أعد جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) بالتعاون مع وزارة الخارجية الإسرائيلية تقريراً سرياً عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في الدول العربية في ضوء حصول الموساد على التقارير الطبية عن الحالة الصحية للملوك والرؤساء العرب الذين يحرصون على تلقي علاجهم في الخارج، وبعض التقارير الأخرى عن الأنشطة السياسية والاقتصادية في الدول العربية المحيطة بالكيان الصهيوني، وتم تسريب ذلك التقرير إلى جريدة معاريف الإسرائيلية ليتم نشره على أنه توقعات عن الحالة السياسية للدولة الصهيونية خلال القرن الجديد، وانتشر ذلك التقرير بعد ذلك لتنشره جريدة الأسبوع المصرية، ولتشير إليه جريدة الأهرام. وهذا أهم ما جاء في التقرير :
أولا : سوريا
يرى التقرير أن الرئيس السوري حافظ الأسد(ü) منشغل حاليا بترتيب الخلافة السياسية ودفع نجله بشار لتولي الحكم خليفة له، عبر الزج به في بعض المهام السياسية الصعبة، ويزعم التقرير أن الظروف الصحية للأسد لن تساعده على اجتياز السنوات الخمس القادمة، ولذلك فإنه من المنتظر أن يكون هناك صراع سياسي داخل سوريا على خلافة الأسد، وحسب التقارير الإسرائيلية التي تضمنها التقرير، فإن هناك صراعاً بين عدة مجموعات لتولي خلافة الأسد، فهناك صراع بين الأسد وشقيقه رفعت الأسد، والذي يرغب في الفوز بمنصب الرئاسة، بينما يرغب الأسد في تعيين ابنه بشار.
ويقول التقرير إن بشار الأسد لن يكون مختلفا في سياسته عن والده، ويتوقع التقرير أن تشهد سوريا فترة من الاضطراب وعدم الاستقرار بعد غياب الأسد، وأن إسرائيل يجب أن تسيطر في هذه الفترة على جميع الأوضاع والمتطلبات الأمنية.(1)
وينصح التقرير، لإنقاذ الموقف، بالدخول في مفاوضات طويلة مع السوريين حول الجولان دون أن ينحسم مصيرها خلال فترة حكم الأسد، وأن تحدد سياسة إسرائيل تجاه الجولان بعد تولي بديل الأسد الحكم.
ثانيا : مصر
يقر التقرير بأن مصر تشهد قواعد مستقرة لانتقال السلطة، وهو أمر يشير إلى أن معاهدة كامب ديفيد ستبقى ولو كمجرد رمز لإنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل.(2)
ويحذر التقرير من السياسة التسليحية المصرية، ويوصي بأهمية مراقبة التطور العسكري المصري بشكل كثيف ودقيق والسعي إلى عودة التفوق للميزان العسكري الإسرائيلي.
ويرى التقرير أن المصريين ليس لديهم رغبة للتطبيع الكامل مع إسرائيل، ويتوقع التقرير أن يعاني الاقتصاد المصري بعض الصعاب المهمة، لأن معدلات زيادة الناتج القومي مازالت دون المستوى الذي يتفق مع معدلات عالية لزيادة السكان.
ثالثا : السعودية
يتوقع التقرير الإسرائيلي استقرار الأوضاع بالمملكة العربية السعودية، وإن كان التقرير يتخوف من سياسة الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد، والذي يتوقعأن يتولى منصبه كملك خلال الخمس سنوات القادمة، والذي وصفه التقرير بأنه صاحب توجهات عربية واضحة، وأنه يكن العداء للدولة الصهيونية وللسياسات الإسرائيلية.
رابعا : إيران
حسب ما ذكر في التقرير، فإن إيران ستتوصل خلال الثلاث سنوات القادمة إلى صنع قنبلة نووية، لتكون الدولة النووية الإسلامية الثانية -بعد باكستان-، وأن إيران ستوجه هذه القنبلة بشكل مباشر إلى إسرائيل، كما أن الإيرانيين سينتهون خلال الخمس سنوات القادمة من إعادة علاقاتهم بالدول العربية، خاصة مصر ودول الخليج العربي، مما يؤدي إلى اندماج إيران بشكل قوي في المنطقة، الأمر الذي سيعوق المشروعات الإسرائيلية للتعاون مع الدول العربية.
خامسا : العراق
يقول التقرير إن صدام حسين أثبت قدرته على الاستمرار في السلطة، على الرغم من جهود الولايات المتحدة والدول الغربية من أجل إقصائه عنها، ويرى التقرير أنه في ظل استمرار المخططات على ما هي عليه في ظل ضعف المعارضة العراقية، فإن صدام حسين سيستمر في السلطة دون أن يكون هناك أمل في التغيير.
ويرى التقرير أن العراقيين سيحققون مكاسب هائلة على صعيد عودة علاقتهم مع الدول العربية، كما أن الاقتصاد العراقي سيشهد المزيد من الانتعاش والنمو والتقدم، ومن المفيد أن تسعى إسرائيل للبحث عن قناة للتعاون مع العراقيين بعد العام القادم.
ويشير التقرير إلى أنه أمام العراق فترة طويلة حتى يسترد عافيته الاقتصادية، خاصة في المجال الزراعي، حيث أن الجيل الحديث من القنابل التي ألقيت على العراق أدت إلى تبوير بعض الأراضي الزراعية، وأن إعادتها للزراعة من جديد قد يحتاج إلى مئات الأعوام.
سادسا : الأردن
يرى التقرير أنه في ظل التوجهات الجديدة، فهناك إمكانية لرفع التعاون بين البلدين (الأردن وإسرائيل)، إلا أن التقرير يرى أن الأردن سيظل يوازن بين علاقاته مع إسرائيل والدولالعربية الأخرى.
سابعا : مستقبل الخيار العسكري في المنطقة
استبعد التقرير أن يلجأ العرب إلى أي خيار عسكري خلال الخمس سنوات القادمة، وركز على ضعف الإمكانيات العسكرية للدول العربية باستثناء مصر، ويرى التقرير أن الدول العربية لن تكون مهيأة للدخول في خيار عسكري مع إسرائيل، كما أن هذه الدول لا تتفق على رأي واحد بشأن استعمال الخيار العسكري(3)، وأن مصر وهي الدولة الأساسية التي تفضل خيار السلام، وأن الخيار العسكري إذا ما حدث، فسيكون لظرف طارئ.
هذا ملخص لتصور الأوضاع الخارجية الإسرائيلية للأوضاع خلال السنوات الخمس القادمة.. ترى كم دولة عربية أعدت خطة مستقبلية للتعامل مع الواقع؟
———-
(ü) أنجز التقرير قبل وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد.
(1) لعل القصف الأخير للمؤسسات الفلسطينية وقمع الانتفاضة المباركة، خطوة على هذا الطريق.
(2) و(3) عكست ذلك تصريحات مبارك الأخيرة التي تستبعد الحرب نهائياً مع إسرائيل.