مع كتاب الله تعالى : تفسير سورة التحريم 30 >ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ماأمرهم ويفعلون مايومرون<


-1 استثمار الأحداث واستخلاص العبر منها يحتاج إلى القراءة الإسلامية :

أن الماديين والعلمانيين لهم قراءتهم، ولهم عيونهم التي ينظرون بها إلى الأحداث، هي عيون مادية جامدة بليدة لا تغوص في بواطن الأشياء، أو قد تدرك مغزى الحدث، ومع ذلك تحرفه وتوجهه إلى الجهة التي تخدم بها اتجاهها، ونظرتها إلى الأشياء وهؤلاء الناس هذا هو شأنهم وهذا هو ديْدَنُهم، وهذا هو المنتظر منهم، ولا يُعابُ ذلك عليهم لكن يُعاب على المسلمين الذين لا يهتمون بالأحداث، وهي تمرّ بهم سراعاً أو ينظرون إليها وقد لوّنت بلون مادي، فيهضمون ذلك اللون ويستوعبونه وتنطلي عليهم الخدعة ولا يُفيقون، إننا بحاجة إلى عيون إسلامية، وإلى قلوب إسلامية لتقف مع كل حدث وتحلله وتفحصه وتستنتج منه، وتوجّه به.

إن كل يوم يَطْلُع يرى الناس فيه من الأحداث الشيء الكثير ويرون من خلالها أن الإسلام هو المستهدف، وأن الإسلام هو المستقبل وأن الإسلام هو الخلاص وأن الإسلام هو المنقذ، ولكن هذا الإسلام يحتاج إلى من يُبين حجته، ومن يظهر أحقيته وصلاحيته، وهذا يحتاج إلى أن نكون جميعا مُحللين إعلاميين من الطراز الأول، لأن الأشياء هكذا تُفَوّت وتمرَّر، وننظر إليها ببلادة وبغباء واضح، أشياء تغير الحق باطلا، والباطل حقا والمسلمون لا ينتبهون.

كنا ذات يوم نتأمل حدث الإسراء والمعراج وهما من المعجزات الكبرى لنبينا الأعظم عليه الصلاة والسلام، وكنا نُعجَبُ بهذا الأمر، ونرفع من شأن المعراج، لكن يقوم إنسان ساذج، بسيط، أو قاسط، ماكر، ليطلق على مسرح أو سينما اسم هذه المعجزة، معجزة تسمى بها سينما تعرض فيها الخلاعة والفجور والفسق، ويمر الناس بها صباح مساء، ويكرر الناس أين كنت؟ في المعراج، وقرب المعراج! هل بلغ الأمر بأن تَنزل المقدسات إلى أن يُعبث بها وتُسمى بها القاذورات؟! وعندنا من هذا القبيل أسماء مساجد ضخمة تاريخية في المغرب، ففي مراكش مساجد لها شرف وظهور ومكانة معروفة تسمى بها أسماء السجائر، كل الناس يعرفون أن مراكش تفتخر بالكتبية، ولكن هناك أشياء تُسَمَّى بهذا الاسم دون أن ينتبه إليها أحد، إلى غير ذلك من الأمثلة الدّالة على انعدام القراءة أو بلادتِها.

إن الناس إن نظروا في كتاب الله عز وجل علموا أن كتاب الله لا يحشر المعلومات التاريخية، لا يسردها، وإنما يوردها بقدر ما يستنبط منها العظة والعبرة، كما وقع في الكلام عن غزوة بدر أو أحد أو حُنيْن، حيث كان القرآن يصحح الأخطاء، ويسدِّد السير ليعلمنا كيف نستقل بالتحليل والفحص، والنظر، حتى لا نكون تبعا لغيرنا، لأن كل التحليلات الأخرى إنما هي تحليلات مغرضة، وتنبع من جهات معينة وتخدم اتجاهات معينة، ونحن أيضا يجب أن يكون لنا استقلالنا في فهمنا للأحداث، وتكييفنا لما يقع، وفهمنا لمقاصد ومؤديات هذه الأحداث.

