افتتاحية : انتفاضةُ القرن غالية فلا تُرْخِصوها بالتخاذل


أخرج الإمام أبو داود وغيره عن ابن عمر أن رسول الله  قال : >إن ضَنَّ الناسُ بالدِّينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بِهِمْ بَلاَءً، فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُم< إنه تهديدٌ صريحٌ واضح للأمة الإسلامية بنزول البلاء في كل مناحي الحياة فيها إن هي تركَتْ الجهاد في سبيل الله تعالى لصيانة الدين، وصيانة حُرُماته، وصيانة حُرُمات المسلمين، ولإعلاء كلمة الله وشريعته بين العالمين، ولإنقاذ الإنسان الغافل من الخسران المبين. فالمُنْقِذ للأمة من بلاء الهوان، وبلاء الهبوط الحضاري، والأخلاقي هو الجهاد، والجهاد وحده، مهما التَفَّ عليه المنافقون، ومَيَّعَ صُورَتَهُ المتخاذلون، فالله أعْلَمُ وأحْكَمُ، والدُّنيويُّون أجْهل وأذَلُّ.

ولقد شاء الله تبارك وتعالى أن يوقظ الأمة بعد طول سبات بالانتفاضة المباركة بالأرض المقدسة، التي ردَّدَتْ صداها وتجاوبتْ معها مشاعر المسلمين في كل مكان، فكانت بذلك انتفاضة القرن الواحد والعشرين،المُؤذِنة بالفتح المبين، لأنها جاءت :

1)بعد طول أمَدِ تهْمِيش دوْر الشعوب في التحوُّل التاريخي وتصحيح المسار.

2) بعد الإذلال الذي لحق الأمة نتيجة حرْب الخليج التي مزَّقَتْ الأمة شذَرَ مذَر.

3) بعد خيْبة الأمل في جميع الحلول الاستسلامية التي حاولت فرضَها على الأمة كل قوى الشر والفساد.

4) بعد معجزة النصر التي تحققتْ على يد حزب الله في لبنان حيث أنعَشت الآمال وأحْيت روح الجهاد في الهِمم الباردة الخَامدة.

5) بعد ظهور هشاشة الروابط التي تربط العرب فيما بينهم من جهة، وتربطهم بالمسلمين من جهة أخرى، فضُعْف آصرة الرابطة الإسلامية جعل كل واحد لقمة سائغة في فم العدو المفترس.

إن هذه الحيْثيات وغيرها كثير، تدل بوضوح على أن هذه الانتفاضة هدية من الله تعالى لإحياء الأمة من جديد، لا من حيث أسبابها، ولا من حيث أهدافها، ولا من حيث ظروفها، ولا من حيث أبطالها وأشخاصها وأشكال تحركاتها و… كل ذلك جاء بقدَرٍ من الحكيم اللطيف الخبير. فهل يعي القادة حينما يجتمعون هذه الهدية الربانية، ويخرجون منها بقرارات تناسب عمقها الإيماني وبُعْدَها الحضاري؟؟ فأمام القمة الشيء الكثير مما ينبغي أن يفعل،  وعلى رأس ذلك :

1) فتح باب الجهاد بالمال لدَعم المجاهدين المنتفضين داخل الأرض المقدسة.

2) المقاطعة الشاملة لجميع أشكال التعامل مع الأعداء  ومؤيديهم، بما في ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية.

3) التخطيط العميق لوحدة عربية واسلامية شاملة، اقتصاديا، وسياسيا، وتشريعيا.

4) إزالة بؤر التوتر المصنوعة في المناطق العربية والإسلامية.

5) تمتيع الشعوب بحرية الاختيار للقادة والمسؤولين، فَزمن الاستبدادقد ولَّى وأدبر.

هذا بعض من كُلِّ، وحذار حذار من الاجتماعات والقرارات الورقية التي تقودنا للخراب والدمار، فالوقت ليس وقْت التّلاسُنِ والتفاصُحِ وإهدار الوقت والمال في العنتريات والمهاترات، فالتاريخ يكتب، والشعوب تسجل، والله قبل ذلك وبعد ذلك يرَى ويمْكُر بالماكرين الذين لم يُقدِّروا الهدية، إنها هدية ربانية غالية، ويا ويْلَ من أرْخصها بالمكر والتخاذل، ولم يكن في مستوى قدْرها الجهادي!! {إلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُم عَذَاباً أَلِيماً ويَسْتَبْدِل قَوماً غَيْرَكُم ولا تَضُرُّوهُ شَيْئاً واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(التوبة : 38).

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>