بمناسبة الذكرى الـ 13 لانطلاق الانتفاضة الأولى انتفاضة الأقصى.. بداية مرحلة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية


يُصادف 8 دجنبر 2000 الذكرى 13 لانطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والشهر الثالث من انطلاق انتفاضة الأقصى. ومن خلال ذلك يظهر أنه لم تكن انتفاضة الأقصى أولى الانتفاضات الفلسطينية ولن تكون الأخيرة، فطالما استمر الاحتلال وتداعياته، فإن مسيرة رفض هذا الاحتلال والتصدي له ومقاومته ستظل متواصلة وإن تخللتها فترات من الهدوء أو الاستعداد للمعركة القادمة.

ولكن هذه الانتفاضة تشكل تعبيراً عن مرحلة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية في ضوء ما آلت إليه عملية التسوية من فشل، ولذلك ستكون لها بصماتها الواضحة على مسيرة الصراع ليس في بعده الفلسطيني فحسب ولكن في بعده العربي والإسلامي أيضاً..

الشرارة والدوافع

بدأت الانتفاضة كما هو معروف عندما قرر زعيم حزب الليكود الإرهابي آريل شارون تنفيذ زيارة استفزازية للحرم القدسي في يوم الخميس 2000/9/28 في غمرة مفاوضت سرية كشف عنها مؤخراً بين باراك ونتنياهو لتشكيل حكومة وحدة وطنية، الأمر الذي يدفع للاعتقاد بأن هناك تفاهماً ما بين حكومة باراك وحزب الليكود على تنفيذ هذه الزيارة بهدف تأكيد السيادة الإسرائيلية على الحرم القدسي وتوجيه رسالة قوية للسلطة الفلسطينية مفادها أن السلطة والمعارضة في الكيان الصهيوني مجمعين على التمسك بالسيادة على القدس مهما كلف ذلك من ثمن، وجاءت هذه الزيارة بعد إخفاق قمة كامب ديفيد وفي التوصل إلى اتفاق حول موضوع القدس على الرغم من تحقيقها اختراقات مهمة على صعيد قضايا اللاجئين والمستوطنات والسيادة، وما رافق ذلك من هزات عنيفة واجهتها حكومة باراك في ائتلافها الحكومي انتهت بالتصويت في الكنيست بالقراءة الأولى على حله وإجراء انتخابات جديدة قد تؤدي في حال عدم اكتمال مفاوضات التسوية ووصولا إلى اتفاقات سلام تنهي الصراع العربي-الاسرائيلي إلى تضاؤل فرص إعادة انتخاب باراك أمام منافسه نتنياهو الذي عاد إلى حلبة السياسة بعد تبرئته من المدعي العام الاسرائيلي في قضايا فساد ورشوة مالية وجهت ضده.

ويبدو أن باراك الذي دفع بأعداد كبيرة من قواته إلى الحرم القدسي يوم الجمعة 2000/9/29م مصمم على التمسك بمواقفه وعدم الاستجابة للضغوط الشعبية الفلسطينية التي يعتقد أن السلطة الفلسطينية تستفيد منها لانتزاع (تنازلات) منه في موضوع القدس. ويبدو أنه وضع أولويته الأولى لتحقيق إجماع وطني إسرائيلي حول القدس بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية حتى لو أدى ذلك إلى وقف أو تجميد عملية التسوية وإدخالها في أزمات متتالية، ويستند رئيس وزراء العدو في توجهه هذا إلى تقدير بأن الموقف الفلسطيني ومن خلفه الموقف العربي غير مستعد في المرحلة الحالية للقبول إلا بسيادة فلسطينية عربية إسلامية على الحرم القدسي (باستثناء حائط البراق الذي تنازلت عنه السلطة ومصر) وأن تباعد موقفي السلطة والكيان الصهيوني سيحول دون نجاح المفاوضات الحالية.

