إشراقة : من مقومات الدعوة  الرفق


أخي المسلم : إن ا ستمالة القلوب وكسب النفوس لصالح دين الله من أهم مقومات الداعية  الناجح، والواقع العملي يشهد أن النفوس تميل إلى من يرفق بها، ويلين لها في القول والمعاملة، والحكمة  تقول: “ليكن وجهك بسطا، وكلمتك لينة تكن أحب الناس ممن يعطيهم عطاء”.

وهذا هو سبيل الدعوة إلى الله، قال تعالى  {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}( النحل : 125) ، يقول الزمخشري: >والمجادلة بالتي هي أحسن أي بالطريقة التي هي أحسن طرف المجادلة من الرفق  واللين من غير فظاظة ولاتعنيف<(الكشاف ج 2 ص 435).

وقد قال تعالى لنبيه مادحا له، ومبينا فضله عليه، ورحمته به : {فبما رحمة من الله لنت لهم  ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} ، يقول السيد رشيد رضا: > لأنهما الفظاظة والغلظة) من الأخلاق المنفرة للناس لايصبرون على معاشرة صاحبها وإن كثرت فضائله، ورجيت فواضله، بل يتفرقون ويذهبون من حوله، ولايبالون ما يفوتهم من منافع الإقبال عليه<(المنار ج 4 ص 199).

والإسلام أخي الكريم في أمس ا لحاجة إلى دعاة يلتف الناس حولهم، كي تسمع منهم دعوة الله، قال تعالى لموسى وهارون : {اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا}(طه : 43).

قال القرطبي: >فإذا كان موسى \ أمر بأن يقول لفرعون قولا لينا فمن دونه أحرى أن يقتدي بذلك في خطابه<(ج 11 ص 200).

ومن آداب المحتسب: “الرفق ولين القول، وطلاقة الوجه، وسهولة الأخلاق عند أمره للناس ونهيه، فإن ذلك أبلغ في استمالة القلوب، وحصول المقصود”. ونهاية الرتبة في طلب الحسبة ص 9.

قال ابن تيمية : >فلا بد من هذه الثلاثة: العلم،والرفق، والصبر، العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده<(الأمر بالمعروف ص 30).

وينبغي ألا نحصر الدعوة في اسلوب الرفق فقط، ولكن هناكحالات يعدل فيها عن الرفق إلى الشدة إذا انتهكت حرمات الله، قالت عائشة رضي الله عنها : >والله ما انتقم رسول لله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شئ يوتي إليه قط حتى تنتهك حرمات الله، فينتقم لله<(رواه البخاري).

وهكذا كانت دعوته رفقا ورحمة إلا إذا ضيعت حقوق الله، قال ابن حجر: >وفي الحديث الحث على العفو إلا في حقوق الله <(الفتح ج 6 ص 579).

وهكذا إذا ظهر الاستخفاف بأمر  الدين أو الإصرار على المعاصي، أو الكفر والنفاق، فإنه يعدل حينئذ إلى الشدة المناسبة للحال، قال تعالى: {ياأيها النبي،جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم}(التوبة : 73).

يقول الإمام أحمد: >والناس يحتاجون إلى مداراة ورفق في  الأمر بالمعروف بلا غلظة إلا رجلا مباينا معلنا بالفسق والردى، فيجب عليك نهيه وإعلانه، لأنه يقال:ليس لفاسق حرمة<.

عبد الحميد صدوق

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>