افتتاحية : {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما}


أصدر الكونجرس الأمريكي الشهر الماضي قانوناً يقضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو قانون يحمل في طياته الاعتراف الكامل بأن القدس عاصمة أبدية للدولة المحتلة لفلسطين وغيرها من البلاد العربية بما فيها القدس أولى قبلة المسلمين ومسرى الرسول الأمين، ضاربا عرض الحائط بالشرعية الدولية التي طلبت من الدولة المحتلة عام 67 بأن تمتنع عن كل الإجراءات التي اتخذتها في شأن القدس، والتي من شأنها تغيير أوضاعه، وتكرر الطلب مرة أخرى من مجلس الأمن سنة 69، حيث طلب من الدولة المحتلة إبطال جميع الإجراءات التي تؤدي إلى تغيير وضع مدينة القدس، بل ويصدر مجلس الأمن سنة 71 قراراً يجعل كل الإجراءات المغيرة لوضع القدس لاغية كليا، وفي سنة 80 يقرر مجلس الأمن عدم الاعتراف بكل قوانين الدولة المحتلة التي تستهدف تغيير معالم القدس ووضعه، ويدعو الدول إلى سحب بعثاتها من المدينة المقدسة.

إذن فالشرعية الدولية الممثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لا تعترف بكل تغيير لمعالم مدينة القدس ووضعها التاريخي، والشرعية لا تعترف بنقل البعثات الدبلوماسية إلى القدس، وتعتبرها غير قانونية.

أما الشرعية الإسلامية فتقول : إن رسولنا محمداً  تسلم الإمامة والمفاتيح من جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام ليلة الإسراء عندما جاءوا لاستقباله وتوديعه، وارتضوا به إماما لهم. وبذلك تكون أمانة المحافظة على القدس ورعاية شؤونه قد وُضعت على كاهل الأمة الإسلامية وارثة الرسالة الخاتمة، وإن كان ا لتسليم الرسمي لم يتم إلا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ومن ذلك الوقت والقدس بيد المسلمين لم يخرجها من سلطتهم إلا الصليبيون في فترات تاريخية، عمل المسلمون بعدها على استرداده ورده إلى وضعه الطبيعي نهائيا على يد قادة وأبطال مجاهدين.

< فالتاريخ يشهد للمسلمين بحقهم في القدس.

< والشرعية الإسلامية تشهد للمسلمين بحقهم في القدس.

< والشرعية الدولية تشهد للمسلمين بحقهم في القدس.

فما بال المسلمين لم يحركوا ساكنا أمام قرار الكونجريس الأمريكي. وما بال القادة لم يبادروا لعقد اجتماع عاجل يتدارسون فيه الأمر، ويردون على القرار الجائر بقرارات عادلة تلقن الظلمة درساً في احترام الشرعيات الربانية والإنسانية، ودرساً في الاستهانة بحق الشعوب وكرامتها.

فهل فقد قادتنا ثقتهم في الله تعالى الذي نصر أولياءه على أعداء الملة والدين كلما أخلصوا النصرة لدينه ورفع كلمته؟؟ وهل استهانوا بالتهديد الرباني الذي هددهم بالعذاب والمحو من التاريخ؟؟ ،{إلا تَنْفِرُوا يُعذِّبْكم عَذَاباً أليما:ً ويَسْتَبدِل قوماً غيرَكُم ولا تَضُرّوه شَيئاً واللّه على كُلِّ شَيْءٍ قدير}(التوبة).

أملنا في الله قوي في أن يكون القانون الأمريكي الظالم نذيراً مدوياً للشعوب الإسلامية بقممها وقواعدها لجمع الكلمة وتوحيد الصف للوقوف جبهة واحدة أمام الطغيان والظلم اللذين لا يعرفان حدوداً ولا تقيدا بأخلاق.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>