رؤية تحليلية : العنوسة.. مشكلة جيل أم فهم لجيل جديد؟ 2


إن هذه المشكلة برغم اختلاف أسبابها وظواهرها فإنها موجودة في جميع البلاد العربية باختلاف ظروفها ومجتمعاتها.. ولكنها تعبر عن نفسها بصورة مختلفة؛ فالأرقام كما تفزعنا في مصر (9 ملايين عانس وعزب) تقابلها الجزائر بثلث تعدادها عوانس وعزاب، والإمارات 68%، 26%: السعودية، وقطر، والأردن، ولبنان، والكويت، وفلسطين.

إذن فالمشكلة تخطت الحدود.. وهذا أكبر إثبات على أن المشكلة ليست اقتصادية فقط؛ فإن دول الخليج تئن وتصرخ مثل مصر والأردن والجزائر برغم الفارق في المستوى الاقتصادي ودخل الفرد هنا وهناك.

حتى ادعاء أن المغالاة في المهور في دول الخليج هي السبب لا تفسر وحدها انتشار الظاهرة هناك.. فهل كل عائلات الفتيات ذات مستوى مادي مرتفع، وتطالب الشاب بمطالب مرتفعة وكل أسر الشباب فقيرة، ولا تستطيع تحمل تكاليف الزواج؟! إذن فمن هم هؤلاء الشباب العرب الذين يسافرون للسياحة في أوروبا، وينفقون آلاف الدراهم والريالات هناك، ثم يعزفون عن الزواج لارتفاع تكاليفه؟!!

إن المشكلة الكبرى أن ينظر لتأخر سن الزواج من منظور واحد، أو أن يفسر على أساس سبب واحد، وإنما تعدد الأسباب وترابطها وتشابكها هو ما يزيد المشكلة تعقيدًا.

أسباب المشكلة

يمكن إجمالها في:

1. أسباب اجتماعية     2. أسباب نفسية

3. أسباب اقتصادية    4. أسباب سياسية

5. أسباب تربوية      6. أسباب ثقافية وفكرية

أولا : الأسباب الاجتماعية

تتمثل في:

* غياب المفهوم الصحيح للزواج كسكن ومودة ورحمة.. قبل أن يكون شكليات ومظاهر.

* غياب دور الأسرة في توعية أبنائها، وتربيتهم على تحمل المسئولية، وتفهم معنى الزواج، وإعداد أبنائها وبناتها للقيام بهذا الدور.

* غياب دور المؤسسات الاجتماعية والهيئات غير الحكومية فيمحاولة إيجاد حلول عملية واقعية تتناسب مع كل بيئة ومجتمع في مجتمعاتنا.

* الاستسلام والانسياق وراء ما يبثه الإعلام من مفاهيم مغلوطة عن الأسرة والزواج ومتطلباته.

ثانيا  : الأسباب الاقتصادية

وهي نوعان:

* واقعي وحقيقي: يتمثل في الارتفاع الفعلي في تكاليف الزواج خاصة مع ازدياد معدلات البطالة، وعدم وجود فرص عمل حقيقية أمام الشباب، وانخفاض مستوى الدخل خاصة في الدول غير النفطية.

*  نوع صنعناه نحن بأنفسنا، ثم فرضناه كأمر واقع.. وهو المغالاة في الجهود واستعدادات الزواج؛ حيث غابت فكرة الأسرة التي تبدأ بحياة بسيطة، ثم تنمو تدريجيًا، وتستكمل كل ما ينقص من أساسيات وكماليات مع النمو الطبيعي لدخل الأسرة، ومع مفهوم جميل غاب عنا وهو الصبر واليقين بالله تعالى، وحل محلها مفهوم جديد، وهو البيت الذي يبدأ مستكملاً كل أساسيات وكماليات الحياة العصرية، والغريب أن هذا النوع في المشاكل الاقتصادية يكاد يكون ممثلا بدرجة متساوية في الدول الغنية والدول الفقيرة، وكأننا لم نسمع عن مثل شعبي حكيم يقول: “على قدر لحافك مد رجليك”.

د. منى البصيلي- طبيبة نفسية

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>