-2 القراءة المادية للأحداث تبعدنا عن المنهج الإسلامي وتضُرُّ بنا :

إننا محتاجون إلى القلوب الحية، إلى العيون الإسلامية، إلى البصائر المؤمنة لنكشف هذا الأمر، وإلاّ فإننا لن نصل إلى شيء. نحن نمر -أيها الإخوة- بأكبر كارثة في ديننا ودنيانا، في أرزاقنا وأرواحنا هي هذا الجفاف الذي يعُمُ، وهذه الأنباء المروعة التي نسمعها، في أن هذه الدول العربية لا تمتلك إلا الواحد في المائة من المدّخَر العالمي للماء، وأنها تستنزف منه مائة في المائة، وأن الكارثة المقبلة هي كارثة الحصول على الماء للفلاحة، للزراعة، للحيوانات، للإنسان نفسه، هذا كله يقع، ولكن نحن ننظر إليه كما ينظر إليه غيرنا من الماديين والكافرين، ذلك أن الأمطار لم تنزل لأن هناك حالة من الضغط الجوي المرتفع مانعة من تسرّب الهواء إلى غير ذلك من التحليلات المادية المعروفة. ولكن من فعل كل هذا، ومن (سَمَّر وثبّت) هذا الضغط المرتفع هناك؟ ألا يمكن أن يُرْفع هذا الضغط الجوي المرتفع؟ ألا يمكن أن ينزل المطر؟ ألا يمكن أن تكون لنا طريقة في الإتيان بالمطر؟! طبعا الماديون لا يعرفون هذا ولا يؤمنون به، لأن هذا الكون عندهم مُرْسَل، ويتحرك وحده لا مالك له، لا مُتَصَرِّف فيه.. نحن من صلب عقيدتنا نعرف أن الأشياء تجري بقضاء اله وقدره، وأن الأشياء محكومة بالإرادة الإلاهية وأن هذا الكون هناك من يتصرَّف فيه، فلماذا لا نتصالح مع هذا المتصَرِّف في الكون؟!، لماذا لا نَجْعلُ من أسباب إزالة هذه الغُمة،  وهذه الكارثة، وهذه الأزمة أن نتوجه إلى الله تعالى، ضارعين خاشعين متوسلين، مسترحمين، عسى أن يرحمنا سبحانه وتعالى، هل فقدنا الأمل في الله؟! أم استغنينا عن الله؟! هل ظننا أن هذا الكون لا إله له؟! أو أن هذا الإلاه عاجز عن تغيير الحال إلى حال آخر؟! هذه أسئلة تقع..

-3 كارثة الجفاف وشح المياه ابتلاء يعالج في القراءة الإسلامية بالتضرع والاصطلاح مع شرع الله :

رؤية الماديين تَصِفُ ما هو واقع علميا، وما تحكيه الأرصاد الجوية نعرفه ونؤمن به ماديا، لكننا نعرف أن هناك مسبّبَ الأسباب، أن هناك المتصرف في الكون الذي هو الله عز وجلّ، وأنه هو الذي يدعونا دائما إلى حضرته، ويرغبنا في طلبه {وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَان فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وًلْيُومِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة : 185)، {وهُوَ الذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وهُوَ الوَلِيُّ الحِمِيدُ}(الشورى : 26). فإن الله لا يستعصي عليه شيء،وإنما يكون أسلوبنا -نحن- في معالجة هذه الأزمة، وهو أسلوب اللجوء إلى الله والرجوع إليه، والتوكل عليه، والتصالح معه، بإغلاق الخمارات، ودُورِ البِغَاءَ والفَسَادَ لأن هذه هي سبب الكارثة وسبب الأزمة..

