أكد الدكتور محمود الزهار الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في حوار خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام – أن المبادرة التي أطلقتها الحركة جاءت بعد دراسة واعية لكل التطورات و الأبعاد على الساحة الفلسطينية و العربية و الدولية ، و ذلك في وقت فيه حماس في أوج قوتها على مختلف المستويات مشيرا إلى أن كل الضغوط لا يمكن أن تبرر هذا الموقف لأن برنامج المقاومة لا يخضع لأي مساومات و دم شهيد لا يضاهيه شئ في الدنيا .
و شدد د. الزهار على أن المقاومة مستمرة للاحتلال في كافة الأراضي المحتلة عام 67 و هي حق لا يمكن أن يحرم منه الشعب الفلسطيني و لا يمكن لحماس أن تسقط خيار المقاومة مادام الاحتلال قائما و العمليات قد تستأنف في أي لحظة تراها الحركة مناسبة .
و قد أوضح د. الزهار كافة تفاصيل و أبعاد مبادرة حماس خلال حوار خاص و شمل العديد من النقاط المهمة لاستجلاء ظروف قرار حماس.
< ماذا يعني قرار حماس بوقف العمليات الاستشهادية في الأراضي المحتلة عام 48 و وقف إطلاق قذائف الهاون ؟
> قرار حماس جاء بعد دراسة واعية لكل التطورات السياسية على الساحة الفلسطينية و العربية و الدولية و هذا القرار يضع حماس على قمة الجهات التي لها دور أساسي و فاعل في الصراع العربي الصهيوني . و قد جاء هذا الموقف في الوقت الذي حماس في أقوى اللحظات التي تعيشها ليس فقد على المستوى العسكري إذ استطاعت أن تنتقم بصدق و بقوة و بفاعلية من الهجمات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية خصوصا عمليات القدس الأخيرة و حيفا و قد كانت هناك 6 عمليات نوعية خلال يوم واحد ، و كانت خارطة فلسطين المحتلة عام 48 تقول إن حماس مرت في كل شبر من فلسطين .
حماس أعطت مبادرتها للشارع الفلسطيني و الشارع العربي و لكل جهة تعنيها قضية فلسطين و تعني أنه إذا كان في إطلاق الرصاص أو العمليات الاستشهادية مصلحة لقضية فلسطين أو إذا كان أي تعطيل مؤقت لأداة من أدوات الصراع في خدمة الشعب الفلسطيني و تخفيف الضغط الداخلي الفلسطيني فإن حماس تتبناه لأنها تتصرف من منطلق مصلحة الشعب الفلسطيني .
< لكن لماذا هذا التوقيت بالذات ؟ و هل مورست عليكم أي ضغوط لإعلان هذه المبادرة ؟
> كل الضغوط التي مورست لا يمكن أن تبرر لحماس هذا الموقف ، فحماس استطاعت أن تقف في وجه هذه الضغوط مستندة إلى دعم شعبي و موقف عربي شعبي أيضا مؤيد تماما لعمليات حماس و فرحة عارمة في الشارع الفلسطيني لمقدرة حماس على الرد و الدفاع عنه ، و عندما يأتي قرار حماس و هي في أوج قوتها لا يمكن أن يفسر على أنه استجابة لضغوط بعكس فيما لو كانت هذه المبادرة السياسية جاءت في حالة ضعف .
< و لكن ألا ترون أنكم تركتم هذا السلاح المهم دون أي ثمن كان يمكن أن تحصلوا عليه على الأقل في جانب وقف إجراءات السلطة ضد الحركة ؟
برنامج المقاومة عندنا لا يخضع لبرنامج المساومات و لا للاتفاقيات و دم شهيد واحد لا يمكن أن تضاهيه الدنيا و ما فيها . نحن لا يمكن أن نخضع عملياتنا و جهادنا و تضحياتنا ببرنامج مساومة لأن الثمن الوحيد الذي يمكن أن يساوي هذه الدماء تحرير أرض فلسطين و إقامة الدولة الإسلامية عليها و ما عدا ذلك كلها وسائل للابتلاء و التمحيص ، و أيضا لزيادة خبرة حماس في تعاملها مع القضايا الأمنية و السياسية و العسكرية الحالية ، و على أية حال فبيان حماس واضح في أنه لا يتطرق لأي شيء من هذه الأمور الدنيوية و قد وضعت الموقف أمام الجميع ليدرسوه و يستخلصوا منه الفكر السياسي و الموقف الأمني و العسكري لحماس .
