إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
عباد الله: إن كل ما يحدث في الكون، وكل ما يقع على هذه الأرض من حوادث ووقائع، إنما هو بعلم الله وتحت عينه، ولإظهار حكمته لمن يشاء من خلقه، فلا يجهلن عاقل بقوله: لماذا لا ينصر الله عباده المجاهدين على أعدائه الغاصبين المستعمرين المجرمين، وهو سبحانه يعلم ويرى ضعف عباده وقلتهم، وجبروت أعدائه واستكبارهم. فمثل هذا السؤال لا معنى له اليوم، لأن المسلمين ليسوا قلة لا في العدد ولا في العدة، وقد علموا أن الله أمرهم بالإعداد الكبير، القوي المتنوع، فخالفوا أمره، وتركوا الإعداد للجهاد، وأعدوا وسائل الترف والعبث واللهو، فسلط الله عليهم عدوهم يستعبدهم ويذلهم، وينتهك أعراضهم امتحانا وابتلاء أو انتقاما وعقابا حتى إذا أفاقوا وتابوا وأخلصوا التعلق به، والعودة إليه كبح عدوهم وأعانهم على أنفسهم وأعدائهم. قال تعالى { ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليلبو بعضكم ببعض، والذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم}.
ومن رحمة الله وحكمته وألطافه بعباده، أن جعل اليهود يجتمعون في بلاد الشام، التي لا يرتاحون فيها أبدا ولا يطمئنون ولا يستقرون، لأن بلاد الشام هي بلاد الجهاد والفداء، بلاد الأبطال الأوفياء، بلاد المخلصين ا لشهداء، بلاد الأمهات اللائي يرغبن في الولادة ليكثر الشهداء من أرحامهن وأحفادهن، إنها بلاد تنفي الخبث، و تخلع الذل، وتعشق الكرامة، إنها البلاد المباركة حقا، المباركة بالإيمان والتقوى، المباركة بالشجاعة والإقدام، المباركة بالقرآن والسنة. قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى باركنا حوله} وقال صلى الله عليه وسلم : >اللهم بارك لنا في شامنا< ثلاث مرات. ولو اجتمع اليهود في غير بلاد الشام، لتوسعوا في البلدان، ولعظم شرهم وفسادهم في الأرواح والأبدان أكثر من بلائهم اليوم. فاعلموا هذا عباد الله، وأعينوا إخوانكم الفلسطينيين فإنما هم بذكورهم وإناثهم وكبارهم وصغارهم، وأمتعتهم وأموالهم، درء لكم، وحماية لأبنائكم وفلذات أكبادكم من شر اليهود، فوجب عليكم أن تشدوا عضدهم، بما تملكون وبما تطيقون. وتيقنوا أن اليهود لن يتركوا مسلما على الأرض دون أن يفتنوه إن هم انتصروا في بلاد الشام – لا قدر الله- فلستم بعيدين عن شرهم، وهم معكم في أوطانكم وهم لا يراعون في المسلمين جوارا ولا معروفا، لقد قال تعالى على لسانهم: {ليس علينا في الأميين سبيل} وقال عن طبيعة الكفار اللؤماء: {إنهم لا أيمان لهم}.
عباد الله : لقد رأيتم أن دولة الصهاينة في الشام، إنما هي ثكنة عسكرية يهودية أمريكية فكل اليهود مسلحون، ولا يعلم العرب كم عند اليهود من آلات الحرب، ولا الإمدادات المختلفة بالليل والنهار من يهود أوربا وأمريكا. وإن اليهود وأمريكا يعلمون ما عند العرب وما عند المسلمين من العدة الحربية. وذلك لأن العرب والمسلمين يكثر بينهم الخونة الذين يبيعون أسرارهم، أو يقدمونها خوفا على أنفسهم وحماية لمناصبهم كما يحسبون.
لقد غفل العرب والمسلمون عن كيد اليهود، واستهانوا بأمرهم، فحينما كان اليهود يظهرون الذلة والمسكنة، ويصنعون النعال، ويسكنون البوادي والأرياف، كانوا ساعتئذ يجمعون الأموال، ويعلمون أبناءهم ويشترون بعض الحكام، ويتمكنون من بعض الإدارات، وينشئون الأبناك، ودور الإعلام، استعدادا لإقامة دولتهم، وحمايتها بالأسلحة الحديثة المدمرة. فأين كان العرب يومئذ؟ كان العرب يومئذ يتطاولون في البنيان، وإنشاء المسابح المختلطة، والملاعب لفنون اللهو، وإقامة المسارح ودورالسينما والأندية “والكازنوهات” ، وإقامة البطولات في الأغاني والرقصات، والتفنين في القصور والفنادق، والتوسع في الضيعات، وكل ذلك أو جله كان بتشجيع من اليهود، وتزيين وتلميع وإشهار من إعلامهم، لينشغل عنهم العرب والمسلمون، وليلهوهم عن الجد، حتى فاجأوهم بما ترون وما تسمعون، والمخبأ عندهم أشد وأنكى.
