إشراقات : وبشر المخبتين


لقد مدح الله تعالى المخبتين له، والمنكسرين لعظمته، والخاضعين لسلطانه، والخاشعين لجلاله، فقال تعالى : {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين}(الأنبياء : 90).

وهذه الصفة الكريمة هي روح العبادة وجوهرها، وهي سبيل المغفرة والأجر العظيم، قال تعالى في وصف الخانِعين الخاشعين {والخاشعين والخاشعات} إلى قوله {أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً}(الأحزاب : 35). وهذه الصفة تلازم الفائزين يوميا في عبادتهم التي يحافظون عليها، قال تعالى : {قد أفلح المومنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون} (المومنون : 1) وإذا سمعوا كلام الله وقع التواصل بين أرواحهم وروح القرآن الكريم، قال تعالى : {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}(الإسراء : 107).

وأصل هذهالصفة أخي المسلم هو لين القلب عند ذكر الله، ودقته وسكونه وخضوعه عند عبادة الله، وانكساره وشوقه وحرقته عند الشوق إلى لقاء الله، فإذا بالجسم يخشع مخه وعظمه لجلال الله، لهذا كان النبي  يقول في ركوعه : >خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي<(رواه الترمذي).

بل حتى صوت المسلم تظهر فيه نغمة الخشوع لله عند كلامه، قال تعالى : {وخشعت الأصوات للرحمان}(طه : 108).

وخشوع الأصوات هو سكونها واخفاضها، إذاً فالخشوع هو الإنحناء والسكون والخوف والخشية، ولهذا وصف الله الكفار بالخشوع يوم القيامة وذلك لخوفهم من كثرة ذنوبهم وآثامهم ومعاصيهم، قال تعالى : {خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة، ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون}(المعارج : 44).

فإذا خشع القلب أخي المسلم فإنه تسكن خواطره وإرادته الرديئة التي تنشأ عن اتباع الهوى، فينكسر وينخضع لله، فيزول بذلك ما كان فيه من التعاظم والترفع والتكبر والزيغ، ومتى سكن ذلك في القلب خشعت الأعضاء والجوارح عند الحركات.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>