ومن هذه الخلفية تعاملت قوات الاحتلال مع انتفاضة الشعب الفلسطيني بأساليب عنيفة جداً تمثلت بإطلاق النار على صدور ورؤوس المتظاهرين واستخدام الصواريخ والدبابات والطائرات لقصف بعض المواقع الفلسطينية ومن ضمنها مقرات الأمن الفلسطينية، وذلك بهدف توصيل رسالة واضحة للسلطة الفلسطينية بأن حكومة باراك ستحرم عرفات من الاستفادة من هذه الانتفاضة وأنها لن ترضخ لها وتلجأ إلى تقديم تنازلات سياسية لتهدئتها. ولكن ما لم يكن في الحسبان هو حجم ردة الفعل الفلسطينية الشعبية ومن ثم العربية والإسلامية والتي تجاوزت في حجمها كل التوقعات، إضافة إلى كثرة الضحايا والشهداء الذين سقطوا برصاص الجيش الإسرائيلي والمستوطنين وكشف وسائل الإعلام للطريقة الهمجية البربرية التي تعامل بها جيش الاحتلال مع الفلسطينيين التي أدت إلى تزايد وتصاعد الغضب الفلسطيني، وأعطت وقوداً مستمراً للانتفاضة على عكس ما كان يرغب به باراك وأركان جيشه الإرهابي..

البعد الشعبي للانتفاضة… فلسطينياً وعربياً وإسلامياً

وقد شاركت جميع القوى الفلسطينية في هذه الانتفاضة بما في ذلك القوى المؤيدة لعملية التسوية في مؤشر واضح على إحباط هذه القوى وعلى رأسها حزب السلطة (فتح) وشعورها بخيبة الأمل من عملية التسوية، ولا تزال فعاليات هذه الانتفاضة تحظى بإجماع شعبي ضمن برنامج تقوده الفعاليات الوطنية والإسلامية.

إن الإجماع الوطني الفلسطيني على الانتفاضة والاستمرار بها لا يعني توافق البرامج السياسية للقوى الوطنية المشاركة فيها، إذ لا تزال حركة فتح التي حرصت على إيجاد مسافة بين موقفها وموقف السلطة الفلسطينية تراهن على عملية التسوية وترى أن هذه الانتفاضة ستؤدي إلى تقوية الموقف الفلسطيني التفاوضي بما في ذلك إعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967م، في الوقت الذي تتمسك فيه حركة (حماس) بموقفها الداعي إلى استمرار الانتفاضة إلى حين دحر الاحتلال عن الأرض الفلسطينية دون أن تعول على عملية التسوية التي فشلت في تحقيق أية إنجازات للشعب الفلسطيني.

ولاشك أن موقف حركة (حماس) يحظى بدعم عربي وإسلامي شعبي كبير، لأنه لا يراهن على عملية التسوية ويدعو إلى إسناد الانتفاضة الشعبية بالمقاومة المسلحة ويدعو إلى دعم الدول العربية لإسناد هذه المقاومة بكل الوسائل الممكنة.

وفي هذا السياق يأتي موقف الشارع العربي الذي فرض نفسه بقوة من خلال المظاهرات والاحتجاجات التي عمت الدول العربية من المحيط إلى الخليج إضافة إلى الدول الإسلامية، وهو الموقف الذي دعا إلى إسناد الانتفاضة بالنار العربية وبسلاح النفط وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

إلا أن هذا الموقف الشعبي لم يكن له صدى رسمي يتناسب معه، فكانت قرارات القمة العربية أقل من الحد الأدنى المتوقع وهو قطع العلاقات مع العدو الصهيوني ووقف التطبيع معه، إذ اكتفت هذه القمة بالإشادة بالانتفاضة وإيجاد صناديق مالية بقيمة مليار دولار لدعمها مع ترك الباب لكل دولة عربية على حدة لتقرر موقفها من العلاقة الثنائية مع العدو والتلويح بقطع هذه العلاقات مع وقف مسار المفاوضات متعددة الأطراف والعمل على ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة في المحاكم الدولية..

ومن الملاحظ أن هذه القرارات تجاوزت دعوات لزعماء عرب بفتح باب الجهاد ضد الكيان الصهيوني وهي التي أطلقها كل من اليمن والسودان والعراق، واختارت مواقف لم تحقق الحد الأدنى من المطالب العربية محاولة منها لعدم إقفال باب السلاح مع العدو الصهيوني وفقاً لما يسمى بقرارات الشرعية الدولية على الرغم من تأكيدها أن حكومة باراك التي روّجت لها هذه الدول عند بداية تشكيلها قد ضربت عرض الحائط بهذه العملية!

