في حوار مع الخبير العسكري المصري طلعت مسلم يقول : “الاسترخاء العسكري” أضعف استعداد الجيوش العربية للحرب


< هل تعتقد أن حملة شارون الحالية المسماة “الجدار الواقي” قد نجحت في تحقيق أهدافها؟

> لا أعتقد أن الحملة قد حققت أهدافها وفق تصورنا لها، فهي حرب إبادة إسرائيلية للفلسطينيين، وهدفها إما إبادتهم أو إجبارهم على النزوح أو تركيعهم، وهذا لم يحدث. صحيح أن الشعب الفلسطيني خسر الكثير ويواجه مصاعب أكثر والمقاومة ضعفت بطريقة ما، ولكن هذا لم يؤد إلى تحقيق النتيجة التي يريدها شارون.

من ناحية ثانية لا شك أن إسرائيل خسرت الكثير من هذه الحملة، فهي خسرت سياسيًّا ودبلوماسيًّا واقتصاديًّا بدرجة كبيرة، كما خسرت أمنيًّا، فالشعب الإسرائيلي لم يَعُد ينزل تقريبًا للشوارع خوفًا على أمنه، وبالتالي فالحملة لم تحقق حتى الآن أهدافها ولا يبدو أنها ستحقق شيئًا.

< هل التدخل الأمريكي بطلب انسحاب إسرائيل تمثيلية، أم أن إسرائيل هي التي ترفض الاستجابة لطلب أمريكا بالانسحاب. فهل هناك تواطؤ أم ضعف أمريكي؟!

> أنا أعتبره ضعفًا من جانب أمريكا، فأمريكا تعرف أنها تتعرض لأخطار تهدد مصالحها، وهي مطالبة من جانب العرب والعالم باتخاذ إجراء على الأقل لتبييض وجهها أمام العالم، ولكنها لا تملك القدرة على الحسم؛ لأن درجة تأثير اللوبي الصهيوني في الإدارة الأمريكية عالية جدًّا وقادرة على تمييع القرار.

وهذا ليس معناه أن الولايات المتحدة تتعاطف مع العرب أو تتخلى عن إسرائيل، ولكن هناك تغيير حاصل في موقفهم نتيجة الشعور بأن مصالحهم مهددة.

< الموقف الأمريكي من العدوان الإسرائيلي الحالي على فلسطين كشف عن توجه للتخلص من عرفات وعدم التعامل معه واختيار قيادات بديلة.. هل تتوقع ذلك؟ وهل ذلك ممكن؟

> واضح أن هناك توجهًا إسرائيليًّا وأمريكيًّا في هذا الاتجاه، ولكنهم في الواقع ليسوا من يقرر هذا؟! وليسوا هم من يقرر من الذي يتحدث نيابة عن الفلسطينيين، بل إن ما تفعله إسرائيل وأمريكا يؤدي على العكس لتثبيت عرفات وليس خلعه!.

< بعد حملة الدمار في الضفة وحصار عرفات والتفجيرات الاستشهادية المكثفة.. هل لا تزال هناك فرصة لمفاوضات سلمية حقيقية، أم أنها ستتم هذه المرة تحت أسنة الرماح الصهيونية؟

>  لا شك أنه أصبحت هناك صعوبة شديدة في عقد مفاوضات هذه المرة، صحيح أنه من المتوقع أن تعقد مفاوضات في نهاية الأمر؛ لأن أي أزمة دولية لا بد أن تنتهي بمفاوضات، ولكن طبيعة هذه المفاوضات ونتائجها المتوقعة هي المحك هنا.

والأمر ليس فقط مرتبطا بشارون وانتهاء حكمه، ولكنه مرتبط بالأجواء عمومًا، ولا أعتقد أن تجرى مفاوضات عمومًا قبل إعادة تعمير ما تم تخريبه في فلسطين على أيدي الإسرائيليين.

وأعتقد أن الفلسطينيين لن يعودوا للمفاوضاتوفق الأسس القديمة، خصوصًا بعد ما تم من تخريب، ولست أعني هنا فقط تخريب المدن والمنازل، ولكن أيضًا تخريب نفوس الفلسطينيين بعد العدوان الإسرائيلي الواسع.

< دعا بعض المتظاهرين العرب إلى خيار الحرب مع إسرائيل.. هل تعتقد أن العرب جاهزون عسكريًّا، وخصوصًا مصر للحرب، وهل يريدونها؟

> لا أعتقد – أولاً- أن العرب مستعدون للحرب في الوقت الراهن من الناحية العسكرية..