< هل تتوقعون التزاما كاملا من الجناح العسكري لحماس ؟ و ماذا لو قامت قوات الاحتلال بعمليات اغتيال جديدة و صعدت عدوانها ضد شعبنا ؟
> عودتنا الجهات التي تعمل في إطار حماس سواء كانت السياسية أو الأمنية أو الإعلامية أنها لا تتمرد مطلقا على القيادة ، و مجالسها الشورية تستطيع أن تستوعب كل الآراء ، و إذا صدر قرار يصبح ملزما للرافض أو الموافق في أي موضوع كان ، و أعتقد أن هذا ما يميز حركة حماس .
و فيما يتعلق بالاعتداءات على شعبنا الفلسطيني فإننا لا نتوقع من الاحتلال الصهيوني أن يتوقف عن اعتداءاته و نحن نضع أي متغير سياسي أو أمني أو عسكري على الساحة و نقيم هذا الأمر ، و عندما تكون هناك ضرورة ملحة لمصلحة الشعب الفلسطيني في تفعيل أدوات الصراع سوف نفعلها و نطور وسائل جديدة أيضا .
< إذن نفهم أن القرار هو على المحك و في حالة حدوث أي تغيرات سوف تعاد دراسته ؟
> هذا نمط حماس التي تدرس كل المتغيرات على خريطة العالم ، و حماس ترى اليوم أن انتصار الحركة الإسلامية في إندونيسيا أو في المغرب على القوى الاستعمارية يعتبر إنجازا لها و بالتالي أي معركة تتم على أي من الساحات في العالم كله تعتبر خدمة للمشروع الإسلامي ، فحماس ليست مشروعا فلسطينيا بحتا ، بل جزء من الحركة الإسلامية العالمية التي ترى في الإسلام مشروعا حضاريا قادما يستطيع أن يوازن هذا الإجرام الدولي المتمثل في الموقف الأمريكي ، و من هنا نفهم الهجمة الأمريكية على كل الحركات الإسلامية بما فيها حركة حماس ونرى أن هذا يعيد الصراع إلى حقيقته ، حقيقة الصراع الذي يقوم على منهج العدل و الرخاء والتقدم و بين منهج يعتمد على القهر و العدوان والبطش و استخدام القوة و بالتالي كل القضايا الفلسطينية و العربية والدولية خاضعة للتقييم و توضع في الحسبان و هذا ما يميز الحركة .
< هل نفهم من البيانأن كل العمليات التي تنفذ داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 67 لازالت مستمرة ؟
> هذه القضية لا يستطيع أحد أن يحرمنا منها ، كل الشرائع السماوية و المواثيق الدولية التي لا تجيز الاحتلال و بالتالي فإن برنامج المقاومة و برنامج الانتفاضة مستمر و لم نسمع أيا من الفصائل الفلسطينية تسقطه و ضمن هذه الفصائل حماس ، التي لا يمكن أن تتوانى في الدفاع عن أرضنا المحتلة ، لكنها تختار الساحة المناسبة ، و إذا ما أسقطت حماس برنامج المقاومة لا يصبح لها أي مبرر في فترة الاحتلال لأنها حركة مقاومة إسلامية لاحتلال و ليست حركة صراع مع المسلمين أو العرب أو مع أي جهة غير جهات الاحتلال ، و حماس حافظت على ساحة المعركة في فلسطين و لم تنقلها شبرا واحد خارج الأرض المحتلة و حافظت على أن تبقى القدس هي القبلة السياسية التي تتجه إليها كل أنظار الفلسطينيين من أجل التحرير .