لقد أبرزت انتفاضة الأقصى عمق الفجوة التي تفصل بين المواقف الشعبية والرسمية العربية بما في ذلك الفجوة بين موقف الشعب الفلسطيني مع السلطة الفلسطينية التي حاولت تقليصها بإبداء مواقف أكثر تشدداً تجاه العدو اليهودي ومشاركة تنظيمها بفاعلية في الانتفاضة، وإذا كانت قمة شرم الشيخ التي شاركت فيها السلطة الفلسطينية ومصر قد توصلت إلى قرارات على الصعيد الأمني بهدف تهدئة الانتفاضة تمهيداً لوقفها واستعادة المفاوضات، إلا أن غضبة الشارع الفلسطيني والعربي والإسلام، واستمرار شلال الدم الفلسطيني ومسيرات الغضب الفلسطيني أجهضت قرارات هذه القمة قبل أن تنجح هي في إجهاضها ووقفها.

مرحلة جديدة وحاسمة

للقضية الفلسطينية

إن أبرز ما تميزت به انتفاضة 2000 عما سبقها من انتفاضات وخصوصاً انتفاضة1987 أنها جاءت بعد استنفاد عملية التسوية أغراضها، واتضاح صورة العدو اليهودي الذي لا يفهم السلام إلا بصورة الهيمنة والسيطرة، الأمر الذي يكسب هذه الانتفاضة بعداً واضحاً وناضجاً ويجعلها عصية على محاولات استثمارها سياسياً لصالح التسوية الهزيلة.

فقد أعادت انتفاضة الأقصى الاعتبار لخيار المقاومة الشعبية للاحتلال، ونفضت الغبار عنه بعد أن استبعدته عملية التسوية وعملت على إنهائه من خلال تبني الوسائل السياسية والدبلوماسية لتحصيل حقوق الشعب الفلسطيني المستباحة من قبل الاحتلال، وهي بذلك تؤشر إلى بداية مرحلة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني وليست مجرد احتجاج أو ردة فعل على الإرهاب الصهيوني، وهذه المرحلة هي مرحلة المقاومة الشعبية الفلسطينية الشاملة للاحتلال مدعومة بقوة بتأييد إسلامي وعربي وشعبي لم يسبق له مثيل تمثل بالمظاهرات والمسيرات الحاشدة التي عمت العالم العربي، وبإجماع شعبي عربي وإسلامي لتأييد برنامج المقاومة واعتباره الاستراتيجية الفلسطينية والعربية والإسلامية الوحيدة القادرة على إنهاء هذا الاحتلال ومنعه من التمدد إلى المنطقة العربية والإسلامية.

إن المرحلة القادمة ستشكل عاملاً حاسماً في وضوح التوجهات السياسية العربية والفلسطينية خصوصاً وأن حكومة باراك بدأت تحدد خياراتها باتجاه تجميد عملية السلام والدخول في تحالف مع اليمين الصهيوني والتوصل معه إلى خطوط حمراء للمواقف الصهيونية من عملية التسوية، وهي خطوط لن تقبل بأي حال من الأحوال بسيادة فلسطينية أو عربية أو إسلامية على البلدة القديمة من القدس والذي يشكل الحد الأدنى من المطالب الرسمية العربية حالياً.

وإذا كان لا يبدو أن هذه الأطراف تتجه نحو التخلي عن عملية التسوية، فإن طبيعة الموقف الصهيوني الذي يتجه نحو التشدد وحصوله على دعم أمريكي غير مسبوق في ظل تغلغل اللوبي اليهودي في الإدارات الأمريكية، ستساهم إلى حد كبير في استمرار تعطيل عملية التسوية وستعزز بالتالي من أهمية برنامج المقاومة وترسيخ دوره على الساحة الفلسطينية وزيادة القناعة به عربياً وإسلامياً، مما يفتح آفاق جديدة لحركة (حماس) التي تقود هذا البرنامج على الأصعدة الفلسطينية والعربية والإسلامية.

 

المحجة تحاور د. أحمد بوعبد الله (اختصاصي في أمراض القلب والشرايين) حول

مرضى القلب في شهر رمضان

تقديم : إن للقلب أهمية عظمى في جسم الإنسان، فإذا فسد القلب فسد الجسد كله، وهذا ما أكده الحديث الشريف : >.. إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب<(متفق عليه)، فقد جاء هذا الحديث يجمع بين قوة وضعف القلب من الناحية الروحية والنفسية والصحية وهذا الجانب الأخير هو الذي أثارت جريدة المحجة مع الدكتور أحمد بوعبد الله ا ختصاصي في أمراض ا لقلب والأوعية وخريج كلية الطب بباريز.

