المطعُومات جمع مَطْعُوم بمعْنى مأكول، وهو اسم مفعول مِنْ طَعِمَ الشَّيْء، أو طعِمَ من الشّيء : أكَلَه أو ذَاقَه، قال تعالى : {إنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنَّى ومَن لمْ يَطْعَمْهُ فإِنَّهُ مِنِّيَ..}(سورة البقرة).
وجميع الطعومات نوعان :
أ- مطعومات جماديَّة :
ويدخل فيها النبات وغيره، فالنبات يدخل فيه كل الزروع والثمار والفواكه والخضر،.. وغير النبات يدخل فيه التراب والطين فهذه الجمادات يقول فيها ابنُ جزي في كتابه (القوانين الفقهية 126) : كُلُّها حلال، إلا النجاسات، أو ما خالطته نجاسة -كالسمْن المختلط بنجاسة- وإلا المسُكرات، وما يشبهها طبعا كالحشيش وغيره، وإلا المُضرَّات كالسُّموم، أما الطّين ففيه خلاف، فقِيل مكروه، وقيل حرام (بتصرف).
ب- مطْعُومات حيوانية :
والمطعومات الحيوانية تنقسم إلى ما يلي :
1) الحيوان البحري : وقد تقدم القول الفصل فيه، فهو كما قال : >هو الطَّهُور ماؤُه، الحِلّ ميتَتُه< بشرط ألاّ يكون الموتُ بسبب تلوُّثٍ كيميائي مسموم، ولكن بسبب إخراجه من الماء، أو صَيْده بأجهزة غير ضارة بصحة الإنسان.
2) الحيوان المفترس : كالأسد، والذئب، والفهد، والدُّبّ، والنمر، والكلب، فهذه الحيوانات اختلف فيها العلماء، فهناك من حرّمها جميعا، لقول الرسول : >كُلُّ ذِي نَابٍ مِن السّباعِ فأكْلُه حرامٌ<(رواه مسلم في صحيحه والترمذي وغيرهما عن أبي ذر الخشني)، وروى مسلم وأبو داود وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : >نهى رسولُ الله عن كُلِّ ذِي نَابٍ من السِّباعِ، وكلِّ ذي مخْلَبٍ من الطير< وإلى هذا الحكم ذهب الجمهور من الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، أما الإمام مالك فالمشهور عنه : (الكراهة) كما يقول ابن العربي، انظر الفقه الواضح من الكتاب والسنة على المذاهب الأربعة 384/2، والفقه على المذاهب الأربيعة 1/2، والقوانين الفقهية لابن جزي 126، أما الضب فقد وردت أحاديث عدة تبيح أكله.
3) البهائم ذوات الحافر : قال عبد الرحمان الجزيري : يحرم من البهائم أكل الحُمُر الأهلية بخلاف حمر الوحش فإنها حلال، وكذا يحرُم أكل البغل الذي أمه حمارة، ويحل أكل الخيل والزرافة، الفقه على المذاهب الأربعة 2/2.
4) الحيوان الذي يأكل العذرة ونحوها من النجاسات : يطلق الفقهاء على هذا النوع من الحيوان اسم <الجَلاَّلة< فهذا الحيوان سواء كان بقراً أو غنماً أو إبلا، فإن أكله حرام لأكله القاذورات وتغذِّيه منها على الأكثر، وكذلك يحرُم ركوبه وشرْبُ لبنه، حتى يُمنع من أكل النجاسات، وتتم تغذيته بالطاهر من المأكولات.
أما إذا كان يأكل في الأكثر ما طاب من الأعشاب والثمار فأكله حلال لقلة تلوث جسمه بالنجاسات القليلة التي يأكلها أحيانا.
5) الحيوانات المستقذرة : كالحشرات وهَوامِّ الأرض كالعقرب والثُّعبان والفئران، والضفادع، والنمل وغير ذلك من الحشرات الضارة، أما التي لا ضرر فيها فيجوز أكلها كَدُودِ الفاكهة، وسوس الفُول وغير ذلك مما لا ضرر فيه، وكذلك الحَلَزُون إذا سُلِق أو شُوِي، أما الذي مات وحده فحرام أكله.
أما الثعابين فيحرم أكلها لسُمِّها، فإذا أمكن نزْعُ سمِّها وتذكيتُها جاز أكلها عند من اعتاد على ذلك وقبلتْها أنفسهم بدون ثُبُوت ضَرَر.
6) الطيور : كل الطيور يَحِلُّ أكْلُها إلا ذوات المخلب، كالبازي، والصَّقْر، والعقاب، وغير ذلك من الطيور المفترسة.
7) الخنزير : هذا الحيوان مُحرَّم لذاته لنصِّ القرآن الكريم على تحريمه.
8) الحيوان الطيِّبُ الحلاَلُ اللَّحْمِ إذا مات حتْف أنفه، أو مات بغير تذكية شرعية يحرم أكله كما تقدم في المنخنقة والموقوذة..
وكذلك المُذَكَّى ولكنه قُصِد به غير وجه الله تعالى، فذُكر عليه -حين التذكية- اسمُ صَنم أو ما يُشْبِه الأصنام قال تعالى : {ومَا ذُبِحَ علَى النُّصُبِ}(المائدة : üüü).
9) الدماء : الدَّم المسفوح كله حرام أكله، سواء كان دَم مايُؤْكَل لحمُه، أو دمَ ما يحرُم أكله، وسواء كان قليلا أو كثيراً، وسواء قبل الذكاة أو بعدها، ولا بأس بالدّم القليل الذي يظهر على اللّحْمِ عند تقطيعها أو شَيّها.
والحكمة في تحريم المسفوح هو أنه يعتبر مرتعا وخيما للجراثيم فهو -كما يقول الدكتور محمد وصفي في كتاب “القرآن والطب”- >أصلح الأوساط لنمو شتى الجراثيم، وأنْسَبُ مكان لتكاثرها، وأحسن وسط لانتشارها، إذْ يُعتَبر أطيب غداء لهذه الكائنات، وأفضل تربة لنموها.
…والضرر الناشئ عن انتشار الجراثيم ليس قاصراً على العدوى فحسب، بل إن فيما تُفرزُه من السموم ما يُعَدُّ من أشدِ الأخطار، وأعظم المصائب كذلك، ومن المعروف أن هذه السموم لا تفقد تأثيرها ولو بالطَّهْي.. إلى أن قال : والدملا يعتبر غذاء بالمعنى العلمي، بخلاف ما يدّعيه بعض الجهلة من أن الدّم يؤكل لما فيه من الحديد، فذلك مجرد هُراء ووهم<.
يقول الدكتور محمدبكر اسماعيل : >وإنه يتبيّن لنا من كلام الدكتور محمد وصفي أن الدّم لايصلح غذاء للإنسان ولا للحيوان بوجه عام، بل يضرُّ تداوله ضرراً بليغا، فإذا ثبت أن بعض أصحاب مزارع الدجاج يضعون في غذائها قدراً من الدّم لكي تسمن، ويثقل وزنها، فإن ذلك العمل فضلا عن عدم جدواه يضر بآكليها حتما، ولا سيما المكثرين من تناولها< انظر الفقه الواضح من الكتاب والسنة على المذاهب الأربعة 376/2.