< و هل المقاومة هنا ضد الاحتلال و ميليشيا المستوطنين أيضا ؟
> نحن نعتبر كل فلسطين مشروعا استيطانيا صهيونيا و بالتالي عندما نضرب في أراضي عام 48 ليس لأنها دولة (إسرائيل) بل لأنها مشروع استعماري استيطاني نجح في عام 48 إنشاء دولة و ليس لدينا (اعتمادا على المستند الشرعي) فرق بين حيفا و خانيونس . و بالتالى فإن برنامج المقاومة يسعى لطرد الاحتلال كل الاحتلال من أرضنا المحتلة فلسطين كل فلسطين ، و الاختلاف هنا أي ساحة يمكن أن نستخدم في فلسطين و أي الوسائل المتاحة لنا نستخدم و هذا البرنامج لدينا نستطيع أن نفعله كيفما شئنا أو أردنا .
< و كيف تقيمون رد فعل السلطة التي لم توقف حتى الآن إجراءاتها من اعتقالات و ملاحقة و إغلاق المؤسسات و فرض الإقامات الجبرية ؟ و هل تتوقعون أن تستمر هذه الإجراءات ؟ و ما هو موقفكم عندئذ ؟
> نحن موقفنا في المبادرة كان ليس محل مساومة و لا من خلال شروط مع السلطة . برنامجنا وضعناه لأننا رأينا فيه مصلحة للوطن و المواطن ، حيث أننا لا نرغب أن نرى أي قطرة دم واحدة من فلسطيني تراق على أرض فلسطين في غير مواجهة الاحتلال ، و على السلطة أن تدرس و تقيم ، و دورها خاضع للتجربة و تقييم الشارع الفلسطيني و تقييم حركة حماس . و بالتالي نحن لا نملي على السلطة شيئا ، كما أننا نرفض أن تملى علينا أي شروط من أي جهة . و إذا أدت السلطة دورها بشكل جيد ستجد من الشارع القبول و إلا سوف تتحمل مسئوليتها أمام الجماهير و مساءلتها أمام الشعب الفلسطيني .
< و لكن ألا ترى أن استمرار حملات الاعتقال ستزيد من حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني ؟
> لا يستطيع أحد أن ينكر أن الشارع الفلسطيني محتقن بدرجة غير طبيعية و كل حكيم و كل عاقل يجب أن يؤدي دوره لإزالة هذا الاحتقان لأنه إذا لم يوجه في الاتجاه الصحيح ضد الاحتلال سيكون له آثار سلبية على الساحة الفلسطينية ، و خوفامن هذا الموقف و أداء لدورنا كانت مبادرتنا الأخيرة .
< في ظل هذه الأجواء هل هناك حوار بينكم و بين السلطة ؟
> كانت هناك لقاءات في الفترة الأخيرة و لكنها كانت لقاءات لنزع فتيل الأزمة و تخفيف حالة الاحتقان ، و نحن في حركة حماس نرى الآن الوقت المناسب لخوض حوار جدي و ليس حوارا تكتيكيا يضع مواضيع و عناوين يتم الاتفاق عليها تتعلق بكيفية إدارة الصراع في المرحلة القادمة ضد الاحتلال و الاستيطان ، و بنفس الأهمية كيفية ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني و إنشاء علاقات على أسس من العدل و المساواة و محاربة الفساد و تفعيل دور كل فصيل في كيفية حماية الجبهة الداخلية .
