تفقه في دينك : الزكاة : معناها، أهميتها، حكمتها


1) معناها :

الزكاة فريضة الله على كل مسلم ملك نصابا من مال بشروطه، تعطى لمن يستحقها من الفقراء والمساكين والمحتاجين، وسميت زكاة لما يكون فيها من رجاء البركة، وتزكية النفس، وتنميتها الخيرات، فإنها مأخوذة من الزكاة، وهو النماء والطهارة والبركة قال تعالى : {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم}(التوية : 103).

2) أهميتها :

تتجلى أهميتها في مجالات لا حصر لها، على رأسها :

أ- الفلاح والأجر العظيم : يقول تعالى : {قد أفلح المومنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون}(المومنون : 1- 4) وقال تعالى : {فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير}(الحديد : 7)، وقال أيضا : {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}(آل عمران : 92).

ب-مضاعفة الأجر والنماء والثواب : {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}(البقرة : 261). ويقول : {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل حبة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين}(البقرة : 265).

جـ- وعْد الله بالخُلْف : {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}(سبأ : 39)، ويقول : {يمحق الله الرباويربي الصدقات}(البقرة : 276).

د- فرض العقوبة على مانعها : يقول الحق سبحانه : {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}(التوبة : 35).

وعن عقوبة مانع الزكاة، يخبرنا الرسول الأعظم عليه السلام بقوله : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >من أتاه الله مالا فلم يُؤدِّ زكاته، مُثّل له ماله يوم القيامة شجاعا(1) أقرع له زبيبتان(2) يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلِهْزِمَتَيْه -يعني شدْقَيْه- ثم يقول : أنا مالك أنا كنزك< ثم تلا {ولا يحسبن الذين يبخلون..}(الآية،<(رواه البخاري).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >ما من صاحِب ذهبٍ ولا فضةٍ لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأُحْمي عليها في نار جهنم، فيُكوى بها جنْبُه وجَبِينُه وظهْره، كلما برَدَت أعيدَت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقْضَى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.

قيل : يا رسول الله فالبقر والغنم؟ قال : >ولا صاحب بقر ولا غنم لا يُؤَدي منها حقها إلا كان يوم القيامة بُطح لها بقاع قرْقَر لا يفْقِد منها شيئا، ليس فيها عقْصاء (الملتوية القرن) ولا جَلْحاء (لا قرن لها). ولا عَضْباء (مكسورة القرن) تنطَحُه بقرونها وتطؤه بأظْلافِها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار..<(رواه البخاري ومسلم أبو داود والنسائي وأحمد).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : >ما خالَطت الزكاة مالا قطُّ إلا أهْلكته<(رواه الشافعي والبخاري في التاريخ، وفي مشكاة المصابيح).

هـ- اقترانها بالصلاة : الزكاة قرنت بالصلاة في اثنتين وثمانين آية من كتاب الله عزوجل لما لها من الأهمية في ديننا الحنيف.

3) للزكاة حكم كثيرة منها :

أ- تطهير النفس البشرية من رذيلة البخل والشح، والشّر، والطّمع.

ب- مواساة الفقراء، وسدّ حاجات المعوزين والبؤساء و المحرومين.

جـ- إقامة المصالح العامة، التي تتوقف عليها حياة الأمة وسعادتها.

د- التحديد من تضخّم الأموال عند الأغنياء، والتجار والمحترفين كي لا تحصر الأموال في طائفة محدودة، أو تكون دولة بين الأغنياء فقط.

وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >إن الصدقة لتُطْفِئ غضَب الرّب، وتدْفع ميتة السوء<(رواه الترمذي)، وعن أبي هريرة، أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : >دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال : >تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتُقيم الصلاة المكتوبة وتُؤدّي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان< قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا فلما ولّى، قال النبي صلى الله عليه وسلم : >من سره أن ينظر إلى رجل أهل الجنة، فلينظر إلى هذا<(رواه البخاري).

والرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا بأن المتصدق سيكون في ظل صدقته يوم القيامة : عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : >كل امرئ في ظل صدقته أي يوم القيامة، حتى يفصل بين العباد<(رواه ابن حبان والحاكم). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >سبعة يُظِلُّهم الله في ظِله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابّا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعْلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه<(رواه البخاري).

وعن أفضل الصدقة يخبرنا الصادق المصدوق عليه السلام فيقول : عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >أفضل الصدقة أنْ تُشْبِع كبداً جائعاً<(رواه البيهقي في شعب الإيمان). وعن سلمان بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة<(رواه أحمد والترمذي والنسائي وابنماجة والدارمي).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال : >جُهْدُ المُقِلّ، وابدأ بمن تعول<(رواه أبو داود). عن ابن مسعود الأنصاري، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة<(متفق عليه).

عن أبي هريرة وحكيم بن حزام قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >خير الصدقة ما كان عن ظَهْر غِنى، وأبدأ بمن تعول<(متفق عليه).

عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >أفضل دينار ينفقه الرجل، دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله<(رواه مسلم).

والرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن من لا تَحِلُّ له الصدقة فيقول : عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >لا تحِلُّ الصدقة لغنِيٍّ ولا لذِي مِرّة سوي<(رواه أحمد والترمذي، ورواه النسائي وابن ماجه عن أبي هريرة).

عن عطاء بن يسار مرسلا، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >لا تَحِلُّ الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتُصُدِّق على المسكين فأهدى المسكين للغني<(رواه مالك وأبو داود).

وأن من لا تَحِل له المسألة يخبرنا عنه الرسول عليه السلام بقوله : عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزْعة(3) لحم<(متفق عليه).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >من سأل الناس أموالهم تكثرا، فانما يسأل جمرا فليستقلل أو ليستكثر<(رواه مسلم).

وعن ابن عمر أن الرسول عليه السلام قال وهو على المنبر، وهو يذكر  الصدقة والتعفف عن المسألة :>اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى هي السائلة<(متفق عليه).

عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تُسَدَّ فاقته، ومن أنزلها بالله أوشك الله له بالغنى، إما بموت عاجل، أو غنى آجل<(رواه أبو داود والترمذي والحاكم).

< ذ. محمد حطاني <

——

(1) الشجاع  الأقرع : ذكر الحية.

(2) زبيبتان : نقطتان سوداوان فوق عينيه.

(3) قطعة لحم.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>