النقطة الثانية هي درجة استعداد القوات العربية للحرب، فالقوات المسلحة العربية تعاني الاسترخاء النفسي، ففي عام 1973م كانت درجة استعدادنا في القوات المسلحة المصرية عالية تدريبيًّا وتسليحيًّا، والأهم (50% على الأقل) الاستعداد المعنوي!، وأعتقد أن هذه نقطة ضعف كبيرة للقوات العربية.

النقطة الثالثة التي تجعل خيار الحرب ضعيفًا في الأوضاع الناجمة عن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

النقطة الرابعة هي أننا نعتمد في تسليحنا بدرجة كبيرة على الولايات المتحدة التي تسلح إسرائيل، وتدعمها، وتحافظ على تفوقها عددًا وعدة بدرجة كبيرة عنا.

< لو ضربت إسرائيل سوريا.. في رأيك كعسكري مصري سابق ماذا سيكون رد فعل مصر؟ هل تحارب إسرائيل؟

>  أتوقع الاستنكار والشجب(!)، ففي سنة 1956م عندما هاجمت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مصر طلب شكري القوتلي رئيس سوريا من الرئيس الراحل عبد الناصر التدخل بجيش سوريا، ولكن عبد الناصر رفض؛ لأنه يعرف أن النتيجة الوحيدة هي أن يخسر العرب أيضًا الجيش السوري من غير أن تستفيد مصر.

وأنا أعتقد أن من الأفضل ألا ننتظر حدوث الكارثة.. لماذا لا نرسل قوات مصرية الآن لسوريا بدلاً من الانتظار لضربها؟!! إن وجود قوات لنا في سوريا يكون أقرب لنا من ناحية ضرب إسرائيل، واتفاقية السلام مع إسرائيل لا تمنعنا من أن ندعم سوريا بقوات.

< ردَّدت صحف غربية أن إسرائيل أعدت قنابل نيوترونية أو نوويةصغيرة لاستخدامها ضد العرب وإيران في أي حرب قادمة أو محدودة.. هل تعتقد أن هذا أمر وارد وحقيقي أم أنه مجرد تخويف للعرب غير قابل للتحقق؟

> يجب ألا نأخذ أي تهديد باستخفاف، بل لا بد أن يؤخذ بجدية. فمن المؤكد أن إسرائيل لديها أسلحة نووية، والقنبلة النيوترونية  -وهي قنبلة ذرية الأثر، الأساس بها هو الإشعاع وليس قوة الانفجار والدمار- وتفاصيل الأسلحة النووية الإسرائيلية غير متيسرة، ولكن إذا كانوا قادرين على صنع قنابل نووية مختلفة فهم قادرون على صنع قنابل نيوترونية، ثم إنه ليس هناك ما يمنع من استخدام إسرائيل السلاح النووي ضد العرب!.

< قرار مصر وقف الاتصالات مع إسرائيل، عدا الدبلوماسية، اعتبره البعض خطوة للتصعيد، وقال آخرون: إنه لا قيمة له، وإنه رد فعل ضعيف، خصوصًا أن تعليقات الرئيس مبارك بأن موقف مصر تحدده مصلحتها العليا، وهو ما فهم منه ضمنًا أن مصر لن تصعد أو تحارب..كيف ترى الصورة في ضوء هذا القرار؟

>  أعتقد أن هذا هو سقف القدرة المصرية عمومًا، وهي غير قادرة على غير ذلك سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو عسكريًّا، وقطع العلاقات مستبعد، ولكن ليس معنى ذلك أن قرار مصر بوقف الاتصالات ليس له تأثير.. بل إن له تأثيرا كبيرا، ولكن بشرط أن ينفذ(!).

ولا شك أن هذا القرار لا يشفي غليل أحد من المصريين، ولكن أعود وأقول: “هذا ثمن الصمت والاسترخاء للدولة المصرية ككل  -وليس العسكري فقط- خلال الـ 25 عامًا الماضية”، واعتمادها بدرجة عالية جدًّا على الولايات المتحدة.

ومع ذلك أعود وأقول: إن القرار مؤثر على إسرائيل؛ لأنها متضررة اقتصاديًّا وعسكريًّا؛ بسبب الانتفاضة، وخسرت أمنيًّا.. وقطع الاتصالات المصرية معها يزيد خسارتها.

وليس صحيحًا ما يقال من أن حجم تجارتها مع مصر ضعيف، وبالتالي فالقرار غير مؤثر.. أنا أعتقد أن هناك مبالغة في هذا الأمر، فحجم الصادرات والبضائع الإسرائيلية للسوق المصرية كبير، خصوصًا الإلكترونيات والأدوات المنزلية والمواد الزراعية، وبعضها لا يذكر اسم الدولة المنتجة عليها، وبالتالي فمنع هذه البضائع وقطع الاتصالات يضرّ بإسرائيل.

-بتصرف-

محمد جمال عرفة/إسلام أون لاين

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>