مجرد رأي : أطفال فلسطين ضحايا العنف الصهيوني


…أول كلمة يتلفظ بها كل أطفال العالم هي “بابا” أو “ماما”. إلا أن أطفال فلسطين يبدو أنهم قد شذّوا عن هذه القاعدة في الأيام الأخيرة؛ ذلك أن أول كلمة تلفظ بها طفل فلسطيني تم “استجوابه” في احدى القنوات العربية هي كلمة (طَخْ)؛ وهي كلمة لها وزنها ومعناها في الشارع الفلسطيني في هذه الأيام المباركة، وهي تلخص عمق الأزمة التي يعيشها أبناء شعبنا الفلسطيني المستباح من قبل الآلة العسكرية الصهيونية التي لم تراع لا طفلا ولا شيخا ولا امرأة.

إن الطفل البرئ الذي أطَلَّ على الدنيا بهذه الكلمة هو في الواقع مقدمة لجيل جديد يفتح عينيه على “لَعْلَعة” السلاح الصهيوني وما ألحقه من دمار وخراب على الأرض الفلسطينية.. جيل جديد ينمو في أجواء الرعب والخوف ويرضع حليب الحقد والكراهية ضد من اغتصب أرضه وقتَل والديه واخوانه، إن حياة الأطفال في فلسطين قد تحولت منذ انطلاق الانتفاضة المباركة إلى جحيم لا يطاق مما خلف لدى الكثير منهم العديد من الأزمات النفسية المستعصية على العلاج وقد تكون لها انعكاسات سلبية على المستقبل من حياتهم! فحياة جلهم قد تغيرت فجأة فأصبحوا يعيشون في رعب مستمر وشعور بعدم الأمان والحماية، ينامون ويستيقظون على “لعلعة” الرصاص وهدير الدبابات وقصف الطائرات وأصوات سيارات الاسعاف المتلاحقة، وهم بين ذلك كله يتوقعون أن تصيبهم إحدى رصاصات أو قنابل العدو في أية لحظة، حياة هؤلاء الأبرياء أصبحت رهيبة ومليئة بالمخاوف، لا يقدرون على الذهاب إلى مدارسهم لأن في ذلك مُخاطرة شديدة بحياتهم، فجل الطرقات تتحول بعد الظهيرة إلى ميادين قتال، ولذلك يفضلون البقاء خلف شبابيك بيوتهم لمتابعة المواجهات مع ما في ذلك من مخاطر، وعندما تشتدُّ الأحداث يخرجون الى الشارع مع ذويهم، فالشارع قد يصبح في بعض الأحيان أكثر أمنا من البيوت التي لا يتورع العدو من قصفها بالطائرات والدبابات!

في مثل هذه الأجواء المشحونة بالرعب، أصبح الأطفال يعانون من عدة أمراض نفسية واضطرابات سلوكية خطيرة، من جملة هذه الأمراض هناك القلق الدائم والتوثر الشديد والارق كنتيجة للأحلام والكوابيس المزعجة، بالإضافة إلى فقدان الثقة والاحساس بالأمان، حتى أن بعضهم لا يكاد يتحرك إلاّ برفقة أحد والديه. أما أعراض هذه الأمراض فكثيرة ومنها التبول اللا إرادي والعدوانية والانزواء وفقدان الشهية أو عدم القدرة على التركيز في الدراسة بالإضافة الى الاكتئاب الشديد. وقد لاحظ بعض الاخصائيين بأن بعض هؤلاء الأطفال يُفضلون إفراغ مشاعرهم المضطربة عن طريق الرسم، فمعظم رسوماتهم تتمحور حول حادث الطفل محمد الدرة، أو حول المسجدالأقصى أو غيره من الأماكن المقدسة في المنطقة.

وقد رسم أحد الأطفال طفلة بدون رأس إشارة إلى ما يتعرض له الأطفال من قتل وتنكيل! وقد لوحظ أيضا أن بعض هؤلاء الأطفال يغرق في بكاء شديد مباشرة من إكمال رسوماته..

هؤلاء الأبرياء يعبرون على الأقل- عن مشاعرهم وما يجول بداخلهم عن طريق الرسم والكتابة أحيانا، فما بالك بالذين دونهم في السن ولايجدون وسيلة يعبرون بها عن الهلع والرعب الذي بداخلهم اللهم إلا كلمة (طُخ)… إن جيلا كان أول كلامه (طخ) لا يمكن إلا أن يكون ناراً يحرق الله بها الصهاينة المغتصبين ويطهر بها الأرض المقدسة من رجسهم وما ذلك على الله بعزيز.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>