المكتب الإقليمي بالمغرب لرابطة الأدب الإسلامي العالمية ينظم :الملتقى الأول للأدباء الشباب بالدار البيضاء


بتعاون مع جمعية البلاغ الجديد للثقافة والفن بالمحمدية وجمعية الهدى للعمل النسوي بمدينة الدار البيضاء، نظم المكتب الإقليمي بالمغرب لرابطة الأدب الإسلامي العالمية -فرع الدار البيضاء- الملتقى الصيفي الأول للأدباء الشباب، وذلك من يوم الأربعاء 9 ربيع الثاني 1412هـ الموافق لـ12 يوليوز 2000م إلى غاية يوم السبت 13 ربيع الثاني 1412هـ الوافق لـ16 يوليوز 2000م بمقر جمعية الهدى للعمل النسوي بالدار البيضاء.

اللقاء كان بادرة طيبة لكونه يسر السبيل ليتعاون أبناء الكلمة الطيبة وحاملو الرسالة الأدبية الذين يهتدون بهدي الله ويستنيرون بمشكاة النبوة. ووفر الفرصة للأخذ بأيدي الأدباء الشباب وتوجيههم لتحمل المسؤولية، وقد حج إلى الملتقى أساتذة من مختلف الجامعات المغربية وشباب جاءوا من مدن أگادير ومراكش والرشدية وفاس ومكناس ووجدة علاوة على مدينة الدار البيضاء وغيرها من المدن المغربية. وقد كان برنامج الملتقى حافلا حيث شهد ندوات علمية، وورشات تطبيقية وأمسيات. والملتقى جاء استجابة لمخطط متكامل وضعه مكتب المغرب الإقليمي الذي انطلقت أول خطواته سنة 1994 بتنظيم الملتقى الدولي الأول للأدب الإسلامي بمدينة وجدة بتعاون مع كلية الآداب ومجلة المشكاة، والتقرير التالي يحاول تقريب صورة الملتقى لقراء المحجة.

الجلسة الافتتاحية

في الجلسة الافتتاحية، تم الاستماع إلى كلمات السادة الأساتذة :

الدكتور حسن الأمراني : رئيس المكتب الإقليمي للرابطة. الأستاذ عبد الرحمن عبد الوافي : رئيس جمعية البلاغ الجديد. والأستاذ محمد جكيب : رئيس فرع الرابطة بالبيضاء. والأستاذ محمد خليل رئيس اللجنة المنظمة.

الجلسة الأولى

وكان محورها “الأدب والقرآن الكريم”، تناوله كل من الدكتور الشاهد البوشيخي، والأستاذ المصطفى تاج الدين. فالأستاذ الشاهد البوشيخي تناول الموضوع انطلاقا من وضع ثلاثة أسئلة والإجابة عليها وهذه الأسئلة هي : ما القرآن؟ وما الأدب؟ وما العلاقة بينهما؟ وبعد تعريفه للقرآن بأنه “القول البليغ” والأدب بأنه “قول بليغ” خلص إلى العلاقات التي تربط بينهما وهي كالتالي :

- علاقة الأصل بالفرع : فالأدب يكتسب أدبيته بقدر اقتباسه من القرآن معنى ومبنى.

- علاقة الرؤية بالممارسة : فلإنتاج قول بليغ لابد من التمكن من الرؤية القرآنية، إذ القرآن يصف واقع الأكوان نشأة وتطوراً، ولذلك ينبغي الامتلاء بالقرآن إلى الحد الذي لا يبقى فيه انفصام بين الرؤية والممارسة.

- علاقة الذاكرة بالذكر : فالقرآن ذاكرة ضخمة جمعت فأوعت، والذاكرة تحتاج إلى ذكر الله وتذكره لاستلهام القول البليغ.

كلمة الأستاذ المصطفى تاج الدين لم تخرج كما قال عن المتعاطفَيْن : “القرآن والأدب” فقد أكد أن هذه العلاقة لا حاجة للاستدلال عليها. وأشار إلى أن الكثير من الآداب بناء ولغة لم تنطلق من القرآن الشيء الذي أدى إلى انحراف خطير في شخصية المسلم وتصوره. وقد فصل في موضوعه انطلاقا من عدة محاور وهي :

أثر القرآن في تشكيل النص الأدبي.

القرآن ومفهوم الرؤية الأدبية.

القرآن والتنوع الغرضي.

القرآن ومفهوم الجمال.

الجلسة الثانية

ومحورها “الأدب والحضارة” عالجه كل من الدكتور حسن الأمراني والذي تقدم بعرض تحت عنوان : “من حضارة الأدب إلى أدب الحضارة” حيث أشار إلى أن الإسلام حريص على أن يكون متميزاً، إذ الحضارة هي مجموع النتاج الفكري والمادي بما في ذلك العقائد والفنون، والحضارة لا تتحقق إلا بتحقق الاستخلاف بالشروط التي ذكرها الله تعالى، وبهذا المفهوم لا يجوز إطلاق الحضارة إلا على المجتمع المسلم الذي اكتملت كل خصائصه وإطلاقها على غيره مجاز، والأدب تبعا لذلك يكون جوهراً للحضارة وعاملاً من عوامل تسديدها وترشيدها. فقد كانت الحضارة العربية قبل الإسلام “حضارة أدب” ولما جاء الإسلام صحح هذه العلاقة وأسس قولا وفعلا “أدب الحضارة” فأعطى وظيفة للأدب إذ جعله رساليا ونزههه عن العبث. ولذلك فنحن مدعوون إلى تصحيح مسيرة الأدب والانتقال به من حضارة الأدب إلى أدب الحضارة.

أما الأستاذة فاطمة خليل (أم نوفل) فقالت تحت عنوان : “بعض ملامح المشروع الحضاري لأبي علي الحسن مسعود اليوسي (-1040 1102هـ) : هذا الرجل المصلح الذي يشكل صفحة مشرقة من صفحات تراثنا، ارتبطت حياته بأفكاره في فترة حاسمة في تاريخ المغرب الذي شهد ثورات واضطرابات تمثلت في ظهور الفوضى في عهد السعديين وظهور بعض القوى السياسية التي أصبحت تنافسهم كالدلائيين والعلويين، فكان اليوسي مفكرا وأديبا وعالما متميزاً عن الذين فضلوا التملق، وقد بينت الأستاذة ذلك من خلال التعرض لمراحل حياته وثقافته ومواقفه من الأوضاع السائدة آنذاك.

الجلسة الثالثة

وكان محورها : “الأدب والحداثة” وفي هذه الجلسة تناول الكلمة الأستاذ عبد الرحمن عبد الوافي، فأكد أن الحداثة واقع قائم بالقوة والإكراه وما على الأدباء الإسلاميين إلا أن يتعاملوا معها ويتحاوروا معها. وقد تمحورت كلمته حول العناصر التالية :

- مفهوم الحداثة عند الغربيين.

- الحداثة العربية في تعاملها مع الغرب.

- موقف الأدب الإسلامي من الحداثة.

وبعد ذلك تناول الكلمة الأستاذ مصطفى الحيا : الذي أكد أن الحداثة مصطلح تدميري للغة والوزن والمعنى والرسالة الأدبية. فهي دعوة للثورة على الشكل التقليدي للأدب وتفجير اللغة. وهي دعوة إلى الثورة على الأوزان وبالتالي هي ثورة على العقل والمنطق وإلغاء جمالية الوزن الشعري المنتظم، وبالتالي تدمير الرسالة الأدبية التي هي رسالة الإبانة والوضوح نتيجة التلغيز المفرط والتعمية والجرأة على الثوابت العقدية والتشريعية والتراثية بخلفية حداثية.

وإذا كانت مداخلة الأستاذ عبد الوافي قد ركزت على الجانب النظري فإن مداخلة الأستاذ الحيا أعطت نماذج تطبيقية لشعراء مغاربة ومشارقة تبين النزعة “الحداثية” التدميرية عندهم.

أما مداخلة الأستاذ محمد جكيب فكانت تتمحور حول : “أدب الرؤية أدب البناء الحضاري” حيث أكل على أن حاجة الإنسان إلى الغذاء الروحي كحاجته إلى الغذاء المادي، فهما مرتبطان لا ينفصلان، وحاجة الإنسان إلى الأدب كحاجته إلى الماء والشراب، ونهوض الأدب مرتبط بنهوض الإنسان، والعلاقة التي تحكم الأدب الحق مع الأدب الساقط هي علاقة تدافع، وقوة الأدب الباني تأتي من قوة منطلقاته أي من الرؤية التي تحركه فكلما كانت واضحة كلما كان العطاء أقوى.

الجلسة الختامية وتوصيات الملتقى

أهم توصيات المشاركين جاءت كما يلي :

- الحرص على استمرار الملتقى.

- الدعوة إلى أن يختص الملتقى المقبل بجنس أدبي واحد.

- توفير منبر إعلامي خاص.

- أن تكون النماذج المحللة من إبداعات الشباب.

- نقل أعمال الملتقى إلى فضاءات أخرى.

- تنظيم خرجات.

- استدعاء أساتذة آخرين.

- تنظيم مسابقة في الملتقى.

- الدعوة إلى تكوين أوراش متخصصة في الجامعات.

- التنسيق بين أعمال الورشات والندوات.

- تخصيص جائزة لأحسن إبداع.

- متابعة الأعمال الإبداعية ودراستها دراسة نقدية ولو بسيطة.

- ضرورة الاتفاق حول مشاريع مستقبلية.

ورشات الملتقى

في مساء كل يوم من أيام الملتقى كانت تعقد ورشات تطبيقية تتناول نماذج عملية بالدرس والتحليل حسب تخصص كل ورشة، وهذه الورشات هي : -ورشة النقد. -ورشة الشعر. -ورشة المسرح. -ورشة السرد.

وبعد انتهاء الورشات يلتقي المشاركون كل يوم مع أمسية تلقى فيها نصوص شعرية وقصصية ومسرحية.

وبعد :

فمن الحسنات الأخرى للملتقى أنه جمع بين أصحاب الهم الواحد ليتعارفوا ويتعاونوا. وإذا كان سؤال الهوية والأصالة غائباً عند دعاة الحداثة على حد تعبير الأستاذ عبد الوافي في مداخلته، فإن الحسم في الميدان -على حد تعبير الأستاذ الشاهد البوشيخي- يتطلب ضربا من تكوين الأطر ورعاية الناشئة والأخذ بأيديهم وتشجيعهم ووضعهم على الصراط المستقيم، لنتخلص من الهجنة البنيوية والمعنوية، ولابد أن نكتشف حقيقة الذات إذا أردنا أن نتجاوز اللحظة الحاضرة، ونحقق الشهود الحضاري، ونعود إلى التاريخ عودة القادة فلا سبيل لذلك إلا بتمثل الخصوصية، إلا بالعالمية التي تلتقط ما في الفطرة، وهذا لا يتم إلا بالتضلع في القرآن الكريم.

وإلى الملتقى الصيفي القادم بحول الله تعالى.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>