لاحظوا كيف يتكلم ممثلو الأمة عن الجفاف تحت قبة البرلمان.. يحذِّرون وزير الفلاحة ويكثرون عليه من الشكوى.. لمَّا يأتي الجفاف لا ينفع فيه وزيرُ الفلاحة، ولا وزيرُ التجارة، ولا وزير الخارجية.. سيصيب الله البشرَ بما يشاء، ولن ينفعنا إلا أن نطرق باب مُسَبِّبِ الأسباب الذي هو الله عز وجل فنتصالح معه، ليس بالاسْتِسْقَاءاَت الفولكلورية، وإنما الاستسقاءات النابعة من إحساس المسلم بالاضطرار، وبالرجوع عمليا إلى الله : أن يصوم الناس، أن يردوا المظالم، أن يتوبوا، أن يَبْكُوا، أن ينيبوا إلى الله أن يرحموا الضعفاء، أن ينقُّوا الشوارع من الفساد، أن ينقُّوا المحاكم و الإدارات والوزارات من الرشوة، أن يعطوا المسؤولية للأكفاء الصالحين، ويرفعوا بعد ذلك أيديهم، فإن كانوا صادقين لاشك أن الله تعالى لن يخيبهم.

هذا هو أسلوبنا نحن المسلمين ولكنه ضاع مع طغيان التحليل المادي الذي دُجّلنا عليه جميعا وعُلِّمناه، وهو أن الأشياء تقف عند حد المظاهر المادية، ولا داعي إلى الاستسقاء، ولا داعي إلى طلب المطر، وكأن هذا الأمر لافائدة منه، لأن هذا الإله غير موجود، أو أنه غير قادر، أو أنه لا يسمعنا أو أنه لا يستجيب لنا، فسارت المسائل على ما هي عليه من الانحرافات العَقَدِيَّة.

وهكذا فإن المسلمين في مجال التربية يجب ألا يتركوا الأحداث تمرّ بهم مروراً عابراً، بل يجب أن يقفوا عندها فاحصين متأملين، مستخلصين العِبر والعظات حتى يوجهوا الأجيال الجديدة بناء على الحدث الذي وقع، وما أكثر الأحداث التي تمر بنا، وما أكثر العِبر والعظات التي نضيعها نحن، لو كنا نستطيع أن ندرك أو نعقل أو نعبّر بالتعبير الصحيح لا ستطعنا أن نخدم ديننا خدمة واسعة ولاستطعنا أن نقيم الناس على منهج الله بِيُسر وسهولة.

الآية التي كانت منطلق الحديث هي الأمر الإلاهي الموجه إلينا بأن نقي أنفسنا {يا أيها الذين آمنوا قُوا أنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ نَاراً وقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَة} فنحن مطالبون بأن نقي أولادنا وأهلينا أجمعين هذه النار، ولا وقاية لنا إلا أن نربيهم على الدين، وأن نقيمهم على المنهج، فيكون في ذلك فعلُ شيء تتولد عنه الوقاية.

-4 الآية المنطلقُ منها {قوا أنفسكم} أصل في وجوب التربية :

والآية هذه أصل في وجوب التربية، وقد أعطت المسلمين ككل الآيات القرآنية مجموعة معارف وعلوم كلها نبعتْ من هذه الآية، وقد بينت لكم مرات أن كثيراً من آيات الكتاب الحكيم كانت سببا في نشوء علوم مستقلة، مثل الآيات التي دعتنا إلى الطهارة فقد كانت سببا في اهتمام المسلمين بالمياه، وبوسائل النظافة، وباختراع الصابون، واختراع كل ما يتصل بالنظافة. والآيات التي دعت المسلمين إلى استقبال القبلة كانت سببا إلى توجه المسلمين إلى علم الفلك، وإلى تطوير معارفهم واختراع بعض الوسائل كالبوصلة وغيرها، والآيات التي دعت إلى أداء فريضة الحج كانت سببا في تطوير صناعة السفن وغيرها من المراكب والمحطات التي توصلهم إلى بلاد العرب قصد أداء مناسك الحج، وهكذا عرف الأندلسيون سُفنا كانت تعرف بالسّفن المكية وهي السفن الخاصة بنقل الحجاج إلى بلاد العرب.

