الشهيد علي مساوي في ذمة الله : سيرة داعية مجاهد


< ولد رحمه الله تعالى سنة 1947م بقصر كاوز بمدينة الريصاني، حفظ كتاب الله منذ صغره، ودرس على يد مجموعة من الفقهاء والعلماء بتافيلالت، عمل إماما وخطيبا في عدة مساجد كمسجد القصر القديم بتلوين ومسجد قصر كلميمة وبمسجد تيط نعلي بدائرة الريش، ثم انتقل إلى مدينة مكناس سنة 1976م ومنذ ذلك الحين وهو يكرس حياته في الدعوة والجهاد في سبيل الله، اعتقل سنة 1985 بتهمة حمل كتب وأشرطة دينية ودعوية بالرشيدية، أسهم في إنشاء دار للقرآن الكريم بحي البساتين بمكناس، هذه الدار التي خرجت العشرات من الحفظة لكتاب الله تعالى منذ نشأتها سنة 1986م إلى الآن، تحت رعايته وإدارته وتسييره.

< كان رحمه الله تعالى حريصا على تدريس طلبتها في السنوات الأربع الأخيرة، مادة السيرة النبوية والأخلاق كل يوم جمعة بين العشائين.

< بذل رحمه الله جهدا كبيراً في انطلاق واستمرار درس يوم الأحد الخاص بتفسير القرآن الكريم من قبل الأستاذ أحمد ابراهيم المصري حفظه الله، وفي درس الأحد الأخير 2001/6/10 قبل استشهاده قال للأستاذ ابراهيم : “أحسن الله جزاءك اصبر على بعض من لا يحسنون التعامل معك في الأسئلة”، فأجابه ابراهيم قائلا : “لم يبق لنا معهم وقت كبير فنحن في تفسير الحزب السادس والخمسين، بقيت أربعة أحزاب ونفترق معهم بالحسنى”، فكان جواب علي رحمه الله وأسكنه جنة الرضوان : “لن نفارقك إن شاء الله يا ابراهيم إلا أن يفرق الموت بيننا، فشاءت قدرة الله تعالى أن ينتقل إلى رحمة ربه قبل إتمام شرح القرآن الكريم.

< كان يتحدث معي عن برنامج يوم الأحد عندما ينتهي الأستاذ ابراهيم من تفسير كتاب الله تعالى، فكنت قد اتفقت معه على أن نقنع أخانا ابراهيم بأن يبدأ معنا مشروعا جديدا في شرح وتفسير سنة رسول الله  من خلال صحيح البخاري.

< كان رحمه الله يعوض أحيانا ابراهيم في درس الأحد إذا تغيب وقلما كان يتغيب.

< بذل في السنتين الأخيرتين جهدا كبيراً في بناء مقر دار القرآن الكريم، فكان كل همه منصبا على إتمامه، فوفقه الله عز وجل واستجاب لأمنيته، فلم يتوفاه إلا بعد أن أتم البناء فلم يبق له إلا الصباغة، وعمل بيده في إتمام كل ما يتعلق بتجهيز الدار بالكهرباء والماء.

< أنشأ أول نواة للشريط السمعي، والمسعي- البصري الإسلامي الدعوي منذ الثمانينات فكان لذلك إشعاع كبير في مختلف المدن والقرى.

< أسهم في تأسيس مجموعة من الجمعيات الثقافية وغيرها.

< كان له رحمه الله أثر كبير في تربية عدد كبير من الإخوة الذين يعترفون له بالجميل، فكانت داره مفتوحة للقريب والبعيد دون كلل أو ملل.

< كان رحمه الله يتمنى الشهادة في سبيل الله، حيث كان يتألم كثيراً لما آل إليه حال الأمة الإسلامية (ولمايتعرض له الفلسطنيون على يد اليهود المغضوب عليهم).

< كان رحمه الله يبذل كل وقته في سبيل نصرة الدين وإقامته، معتبرا أن الدعوة واجبة على كل مسلم، وينبغي أن تقدم على جميع الأعمال كما ينبغي أن تعطى لها أعز الأوقات وأفضلها لا ما فضل منها.

< كان يبذل ماله في سبيل الدعوة إلى الله ولو كان ذلك على حساب حاجياته وحاجيات أسرته، فكان يستدل بقوله تعالى : {وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} معتبرا أن المال مال الله وأن العبد مستخلف فيه مستدلا بقوله تعالى : {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه}.

< كان يتصف بالشجاعة والجرأة في الحق فلا يخاف في الله لومة لائم.

< كان من صفاته وأخلاقه : الصراحة، البشاشة، الكرم والجود، الحلم، الإتقان للعمل حيث كان يستشهد كثيرا بقوله  : >رحم الله من عمل عملا فأتقنه<، ضبط الوقت والحرص الشديد على استغلاله في الأنفع والأفيد فكان يعتبر ذلك من أوجب الواجبات الدينية، السماحة حيث كان يسامح كل من آذاه احتسابا في سبيل الله، اللين والرأفة والرحمة بالأهل والأبناء والأقارب دون استثناء، فكان لا يقلق أحدا ولا يسب أحدا أبدا، لم أسمعه قط تكلم بكلمة سوء أبدا حتى وهو في حال الغضب، كان يحب تنظيم الأمور والأوقات والأعمال، وكانت مراقبته لله تعالى قوية في السر والعلن.

< من صفاته أيضا العصامية في التكوين، حيث كان دائما يطالع كتابا معينا، وكان يتابع كل جديد في ميدان التربية والدعوة والإعلام.

< كان يحرص على الإصلاح بين الناس، فأصلح بين الزوج وزوجته، والأخ وإخوته، والأب وأبنائه.

فحري بأبنائه وإخوانه وأقاربه وكل محبيه بأن ينهجوا نهجه في الدعوة إلى الله عز وجل وفي الاتصاف بمكارم الأخلاق وفضائل الصفات.

رحمك الله يا علي وتغمدك برحمته، لقد فقدتك دار القرآن بالبساتين، وفقدك الأهل والأبناء والأقارب والأحباب والأصدقاء في كل مكان.

لقد بكاك يا علي القريب والبعيد، فكان الكل قريبا لأن قرابتك منهم قربت ذا الرحم وغير ذي الرحم، لأنك كنت تعتبر رابطة الأخوة الإسلامية أقوى من رابطة الدم، فأحبك الناس جميعا لصدقك في ذلك وإخلاصك.

و{إنا لله وإنا إليه راجعون} ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

كتبه العبد الفقير إلى رحمة ربه محمد الأنصاري

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>