المحجة : يقول  : >صوموا تصحوا<، انطلاقا من هذا الحديث الشريف، ما هي أهم فوائد الصوم بالنسبة للجسم بصفة عامة وللقلب بحكم اختصاصكم- كعضو له الأثر البالغ؟

الدكتور : الصوم ممارسة استعملت منذ أقدم العصور في الوقاية وفي علاج الكثير من الأمراض بالاضافة إلى استعمالها كعبادة وكطريقة لتزكية النفس والاستعداد للشدائد.والصوم يفيد كل أجهزة الجسم ومن بينها القلب. فهو فرصة للاستراحة والتجدد والتخلص من الكثير من السموم، وانعدام الأكل أثناء النهار يؤدي إلى استراحة الجهاز الهضمي وإلى نقص عملية الاستقلاب وبالتالي إلى التخفيف من عمل القلب. وهكذا تدل الأبحاث على أن الضغط الدموي وعدد دقات القلب ينخفضان أثناء الصيام خصوصا إذا مورس لمدة طويلة، ونقص عمل القلب يؤدي إلى تقويته ويساعده على تحمل العديد من الأمراض.

كما أن الصيام فرصة مهمة لمحاربة الكثير من العوامل التي تساهم في ظهور أمراض القلب، فهو يساهم في محاربة ازدياد الوزن والتقليل من استهلاك الدهون الضارة وهو فرصة مهمة للتوقف عن التدخين وللتحكم في التوتر العصبي بفضل جوه الإيماني الفريد وقوة الارادة التي يوفرها. وتشير بعض الدراسات السريرية إلى انخفاض نسبة الاستشفاءات خلال شهر رمضان عند المصابين بارتفاع الضغط الدموي والمصابين بالدبحة الصدرية، وأن هذه النسبة لا تتغير عند المصابين باحتشاء عضلة القلب. وذوو قصور القلب والأوعية يمكنهم الصوم دون ازدياد خطر تعرضهم للمضاعفات.

المحجة : هل يمكن أن ينطبق ذلك على جميع الحالات سواء الحادة منها أو المزمنة؟

الدكتور : لابد من التفريق بين :

- الحالات الحادة والشديدة والتي غالبا ما تتطلب الاستشفاء أو أخذ الأدوية لمرات متعددة وبالتالي يصعب معها الصوم كحالات قصور القلب الحاد واحتشاء عضلة القلب والذبحة الصدرية غير المستقرة وبعض حالات اختلال نظم القلب، وغالبا ما يستطيع أصحابها القضاء عند تحسن حالتهم.

- والحالات المزمنة المستقرة والتي لا يتناول صاحبها الدواء إلا مرة أو مرتين في اليوم وبالتالي يمكن لأصحابها الصوم خاصة وأنه قد يفيدهم في الكثير من الأحيان، كبعض أمراض الصمامات والذبحة الصدرية المستقرة وارتفاع الضغط الدموي.

وهناك حالات مزمنة وجد متطورة يصعب معها الصوم في رمضان، وغير رمضان  وبالتالي توجب الفطر والفدية لمن استطاع، كبعض حالات قصور القلب المتطورة.

المحجة : “ما خاب من استخار ولا ندم من استشار” كما ورد في الحديث الشريف، فهل يمكن الاقتصار على هذه المعلومات دون الاستشارة الطبية؟

الدكتور : في كل الحالات لابد من الرجوع إلى الطبيب المعالج لاستشارته ويمكن للطبيب في بعض الحالات أن يحدث بعض التغييرات في الأدوية الموصوفة حتى تتلائم مع الصيام فالأدوية المدرة للبول قد تتسبب للمريض في بعض الحرج إذا أخذت وقت المغرب فتمنعه من أداء التراويح أو توقظه بعد النوم، ويمكن في العديد من الحالات اختيار أدوية ذات تأثير طويل المدى تؤخذ مرة أو مرتين في اليوم. وإذا كان لابد من أخذ الدواء مرتين في اليوم وجب أخذه في آخر الليل والتزام سنة تأخير السحور. أما الأدوية المضادة للجلط فلابد من احترام وقت أخذها أثناء المساء. وتشير الدراسات إلى أن الصوم لا يؤثر على فعاليتها.

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>