عباد الله: هذه القيادة الأمريكية تتشفى وتنشط، وتتلذذ وتستحلي بما يفعله اليهود بالمسلمين في أرض الشام، وما أشبه الأمريكيين اليوم بالذين قال تعالى فيهم: {وهم على ما يفعلون بالمومنين شهود} وما زلنا نسمع بعض المتدخلين يصف أمريكا بأنها راعية السلام. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
عباد الله: إنما هي محنة وابتلاء، وسنة الله الماضية أن ينزل جنده من السماء على جنده المخلص في الأرض، وأن يكبت عدوه على يد الشهداء الذين يطلبون الموت ليحيوا حياة السعداء، وأن يظهر دينه، وينصر عباده عند إخلاص النية، وبذل الوسع، ولو كانوا قلة، وما النصر إلا من عند الله. وسيندم المرتجفون المتخاذلون يوم يفرح المومنون بنصر الله، اللهم ثبت أقدام المجاهدين واربط على قلوبهم، وقلل الأعداء في أعينهم، واقذف الرعب في قلوب الأعداء، فلا تنفعهم عدتهم ولا عددهم، يا قوي يا عزيز، آمين والحمد لله رب العالمين.
üüüüü
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار. وبعد :
فلقد تساءل كثير من الناس: ما الذي أصاب حكام العرب والمسلمين حتى تخلوا عن عروبتهم وإسلامهم، واستسلموا لأعدائهم وأهوائهم، وقد كثرت الإجابات تحاول أن ترفع هذا الإشكال، وتزيل هذا الاستغراب وأحسن تلك الإجابات هي أن حكام العرب والمسلمين لا يزنون الأمور بميزان الوحي، ولا يقيسون الأشياء بمقياس الشرع، وإنما يحكمون على الأشياء بما اكتسبوه من المعارف البشرية. أما فقه الكتاب والسنة، وسياسة الوحي، ونظام الإسلام في الحياة، فإنهم لا يعرفونه المعرفة المشرفة، لأنهم لم يتمكنوا من علمه، ولا وقفوا على أسراره، ولا ارتووا بغيثه، وإنما يتغذون ويرتوون من علوم الغرب، التي لا تومن بالغيب، ولا تسير على هدي الرب، وحتى الذين لهم نصيب من علوم الدين، لم يفقهوها حق الفقه، والذي فقه شيئا من ذلك لم يتذوق حلاوتها، ولم يقف على أسرارها، فلم يقتنع بها، ولم يسلم قلبه وعقله إلى نورها، فهو يتسلى بها في وقت الأمن والدعة، والرخاء والسراء، فإذا اشتد الأمر وأحاط البأس، نسي الوحي، وغفل عن ربه الذي بيده ملكوت كل شيء، وهرع إلى الأصنام يطلب منها النصر، ويستمد منها المدد، فلا يزيده ذلك إلا ذلا وخذلانا.
وكم رأينا ناسا كنا نحسبهم وقت الرخاء موحدين مخلصين، ولكنهم عند الشدة والابتلاء، استسلموا للخرافة ولجأوا إلى السحر والشعوذة، طلبا للفرج، ورغبة في الخلاص، فلم يظفروا بشيء، فخسروا دينهم وأنفسهم وأموالهم. وفي هؤلاء وأمثالهم يقول تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله، فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله، ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله باعلم بما في صدور العالمين، وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين}، وفيهم يقول عز وجل: {وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال: قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم يكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما}.
عباد الله: هل يعجز المسلمون وهم بمآت الملايين أن يؤذوا اليهود في مختلف البلدان؟ ومن عجز عن قتالهم، هل يعجز أن يلحق بمصالحهم ضررا، أي ضرر أو تحسبون أن إذاية اليهود اليوم حرام؟ كلا وألف كلا، إنهم كلهم محاربون، لا عهد لهم ولا ميثاق، وإن الشرع الإسلامي لا يحافظ على عهد الكفار والمشركين إذا ظهرت خيانتهم، وبان غدرهم. أولم تتأكدوا بعد من خبث اليهود وإجرامهم ومحاربتهم للإسلام والمسلمين؟ قال تعالى: {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يومنون، الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون، فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون. وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء، إن الله لا يحب الخائنين ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا، إنهم لا يعجزون}
عباد الله: لماذا لا يتخلى المسلمون عن شراء بضائع اليهود والأمريكان وأحلافهم؟ لماذا لا ينتقم المسلمون من اليهود في أي مكان، وبأي شكل من الانتقام؟ لماذا لا تقام معارض تكشف جرائم اليهود في البلدان العربية والإسلامية؟ أين المحاضرات والندوات واللقاءات عن تاريخ اليهود وطبائع الصهاينة؟ لماذا يقاتل اليهود بصبر واستماتة، وهم على الباطل، ويتخاذل العرب والمسلمون عن حقهم وأرضهم وتاريخهم وسيادتهم وهم على الحق؟
أيها المسلمون اصدقوا الله في طلب الشهادة، فإنها منحة من الله، يكرم بها من يشاء، وليس ينالها كل راغب فيها، وقد تضيع الفرصة، ويحال بينكم وبين الشهادة.
عباد الله: هذا أوان تكفير الذنوب هذا أوان التطهر من الكبائر والصغائر هذا أوان التوبة، توبة الأفراد والأمم والحكام. ولا يدري الفرد منا متى يحين أجله فيحال بينه وبين التوبة، ولا يدري الخلق جميعا متى تطلع الشمس من مغربها، فيسد باب التوبة على الجميع، وها هو ذا سبحانه يتيح الفرصة للعصاة من خلقه، ولن تكون لأحد حجة عليه يوم لقائه.
د. محمد أبياط