والآية أيضا كانت سببا في تأليف عدة كتب في التربية، وإيجاد عدة مؤسسات تربوية، ثم هذه الآية التي أوجبَت على الناس أن يربّوا أهلهم كانت سببا في اهتمام العلماء بعلم التربية فأصبح ضروريا أن يكون علم التربية جزءاً من علوم الشريعة، وأول من أَوْجَبَ عليهم أن يهتموا به هم المفسرون والفقهاء استجابة لأمر الله تعالى، فبحثوا فيه وأطالوا الوقوف عنده حتى نشأ علماً مستقلا. والأروبيون أنفسهم عندهم علماء متخصصون في التربية لهم جهودهم، ولهم طرقهم، ولا زالوا موجودين إلى الآن ولكن هذا لا يعني أننا نحن المسلمين كنا غائبين، لقد كنا حاضرين على مرّ العصور، وكتاباتنا التربوية كانت رائدة وسابقة، ولكن لأمرٍ ما غُيّبَت ووُضِعَ فوقها التراب وأُخْفِيَتْ لأن هذه التربية تعْنِي تقْوِيمَ الإنسان على المنهج الإسلامي، والتربية الجديدة الغازية تربية أخرى فلذلك برزت تربيات الأروبيين والغربيين واخّتَفَتْ تَرْبِيَتُنَا.. إن أسد بن الفُرات تلميذ الإمام مالك من الأوائل الذين كتبوا في موضوع التربية، وكتب فيه محمد بن سُحنون المتوفى سنة 242هـ صاحب كتاب آداب المعلمين، وهو كتاب مستقل في التربية، وكتب قبله ابْنُ مَسْكَوَيْهِ، وكتب غيرُ وَاحدٍ من العلماء في هذا الميدان آخرهم ابن خلدون، كل هؤلاء كتبوا في موضوع التربية استجابة لهذا الأمر، لأن الآباء يريدون تنفيذ هذه الأوامر الإلهية لكن يستعصي عليهم الأمر، لذلك كان لزاماً على العلماء والفقهاء أن يساعدوا المربين المسلمين في تنفيذ هذا الأمر، ولذلك ألَّفُوا هذه الكتب ليستفيد منها كل من أراد أن يربي ابنه على منهج مستقيم.

وأوجب العلماء أن تقوم  بالإضافة إلى التربية في البيوت مؤسسات عمومية للتربية، وقد كان الإمام ابن حزم يرى أنه يجب على ولي الأمر أن ينصّب لأطفال المسلمين ولعامة المسلمين من يتولّى تربيتهم إلى جانب الآباء، لأنه ليس كل الآباء قادرين على تنفيذ الأمر، وليس كل الأطفال لهم آباء، وقد تعوقهم معوقات، فلا يبقى أحد محروما من حقه في التربية لذلك عُمِّقت هذه المؤسسات، وفي بعض الفترات في النصف الأول من القرن الرابع في الأندلس كان في مدينة قرطبة خمس وأربعون مؤسسة للتربية العمومية تربي أولاد المسلمين، والهدف الأساسي تقويم أبناءالمسلمين وتربيتهم على المنهج الصحيح حتى ينشأوا ملتزمين بالآداب الإسلامية.. ولم تزل الكتابات تتوالى حتى كان عند المغاربة في الغرب الإسلامي كتبٌ أيضا في هذا الموضوع، أعظم الكتب المؤلفة في التربية كتاب “سِرَاجُ الإبْتِهاجُ” الذي غطى عليه الجهل والغزو، وكثيرٌ من رجال التربية عنْدَنا لم يطَّلِع على هذا الكتاب ولم يَره بل لم يَسمع به، وهو كتاب متأخر، وهو شرح لمنظومة في علم التربية، يقع في جزأين، وقد طبع طبعة قديمة، يصعب على الإنسان أن يحصل عليه لقلته أو لعدم وجوده بالمرة، ولسنا ندري لمَ لم يُطبع ولِمَ لم تتكلف معاهد التربية وهي كثيرة، بإعادة طبعه، وهو كتاب إن نظرت فيه عرفت بأن المسلمين حقا قد استجابوا لهذا الأمر وأخذوا له عدته فتحدثوا في التربية حديثا أصيلا عجيبا جداً، كيف يُربّى الأبناء، كيف يتعهدهم المعلم، كيف يجب ألا يفرق بينهم، كيف أن المعلم لا يجوز له أن يشغل بعضهم في بعض أغراضه.