< و هل هناك استجابة من السلطة لمثل هذه الدعوات ؟
> الحقيقة نحن دائما و أبدا سواء كانت في اللقاءات الثنائية أو الجماعية ضمن لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية و الإسلامية نعلن موقفنا و على الأطراف الأخرى أن تقوم بدورها و أعتقد أن هناك أصواتا حكيمة تخرج من داخل السلطة و من بين الفصائل التي تؤيدها لصياغة علاقات جديدة مبنية على معطيات جديدة في غاية الأهمية و أهم هذه المعطيات تلك الحالة التي يعبر فيها الشارع الفلسطيني عن غضبه و أسفه لما يجري الآن
< و ما حقيقة الموقف بالنسبة لقضية الدكتور عبد العزيز الرنتيسي خصوصا بعد قطع السلطة كافة الاتصالات الخلوية و الهاتفية عنه ؟
> أولا قطع الاتصالات الهاتفية لا يحل المشكلة و لا يعبر أبدا عن حكمة في التعامل ، فالوقت الآن هو وقت الاتصالات و وقت الحوار و ليس وقت المخاصمة ، الوقت الآن للتعالي على كل الجراحات و الفئويات و أن نضع قضية فلسطين على رؤوس الجميع .
و أعتقد أن قضية د.الرنتيسي من السهل حلها و على السلطة أن تدرك أن حماس و الشارع الفلسطيني لا يرفض قضية الاعتقال السياسي على أساس أنها قضية شخصية موجهة إلى فرد أو إلى فصيل بل إننا ننظر إلى أن هذه الإجراءات كونها تمس جوهر العلاقة بين السلطة الفلسطينية و الشعب الفلسطيني بما فيها حماس و أيضا باللحمة الفلسطينية و هو أمر أكدته الفصائل الإسلامية والوطنية عبر لجان المتابعة الوطنية و الإسلامية في الضفة و غزة و القضية في طريقها للحل .
< ألا تخشون أن تتغول السلطة بعد هذه المبادرة بحيث تقدم على إجراءات و اعتقالات أخرى و بضغط أمريكي ؟
> السلطة من خلال الاعتقالات لن تحل المشكلة و إلا لو كان اعتقالنا يحل مشكلة فلسطين لقبلنا أن ندخل المعتقلات و لكن الاعتقالات تعقد تحرير فلسطين ، و من أجل ذلك كان رفضنا لسياسة الاعتقالات و الإقامة الجبرية ، و نحن الآن يجب أن نجعل كل الفلسطينيين في موقع واحد و هو موقع الحوار يتحدث فيه الإنسان بكامل الحرية من منطلق الرغبة في خدمة القضية الفلسطينية و لا يستطيع أحد أن يدعي الحقيقة المطلقة و الباقي عليه أن يسمع و يطيع ، بل على العكس يجب توسيع دائرة الرؤية و المشورة لتصحيح الأخطاء و العثرات و على الجميع و على رأسهم السلطة أولا أن تسحب قوات الأمن من الشوارع و تلغي أحكام الإقامة الجبرية و تطلق سراح المعتقلين لتخفيف حالة الاحتقان القائمة الآن .
< في النهاية ما هي رسالتكم إلى ابناء حماس و السلطة الفلسطينية و الشعب الفلسطيني؟
> أولا : نسـأل الله تعالى الثبات لأبناء حماس في مواجهة الاحتلال و نقول المزيد من الحرص و الالتزام بقرارات الحركة التي نحن على ثقة بها ، و نقول أيضا يجب أن نقبض على سلاحنا الطاهر الذي لا يوجه إلا للاحتلال .
و نناشد شعبنا الفلسطيني أن يحكم العقل و الحكمة و ألا ينساق إلى الأهواء و ألا ينخدع بدعاوى الاحتلال فثقتنا به عالية جدا ، فكل التضحيات التي قدمتها حماس أو أي فصيل أو جهة فإن مردودها للمخزون البشري للشعب الفلسطيني و نسأل الله أن يرعاه و يحفظه من الاحتلال .
أما رسالتنا للسلطة الفلسطينية فهي دعوة إلى التهدئة و دعوة خالصة للحوار و دعوة للبناء لا للهدم و أن نرى السلطة تحكم القانون و تبني نظامها على العدل فليس هناك في حماس من ينافس على السلطة أو يخطط لإزاحة إنسان شريف من السلطة و ندعوها لرص الصفوف للمواجهة الحقيقية مع الاحتلال
www.palestine-org