إن العالم الإسلامي كله احتفل بالسنة الهجرية الجديدة 1423هـ يوم الجمعة والليلة التي أعقبتها ويوم السبت الذي يليها، سواء بالخطب الجُمَعية المنبهة على عظمة الحدث والمغزى، أو بالندوات والمحاضرات، أو بالشرائط والأفلام أو المسرحيات التي تنعش الأرواح، وتجدد الإيمان بعظمة الإسلام وقوته ومتانة مبادئه التي لم يَنَلْ منها تعاقبُ الحوادث والأزمات، وسوف لا تنالُ منها لا حاضراً، ولا مستقبلا بإذن الله تعالى مهما بذل الجاحدون، ومكر الماكرون.
إلا أن العجيب والغريب أن تلفزة الشعب المغربي المسلم احتفلت بالحدث احتفالا يضع في ذهن المُشاهد -إن كان مازال لتلفزتنا مشاهدون- عدة تساؤلات : هل لا علم للمشرفين بدخول السنة الجديدة نظراً لتحوُّل وجهتهم وقِبلتهم نحو الغرب؟ أم يعلمون ولكنهم غير مبالين لجهلهم بقيمتها لأنهم يغترفون القيم من الجهة الأخرى؟ أم يعلمون قيمتها ولكنهم يستخِفُّون بغَيْرة هذا الشعب على دينه؟ أم لا يستخِفون ولكن ذلك مجرَّدُ نفثة مصْدُور مُصاب بالعُقد المزمنة اتجاه فِطرته وهُويَّته حيثُ يظن -لسواد قلبه وعقله وبصيرته-أن الشعب المغربي اسوَدَّ وجهُهُ ومصيرُه وأصبح مستعدّاً لسلخ جلده بين عشية وضحاها؟؟
فما مناسبةُ تلك المسرحية التي قُدِّمتْ بعد برنامج ديني تربوي خاص بمناسبة دخول السنة الهجرية الجديدة؟ ما هي الأهداف التي تخدُمُها تلك المسرحية؟ سواء بهذه المناسبة أو غيرها؟ هل الفَنُّ هبط إلى درجة الإسفاف وأصبح موظفاً ضد عواطف الشعب ودينه وخُلقه وتاريخه؟؟
أليس في تاريخنا عقبة بن نافع، وطارق بن زياد، وعبد الله بن ياسين، ويوسف بن تاشفين، والقاضي عياض، وأبو زيد القيرواني، وزينب النفزاوية، وخناثة ووقعة الزلاقة، ووقعة الأرك، ووقعة وادي المخازن؟؟ وغير ذلك كثير كثير جداً، فلم يبق أمام فنانينا (البؤساء أو السعداء) إلا >قفطان..< ألا يوجد قفطان الفضيلة، قفطان الشهامة، قفطان المروءة، قفطان العلم، قفطان النهضة، إلى غير ذلك من القفاطين المرصّعة بجواهر العفة والحياء والشجاعة الأدبية التي عرفتها المرأة المسلمة في مختلف عصور النهوض الإسلامي؟؟
هنيئا لتلفزتنا على هذا الانجاز غير المسبوق الذي اتسم بالجرأة الخالية من أية مروءة أو مراعاة لضمير الشعب المسلم، ونسأل الله تعالى أن يتداركها بلطفه وهدايته لتفتح عينيها على ما تصنعه المرأة المجاهدة، خنْسَاواتُ عصْرِ التخنث الرجالي، وخَوْلات العصر الذي تميّع فيه الذكور فأصبحت رجولتهم عبارة عن أسفار مكدسة جهة الشمال حيث استَبْدَلْن القفاطين بدروع الشرف ليلبسهن الله عز وجل يوم القيامة ثياب سُنْدس خُضْرٍ واستبرق، ويحلّيهن أساور من الذهب والفضة، ويسقيهن ربُّهن شرابا طهوراً لا يظمأن بعده أبداً، في الوقت الذي سَيُسْقَى فيه المائعون والمائعات شراباً من الحميم واليَحْمُوم ليس بارداً ولا كريماً لأنهم عاشوا مترفين يخربون ثوابت الأمة، وثوابت الفطرة فخرّب الله عز وجل مستقبلهم : {أفَمَنْ كانَ مُومِناً كمَنْ كَانَ فَاسِقاً؟! لاَ يَسْتَوُونَ}(سورة ألم سجدة).