في الواجهة : في الذكرى الأولى لــ”11 شتنبر” :  كتاب يوضح رغبة أمريكا في الهيمنة على العالم


لم تستعمل أمريكا مطلقاً كلمة “حرب” لقصف “القنابل الذكية” في العراق أو “التدخل الانساني” في كوسوفو.

والآن يتحدثون عن حرب ضد عدو مجهول لماذا؟ ذاك سؤال طرح على نعوم تشومسكي بُعيْد أحداث 11 شتنبر 2001 وكان هذا رده :

“في البداية، استعملت أمريكا كلمة “حملة صليبية”، ولكنها أسرعت فبينت أنها إذا أرادت أن تكسب حلفاءها في العالم الإسلامي، قد تكون الكلمة غلطة كبيرة لأسباب واضحة، ولذا استعمل الخطاب الأمريكي كلمة “حرب”، حرب الخليج عام 1991 سميت “حرباً” قذف صربيا بالقنابل سمي “تدخلا إنسانيا”، وهذا التعبير بأي حال ليس تعبيراً قصصياً، إنه وصف قياسي للمغامرات الامبريالية الأوروبية في القرن 19، لنعط بعض الأمثلة الأكثر قرباً إلينا ويذكرها أهم مرجع حديث عن “التدخلات الانسانية”.

يعطي المرجع ثلاثة أمثلة من الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية مباشرة وهي : اجتياح اليابان لمنشوريا، اجتياح موسوليني لأثيوبيا واستيلاء هتلر على أرض السوديت.

لا يوحي المؤلف بالطبع بأن التعبير موافق ومناسب، لأن هذا التعبير يلبس الجرائم قناع “الانسانية”.. اللفظ المناسب هو “جريمة” ضد الإنسانية، كما يشدد روبرت فيسك، ولكن هناك قوانين معاقبة الجرائم : تحديد هو ية المجرمين وتحميلهم المسؤولية. ولكن القضية تتطلب براهين راسخة وتفتح الباب على مصراعيه أمام الإرهاب الدولي منذ 15 سنة؟ لهذه الأسباب من الأفضل استعمال تعبير غامض مثل الـ”حرب”، وإذا سميناها حرباً ضد الارهاب، فهذا يعني ببساطة دعاية أكبر، مالم تكن الـ”حرب” فعلاً “هدفاً إرهابيا”.

ذاك هو قسم من إجابة تشومسكي عن سؤال أحد الصحفيين، فالسؤال في صيغته ذكي يحمل تساؤلات العالم المقهور والمستعمل والمستغل من قبل قوة الولايات المتحدة التي تشن حروبها الواحدة تلو الأخرى مخفية أهدافها الإرهابية تحت عناوين رنانة توحي بالإنسانية تارة، وبالخوف على السلام العالمي تارة أخرى.

ومن خلال رد شومسكي هذا يتجلى بوضوح الدور الحقيقي الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية للهيمنة على العالم من خلال تلك الحروب التي تشنها.

في إجابة تشومسكي على هذا السؤال كما على الأسئلة الأخرى التي أتاح الكتاب المجال للقراء لمتابعتها إضاءات تكشف عن زيف الادعاءات الأمريكية، هذا مهم، والذي يزيد من أهميتها كونها صادرة عن أهل الدار، عن واحد ممن عملوا في الحقل السياسي الفكري الغربي، وهو نعوم تشومسكي الذي يعتبر من أكثر مفكري الغرب المعاصرين عمقاً وغزارة في الإنتاج وجرأة ومثابرة في فضح ممارسات الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية المنافية لمبادئ الديمقراطية الغربية ذاتها ولأحكام القانون الدولي، وهو أبرز ناقدي النظام الأمريكي الرأسمالي الكوني في القرن 20.

وسيجد القارئ في هذا الكتاب -الذي صدرت مؤخراً الترجمة العربية منه- مجموعة من المقابلات أجراها صحفيون متعددون مع تشومسكي خلال الشهر الأول بعد هجوم 11 شتنبر 2001 على مركز التجارة العالمي والبنتاغون.

د. نعوم تشومسكي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>