ومن جملة ما يُوجَدُ في كتاب “سراج الابتهاج” فصل في العطلة للمتعلمين، وفصل في ممارسة الرياضة ومنها جزء متعلِّقٌ بلعب كرة القدم، متى يجُوزُ لَعِبُ كرة القدم، وأقوالُ العلماء المغاربة في هذه اللعبة هل تجوز أم لا تجوز؟؟ وكيف أن بعض علماء المناطق الجَبَلِيَّة كان يَكرهُهَا؟؟، وأن علماءَ مراكش وبعض الجهات أفتَوْا بجوازها، بشرط أن لا تشمل على مقامرة، وأن لا يكون المراد من اللَّعِب هو الظهور، وإنما هو الرياضة إلى غير ذلك من الشروط التي هي مذكورة ومتوسَّعٌ فيها.

إن الكتاب كان يجب أن يُعْرَفَ لأنه فيه كثير من الشعر ومن الأدب ومن المُلح ومن الأشياء العجيبة جداً، حتى الألعاب التي كانت شائعة مثل الشطرنج، وأقوال العلماء في هذا، وفي الفكاهات وفي النكت..

كتاب مهم جداً ولكنه مجهول ونحن نعرف دائما عن جُون ديوي، وعن جون جاك رُوسو، وغيرهم من الذين كتبوا عن التربية في الغرب، ولا نعرف علماءنا الذين كتبوا عن هذا العلم بتوسع وروح تربوية عالية.

الآية أمرت المسلمين أن يهتموا بالتربية وقد كان المسلمون ملتزمين بهذا الأمر وبذلك استطاعوا أن يقيموا الحضارة الاسلامية. والآية أيضا فيها حرية وتحميل للمسؤولية، والآية أيضا فيها إطلاق لحرية الإنسان بمعنى أن قضية نجاة ابنك وزوجتك من النار هو أمر بيدك أي بإمكانك أن تكون سداً بين أهلك والنار إن فعلت شيئا، يمكن أن تفعل شيئا لتنقذ أبناءك من الجحيم إن شئت إذن فلك مسؤوليةُ دخول واحدٍ من أهلك النار، بسبب تفريط منك غالبا، والله تعالى يجعلك أنت المسؤول عن دخولهم النار كأنه لم يجعل معاصيهم هي سبب دخولهم النار، لا، بل أنت الذي كُنْتَ مُهْمِلاً ومقصِّراً فدخل أبناؤك النار {قوا} أي أنت بنفسك يمكنك أن تقيهم، {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} فإذا لم تفعل فقد دخلوا النار فإن دخلوا النار فبسبب أنك لم تقم بواجبك، وحقيقة ليس هناك أمر يمكن أن يُحَتِّم التربية أكثر من هذا الأمر لأنه ليس هناك في الكون منْظَرٌ أفظع من أن يرى الإنسان ولده يرمى في النار وهو ينظر.

شأن هذه النار أن المشتعل فيها وأن الوقُودَ فيها مزيجٌ من الحجارة الملتهبة كالكبريت تتقد فيه النار ويلتصق به الانسان فيصير الكل مشتعلا، هذا مصيرٌ خطيرٌ جدا ومآلٌ للعصاة مؤلمٌ، فيجب على الانسان أن يبتعد منه.

د. مصطفى بن حمزة

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>