لا نريد أن نفتح جبهة مع جريدة الأحداث التي أحدثت فعلا جروحا غائرة في القيم الدينية والإنسانية والفطرية، لأنها ارتضت لنفسها أن تكون منبراً يستند إلى مرجعية متفلتة من الدين والشرع، والعقل، والمنطق، والفطرة السليمة، وهي “ميزة” -وإن كانت لا تحسد عليها- فقد جعلتها مأوى السهام المسمومة الموجهة إلى صدر الأمة الإسلامية لتشتيت شملها، وتعطيل رسالتها.
ولهذا فالمعركة مع الأقلام المجندة لتسييد الهوى وإطفاء نور الحق ظانة -لجهلها بالتاريخ والسنن الربانية- أنها قادرة على محاربة دين الله، وخداع الله عز وجل بالشعارات والجدالات والتأويلات الفارغة، كأن الله تعالى غير مطلع على ما تضمره النفوس، ويوسوس في الصدور، أو كأن الله تعالى غير قادر على حماية دينه بحماية حُماتِه وجنوده وعباده الصالحين، {ولقد سبقت كلمتُنا لعبادِنا المرسلِين إنَّهُم لهم المنصورون وإنّ جُنْدَنا لهم الغَالِبُون}(سورة الصافات).
فالله تعالى الذي خلق الإنسان أغٌيَرُ على هذا الإنسان من أن يتركه في يد شرذمة عابثة موتورة مأزومة تريد تبديل خلق الله بإفساد هذا الإنسان ومسخ فطرته، {ولو اتّبَع الحقُّ أهواءَهُم لفَسَدَت السّماواتُ والأرْضُ ومن فِيهِنّ} فليطمئن المومنون بغيرة الله تعالى وحمايته، وليطمئن العابثون بأنهم غير معجزي الله تعالى فيما يدبرون ويبرمون، فالله من ورائهم محيط، ولمخطط جمعهم هازم.
ولعل أجرأَ المقالات المسمومة سلسلة الحملات على السنة في شخص علمها الأول الذي شرفه الله تعالى بجمع وكتابة أول كتاب صحيح في السنة النبوية، وهو الإمام البخاري، الذي توّجه علماء الحديث بالإمارة، فسموه >أمير المومنين< في الحديث على رغم أنف الحاسدين والحاسداتِ، القُدامى والمحدثين.
وإن كان وراء الأكمةِ ما وراءها، والبخاري ليس إلا أحَد خيوطها، فقد ارتأينا تخصيص ملف هذا العدد لدحض بعض آراء ومفتريات >مفتية الثقلين<، حيث ورَدَت علينا مقالات من علماء أجلة متخصصين في الفن الذي خاضت فيه >المفتية< بدون عدة علمية كاملة في هذا الميدان، وبدون أدنى زاد خلقي يعتبر من الضروريات لمن يريد أن يقتحم ميدان السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام.