أخطر الحصون في خطر


لقد شهت العشرية الأخيرة “جهوداً” حثيثة “لتطوير “المنظومة التربوية في كثير من دول العالم العربي والإسلامي، بشكل يثير الدهشة. لكن إذا عرف السبب بطل العجب. إنه مخطط رهيب يجري تنفيذه لتغيير مناهج التعليم بما يتوافق و”الحداثة” الغربية ويرضي الغطرسة الصهيونية في زمن التراجعات العربية.

فمنذ زمن، وخاصة بعد حرب الخليج الثانية، يلاحظ المتتبع لتطور عهد الاستسلام العربي للعدو الصهيوني أن البند الرئيسي في أي اتفاقيات ينص على حذف كل ما يمت لليهود بصلة في مناهج التعليم، بما في ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تبرز أخلاق اليهود الذميمة بالإضافة إلى بعض الوقائع التاريخية. إنه مخطط شامل -إلى جانب مخطط تدمير الأسرة- مبيت يستهدف ضرب الهوية الاسلامية والشعور بالانتماء إلى الحضارة الإسلامية.

ولقد انطلق هذا المخطط التدميري من مصر تحت ضغوط غربية متزامناً مع تطبيقه في بعض البلدان العربية مثل تونس التي تعد رائدة في محاربة ظاهرة التدين وكل ماله علاقة بالهوية الاسلامية تحت شعار : سياسية تجفيف الينابيع التي تغذي ظاهرة التدين في المجتمع. إلا أن ذلك المخطط ظل يتعثر بسبب حملات الاحتجاج الشعبي والإعلامي التي كشفت حقيقته وأغراضه الخبيثة. والأخطر من ذلك هو أن المادة الدينية التي أبقي عليها في بعض المناهج الدراسية صيغت لتشكيك الناشئة في دينهم ونبيهم بدعوى الحرية الفكرية والإسلام المستنير كما هو الحال في تونس.

وقد امتد هذا المخطط إلى التعليم الخاص وإلى بعض المؤسسات الدينية التاريخية وتسلل إلى مناهجها، فعلى سبيل المثال : تم حذف 50% من الدراسات الشرعية واللغوية بكل مراحل التعليم بالأزهر، بل بلغ هذا الحذف 83% في المرحلة الإعدادية وما بين -58 63% في المرحلة الثانوية، كما خفضت حصص القرآن الكريم بـ 80% في المرحلة الابتدائية، كما تم حذف علم المواريث وأبواب الحدود، ناهيك عن وضع العراقيل أمام المدارس الإسلامية، وهي أرقام تناقلتها وسائل الإعلام المصرية خلال العام الماضي.

مقابل ذلك تم حشو مناهج التعليم بما يميع الشخصية الإسلامية ويدمجها في الثقافة الغربية الكافرة مثل دروس الرقص والموسيقى الماجنة والفسق والاختلاط غير المشروع بالإضافة إلى غرس مفاهيم تظهر عدونا الصهيوني “حملاً وديعاً” والشخصية المسلمة الملتزمة بالدين والأخلاق إرهاباً، وما حادثة الامتحانات في الموسم الماضي بمدارسنا المغربية عنا ببعيدة.

إن من تداعيات هذا المخطط هو تهديد تماسك المجتمعات الاسلامية. فعلى المسؤولين عن هذا القطاع الخطير أن يسارعوا لوقفة جادة لمراجعة هذه المناهج بإعادة ماتم حذفه وضبط ما تم تشويهه، وأن يفسحوا المجال واسعاً لكل غيور للمساهمة في التحصين والبناء، وإسهاماً منا في ذلك، كان هذا الملف حول : التعليم لنخبة من الطاقات المهتمة والعاملة في هذا الحقل المملوء بالألغام، وبالله التوفيق.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>