تجميع الفصائل الأفغانية .. مهمة الغرب المستحيلة


إن قوات الدول الغربية المشاركة فى التحالف بدأت تدرك أن أفغانستان ليست دولة و إنه من الصعب ” إحتلال ” أو حتى السيطرة على

افغانستان لأنها ليست دولة أو أمة . ولا يمكن أيضا السيطرة على أفغانستان من خلال الفرقعات الإعلامية او الأكلشيهات التى يطلقها صحفيونا .فقد نحتاج نحن الغرب الى حكومة موسعة فى أفغانستان ولكن هل الشعب الأفغاني لديه نفس الرغبة ؟ وقد ننظر نحن الغرب الى المدن الأفغانية على أنها مناطق استراتيجية – خاصة وأن كان الصحفيون والمراسلون على وشك دخولها – غير أن الأفغان لهم تصورات أخرى بالنسبة لأرضهم .

وفيما يتعلق بالمجلس الأعلى للقبائل فى أفغانستان “لو يا جيرجا” ـ وهى عبارة أصبحت تطلق الآن بفخر على شفاه الصفوة من الخبراء وهى عبارة تعنى بالضبط ” الاجتماع الكبير ” ـ فإن الشئ الذي قد يثير القلق أنها تعبير باشتوني يمثل القوانين القبلية التى تنظم حياة 38% فقط من المجتمع الأفغانى .

والمشكلة الحقيقة هى أن أفغانستان تحتوى على أقليات صغيرة جدا من الجماعات العرقية التى تمثل سكانها ومن هنا نجد أن الباشتون فى باكستان والبالغ عددهم 12 مليون يتجاوزون عدد الباشتون فى أفغانستان والذى يبلغ تعدادهم 7 ملايين وهناك الطاجيك الذين يمثلون 3,5 مليون نسمة من تعداد السكان فى أفغانستان وفى المقابل يتجاوز تعداد الطاجيك في طاجيكستان تعدادهم فى أفغانستان حيث يصل عددهم الى 6 ملايين .

وهناك الأقلية الأوزبكية فىأفغانستان البالغ عددهم 1.3 مليون حيث يمثلون أقلية صغيرة للغاية من الأوزبك فى أوزبكستان والذى يبلغ تعدادهم 23 مليون .

ويعيش 600 ألف من التركمان فى أفغانستان ولكن يمثل التركمان 3.52 مليون نسمة من تعداد السكان فى تركمانستان .

ولذا هناك تساؤل يطرح نفسه حول ما هوالسبب وراء تمسك الباشتون الأفغان والطاجيك والأوزبك والتركمان بالنظر الى أفغانستان على أنها بلدهم .

رغم أن بلدهم ـ الحقيقية ـ لا تتجاوز جزءا صغيرا من الأرض يعيشون فيها داخل حدود أفغانستان .

وبالطبع فقد أثار الباشتون الأفغان منذ فترة طويلة الجدل والنزاع على الخطوط الحدودية التي تفصل بين أفغانستان والأراضي المتاخمة التابعة للهند التي كانت خاضعة للاحتلال البريطاني والتى تمثل حاليا الحدود الأفغانية الباكستانية .

وفى العام 1893 لم يأخذ السير مورتيمير ديوراند في حسابه حقيقة أن الإمبراطورية الأفغانية كانت تضم لفترة من الزمن مساحات أكبر من الأراضي التى يطلق عليها الأن باكستان ولذا نجد أن المخاوف التى تنتاب حاليا زعيم باكستان الجنرال بيرفيز مشرف ليست من اندلاع ثورة

اسلامية بالقدر الذى يخشى فيه من تجدد الدعوة لأستقلال منطقة ” باشتونستان” الواقعة فى المناطق الحدودية الشمالية الغربية .

ومن الملاحظ أن تعليقات احد المسئولين المنتصرين فى التحالف الشمالى والتى أشار فيها الى احتمالات إقدام رجاله على الزحف الى مدينة كراتشى معقل الباشتون قد تسببت فى حدوث أزمة قبلية سياسية محدودة فى إسلام أباد .

وفى إطار مماثل نجد أن الآراء الصحفية التي تشير إلى أن قيادات طالبان قد يفرون عبر الحدود لأراضى باكستان تبدو عملا غريبا ولا يمكن أن يتم بشكل جماعى لحركة طالبان والتي يمكن أن تكون فى عمليات تحرك حاليا عبر الحدود البريطانية المصطنعة وذلك للدخول إلي إحدى المناطق الأخرى التي تتركز فيها قبائل الباشتون .

وبالطبع فإنه ليس من الصعب أن نرى نحن الغربيين كيف نفضل دائما فكرة تشكيل المجلس الأعلى للقبائل ” لويا جيرحا ” حيث أنه كل ما سيكون مطلوبا منا فعله هو الإشراف على مجلس موسع يضم القبائل الأفغانية – مع محاولة تجاهل حقيقة أن ” لويا جيرحا” لا يعتبر ممثلا فعليا للقبائل نظرا لأن المرأة محظور عليها المشاركة – ،وذلك من أجل تشكيل حكومة موسعة يتم فيها اقتسام السلطة على غرار الحكومة التي شكلها البريطانيون فى أيرلندا الشمالية .

وكان المجلس الأعلى للقبائل ” لويا جيرحا ” قد أصبح جزءا من التقاليد المتوارثة للأفغان وذلك منذ العام 1747 عندما قام أحمد عبد اللى بقيادة 4 آلاف جندى الى قندهار حيث كانت تلك المدينة فى ذلك الوقت عبارة عن بلدتين صغيرتين ونجح فى تجميع زعماء القبائل الثمانية الرئيسية للباشتون .

وقد وقع اختيارهم على أحمد دروانى ليكون الملك، ولكن منذ ذلك الوقت وعلى الرغم من ضم الطاجيك والأوزبك والهازارة للمشاركة فى الحكم إلا أن الباشتون قد تولوا قيادة أفغانستان على مدى ثلاث فترات قصيرة خلال القرن العشرين.

ومن السهل التعرف على السبب حيث أن الأوزبك لم يكن لديهم أبدا.

مجلس أعلى للقبائل وهناك الطاجيك وهم من المناطق الحضرية حيث لا يمثلون جماعات قبلية ومن هنا كيف للطاجيك أن يكون لهم ثقل متساو أو متناسب مع ثقل الجماعات الأخرى المشاركة فى المجلس وذلك عندما لا يكون لهم أى قيادات قبلية تمثلهم فهل يمكن أن يكون للطاجيك ممثل واحد وللباشتون ثمانية أو أكثر من الزعماء اللذين يمكن أن يمثلوهم .

ولا يمكن تجاهل أو إستثناء التاريخ فهناك الهازارة من المسلمين الشيعة _ الذين ينتمون او قد لا تنتمى أصولهم للقبائل التى هاجمها جنكيز خان – فهم كانوا ضحايا عمليات القمع الوحشية التى تمت على أيدى قوات الباشتون وذلك تحت حكم الملك عبد الرحمن ، وقد مارس هذا الملك فى العام 1880 أعمال القمع ضد شعبه أيضا من الباشتون بعد تنصيبه ملكا لأفغانستان من خلال الحكومة البريطانية أيضا.

عن صحيفة الاندبندنت

ترجمة محمود مختار

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>