مجرد رأي : من احتلَّ من في فلسطين؟


… اسمحو لي يا سادة أن أكون ساذجا هذه المرة، فقد تشابه عليّ البقر ولم أعد أميز بين ما يحدث هذه الأيام على الساحة. فالأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط وضمن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لَتْعطي الانطباع لدى البسطاء من أمثالي بأن الفلسطينيين هم المُحتلون والدخلاء وأن اسرائيل هي الضحية.

الجانب الاسرائيلي هو الذي يعطي الأوامر ويهدد ويتوعد بوقف مسلسل السلام ويعطي للفلسطينيين ما شاء ويتراجع عما شاء وقت ما شاء.

“باراك” يمتقع وجهه ويستشيط غضبا ويعقد اجتماعات طارئة احتجاجا على استمرار الانتفاضة في شوارع غزة. ويعطي أوامره إلى عرفات لكي يوقف المهزلة ويهدده بتوقيف المسلسل إن هو عجز عن ذلك. طبعا -وكالعادة- تُعطى الأوامر لجيش السلطة لكي يوقف الانتفاضة بـ(الرغيب) في البداية ثم باستخدام القوة والحواجز فيما بعد…

ومن المضحك أن أحد جنود السلطة الفلسطينية قد شوهد وهو يريد أن ينتزع علما فلسطينيا قد وضعه أحد الشباب الفلسطيني على عود كهربائي!

وفخامة الرئيس عرفات مُستاء جداً ومتأثر غاية التّأثير بما يحدث، إذ أن مثل هذا “الشغب” غير المسؤول قد (يُبوِّز) كل ما بناه منذ سنوات وهذا حرام في فقه السلطة.

“باراك” لم يكتف بهذا بل طلب رسميا من مفاوضيه في “ستوكهولم” بأن يقلبوا طاولة المفاوضات على نظرائهم الفلسطينيين وكذلك كان، فبقي الإخوة في وضع لا يحسدون عليه في قاعة المفاوضات وحدهم وقد سُقط في أيديهم، وفي حالة شرود في ملعب مفاوضات مغشوشة. بلدية القدس من جهتها أبدت استياءها تضامنا مع “باراك” وأعطت الاشارة للانطلاق في بناء مستوطنة جديدة على قرية في شرق القدس كان من المتوقع أن تُسلم للسلطة الفلسطينية.

وهكذا يبدوا جليا أن اسرائيل هي التي تعطي الأوامر وتشترط الشروط والسلطة تقبل وتُنفذ ببلاهة وبداهة متحدية بذلك انتفاضة الشارع الفلسطيني بجميع فئاته وأطيَافه السياسية.

فقد شوهدت مظاهرات لشباب فلسطيني يُندد بالمفاوضات السرية التي تقوم بها السلطات من وراء ظهره. وتطالب أيضاً بوقف مسلسل السلام وكافة أنواع التطبيع مع العدو تماشيا مع مقررات وتوصيات الجامعة العربية المنعقد مؤخراً في القاهرة والتي طالبت صراحة باعادة النظر في مسلسل السلام كما دَعت جميع الدول العربية الى وقف جميع أشكال التطبيع مع اسرائيل! السلطة الفلسطينية تمضي والشارع الفلسطيني والعربي يغلي… ولا تَهتَمُّ بشيء.

لا بظاهرة الفساد المنتشرة في صفوف ادارتها.

ولا بتبديد أموال المساعدات وتلهية الشعب الفلسطيني المنكوب بمعسول الآمال.

ولا بظاهرة استقالات الشخصيات الفلسطينية الفاعلة والنظيفة احتجاجا على مسلكها الخاطئ. وآخر هذه الاستقالات استقالة (عبد ربُّ) احتجاجا على المفاوضات السرية التي تعقدها السلطة مع العدو بينما تبعث به وبغيره من المفاوضين للمشاركة في مفاوضات علنية غير ملزمة لأحد!

… فإلى متى يا تُرى تعطى السلطة الدنية في سيادتها وعزتها وتقفز في فترة ضعف على تاريخها الحافل بالجهاد والملاحم البطولية.

وإلى متى يستمر الانحناء…

إن الذلّ والمسغبة خيانة للتاريخ وقلب للحقائق، إذ قد يبدو اللص صاحب حق، وصاحب البيت لِصّا وحراما. وهو ما نراه قائما أمام أعيننا..

فهو -كما يقول سماحة الشيخ شمس الدين- إما أن تقطع يده وإذا لم تُقطع فهو يبححث عن وسائل لإضفاء الشرعية على ما سرق!!

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>