراق، وفيهم رؤساء دول لازالوا يتمتعون بالحصافة والعقل (…) يجهلون المقاصد الحقيقية لبوش من إعلان عدائه لرئيس العراق، رغم ان ذلك اتضح جليا عندما أعلنت بغداد قبول عودة مفتشي الأسلحة لاستئناف مهامهم في العراق، لكن بوش تمادى في غطرسته وأصر في تصريح له، أن “الوقت قد حان للتحرك ضد صدام لضمان السلام، ولأن تتحرك الأمم المتحدة” وقد نشرت أخبار بأن بوش سيستعمل أسلحة ذرية لضرب شعب العراق.. تلك المقاصد المسطرة لاحتلال منابع النفط العراقي، ثاني مصدر للبترول في العالم.. ولا  يثنيه  عن البدء في الهجوم، إلا خوفه على “الشعب” الإسرائيلي الذي ستتساقط عليه الصواريخ العراقية. ولذلك يريد بوش أن تنزل قوات عالمية لتجريد العراق من أمكانيته العسكرية، قبل ان يبعث مجموعة المرتزقة العراقيين في نيويورك، لاستلام الحكم في العراق.

وكما يجهل الرؤساء العالميون النوايا الحقيقية لبوش، فان بوش نفسه يجهل الواقع الحالي للعالم ا لعربي والذي أصبحت شعوبه على قاب قوسين أو أدنى من الانفجار.. حيث لازالت بعض الديكتاتوريات الفاسدة، وبعض الزعامات المرهونة في البورصة الأمريكية، تمارس سياسة الاستسلام للطغيان الأمريكي والا سرائيلي، بشكل لم يسبق له نظير، حيث لم يبق أحد يرفع رأسه، من المحيط إلى  الخليج، بل تولت أجهزة بعض الانظمة العربية، النيابة عن الأجهزة الأمريكية في تعقب المسلمين وتهامهم بأنهم إسلاميون(…) وحرق الكتب الدينية التي كانت وسائل الدعوة المحمدية منذ أربعة عشر قرنا، وهو مخطط يرمي في منتهاه إلى  احتلال الأراضي السعودية وإخضاع مكة والمدينة إلى الاحتلال ا لاسرائيلي لتصبح تأشيرات الحج تسلم في القنصليات الأمرييكية والاسرائيلية، ولا مبالغة، فالذي قرأ ما كتب مؤخرا في الصحافة الأمريكية عن النظام السعودي وضرورة تجزئة المملكة السعودية إلى دويلات، واتهام السعودية بأنها هي التي أسست القاعدة، وبالتالي مطالبة السعودية بتعويض سكان نيويورك على خسائرهم المادية والبشرية في هجمات 11 شتنبر، يفهم أيضا مدلول الصداقة عند الأمريكيين.

إنه مخطط أبعد من صدام حسين، الذي لم يضرب أحدا بعد أن ضربه العالم الغربي كله في 1991. وضرب عليه حصارا لتجويع شعبه..ولأنه لم يستسلم ولم يطأطئ الرأس،مستمدا مدلول الكرامة والإباء من تاريخ العراق العريق، فإن بوش وقف أمام الأمم المتحدة،بصفته رئيس أقوى دولة في العالم ليتكلم ساعة كاملة عن صدام حسين ليعبر عن الوجه الحقيقي الذي يمزق أحشاءه هو وحلفاؤه الاسرائيليون، ولم يتوان عن التعبير عن حقده، حينما واخذ في خطابه الرئيس صدام حسين، لأنه يجتمع في مكتبه مع العلماء من المقربين إليه.

وبأي حق يجتمع صدام حسين في مكتبه دون أن يكون قد أخذ الترخيص من البيت الأبيض، ولماذا لم يترأس رئيس حكومة العراق،قداسا في احدى كنائس بغداد للترحم على أرواح ضحايا 11 شتنبر.

لقد فضح رئيس الحكومة الاسرائيلية الأسبق، “ناتانياهو” بعد أن توجه من واشنطن إلى مونريال وصرح على استعجال للصحفيين: “أننا بعد القضاء على صدام حسين، سنتكفل بالقضاء على بؤر الإرهاب في ليبيا وإيران”.

وإذا كان التيار الاسلامي، قد هزم العجرفة الأمريكية في أفغانستان، ببقاء قوات طالبان مستمرة في ضربها للقوات الأمريكية، وهزم  القوات الامريكية التي سمعنا أنها توجهت إلى الفيليبين للقضاء على المعارضة الإسلامية، ولكننا لم نسمع بعد ذلك أي صدى لأي انتصار حققه الأمريكيون على القوات الإسلامية العتيدة، بعدما  فشلت كل المحاولات لإشفاءغليل الرئيس بوش، وتقديم أسامة بن لادن في قفص أمام كاميرات المصورين، فإننا نتأسى لحال رئيس أكبر دولة ديموقراطية في العالم، وهو يتحنقز بين طموحاته وأهدافه.. لدرجة أن تونسيا اعتقل حاملا لسلاح، أثبت القضاء الألماني أنه لاعلاقة له بأية منظمة، فأصرت حكومة بوش على المطالبة به لأنه لاشك أن له علاقة بالقاعدة، بينما ضحك العالم حتى استلقى على قفاه حينما أعلنت الطوارئ في فلوريدا بعد أن قالت أمريكية معتوهة بأنها سمعت ثلاثة عرب في مطعم يتحدثون عن 11 شتنبر، فانقلب الحي وجاءت قوات رهيبة للبحث..ليتأكد أن ما يسميه الأطباء النفسيون بالهوس هو الذي أصاب المسؤولين الأمريكيين.

وإذا ماقرر بوش ضرب العراق، فإنه سيقدم للأمة العربية خدمة لن تنساها له أبدا.. وبعد أن كانت الإدانة العالمية لمشروع الهجوم على العراق، عبارة عن حكم صادر في  حق القوةالأمريكية، فإنه أيضا سيكون مبررا للشعوب العربية، لكي تعلن عن غضبها وقاسما مشتركا بين القوات الإسلامية والشعوب العربيية، لنرد الصاع صاعين.. مادام البادي أظلم.

وهو حال.. لايضمن أحد سلامته بالنسبة للعراق ولا للعرب ولا للمسلمين. ولكن ماذا  سيخسر العرب والمسلمون، مستقبلا ..وهم الذين خسروا كل شيء فيما قبل.

بقلم مصطفى العلوي

—–

(ü) المدير المسؤول ورئيس تحرير صحيفة الأسبوع المغربية.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>