إشراقة: تحيزوا ولم نتحيز


التزام الحق والعدل مع القريب والبعيد، ومع العدو والصديق خلق إسلامي أصيل، ومبدأ قرآني عظيم، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم، أو   الوالدين والأقربين…}(النساء: 133). إنه العدل في كل حال، والتزام الحق في كل حين، والقيام لله بالقسط ولو على أقرب الناس إليه وألصق الناس به بلا تحيز ولا محاباة.

بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى خيبر، ليقوم بتقدير ثمر النخيل فيها، إذ كان لهم نصفها، وللمسلمين نصفها، فلما وصل عبد الله بن رواحة خيبر وجد اليهود قد جمعوا له حليا من حلي نسائهم وقالوا له: هذا لك، وخفف عنا في القسمة وتجاوز. فقال : يا معشر اليهود و الله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي. وما ذاك بحاملي أن أحيف عليكم. أما الذي عرضتم له من الرشوة فإنها سحت، و إنا لا نأكلها، فلم يملكاليهود إلا أن قالوا: بهذا قامت السموات والأرض.

يا لروعة المبادئ والتزام التقوى، قال تعالى : {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى،  وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}(الحجرات : 13).

هكذا يقرر القرآن الكريم أن أنساب البشر ترجع إلى رجل وامرأة فيشعر كل واحد من الناس بروابط الرحم بينه وبين الآخرين فلا يعتدي ولا يظلم، أما ما يسيطر اليوم على قادة الغرب من تحيز لبني جلدتهم، ومحاباة لأوليائهم فهذه هي العنصرية البغيظة، والأثرة الممقوتة التي تنزل بالإنسان إلى هاوية الشر والعدوان، إن التاريخ يسجل الآن هذا التحيز الغربي لإسرائيل في ظلم المسلمين، وها هو التاريخ يشهد أننا ما تحيزنا لأبناء أمتنا في ظلم الآخرين، عن هشام بن حكيم بن جزام رضي الله عنه  أنه مر بالشام على أناس من الأنباط،  وقد أقيموا في الشمس، وصب الزيت على رؤوسهم ! فقال : ما هذا؟ قيل: يعذبون في الخراج،  وفي راوية: حبسوا في الجزية. فقال هشام: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: >إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا< فدخل على الأمير، فحدثه، فأمر بهم فخلوا. رواه مسلم.

عبد الحميد صدوق

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>