وقفة مع إصلاح التعليم الأصيل وجامعة القرويين في مشروع الميثاق


إن التعليم الأصيل هو الوريث الشرعي والامتداد الطبيعي للنظام التعليمي الذي عرفته بلادنا منذ أن أشرقت عليها شمس الاسلام، واستضاء ربوعها بنور القرآن.. وعليه كان معوّلها في تأطير حياتها العلمية والدينية والسياسية والقضائية والتشريعية والادارية عبر الحقب والعصور.. وفي ظله بنى المغرب امجاده التاريخية والحضارية.. فكانت حواضره قبلة طلاب العلم يشدون إليها الرحلة من أقاصي الدنيا ناهيكم بما أنجبه من فطاحل العلماء وأئمة الدين ورجال الاصلاح والتجديد الذين ذاع صيتهم في دنيا الاسلام، وسارت بذكرهم الركبان، اشادة بما أضافوه من عطاءات في مختلف ميادين العلم والابداع.

وقد ظلت قلاع هذا التعليم ومعاهده ومراكزه تمثل صمام الأمان الذي يرد على الأمة غزو الغزاة وغارة المغيرين العتاة.. فإلى جانب حراستها العلمية والدينية.. كانت ربطا للجهاد تذوذ عن الوطن وترد عنه كل عدوان واعتداء.. حتى إن المستعمر الغاشم قد وصف احدى قلاعه بـ “البيت المظلم”.

كما أنه بفضل هذا التعليم استطاع المغرب أن يحافظ على وحدته الدينية عقيدة وشريعة وسلوكا في ضوء العقيدة الاشعرية والفقه المالكي والتصوف السني.. وهو ما ارتضاه ولاة أمرنا -ملوكا وعلماء- منهجا ودليلاً.. فوقاهم الله بفضل هذا الاختيار الرشيد شر الفرقة والخلاف الذي ابتلي به غيرهم..

من أجل هذا وغيره فقد بوأت امتنا هذا التعليم المكانة اللائقة به وأحلته منها محل القلب والضمير والوجدان، إذ حظي على الدوام بالرعاية الكاملة والاهتمام البالغ من طرف ملوكنا الأبرار وخاصة منهم ملوك دولة الاشراف العلويين الذين أحاطوا جامعة القرويين -وهي تمثل المرجعية العليا للعلم والدين- بما هي جديرة به من كريم العناية وفائق التقدير.. إذ كان هاجس اصلاحها وترشيد خطاها وتفعيل خطاها في مقدمة ما يشغل بالهم ويتوارثونه خلفا عن سلف، وكابراً عن كابر وذلك منذ عهد السلطان مولاي اسماعيل الى عهد جلالة الحسن الثاني أسكنه الله فسيح جناته..

وجرياً على هذه السنة الحميدة فقد حرص المغفور له جلالة الحسن الثاني -خلد الله في الصالحات ذكره- على انعاش ما ذيل من اغصان التعليم الأصيل وترميم ما تصدع من بنيانه، وذلك عندما قرر جلالته مشاركة العلماء في عضوية اللجنة الملكية التي أنشأها للنظر في موضوع اصلاح التعليم بتطويره وتحديثه وجعله مستجيبا لحاجيات الأمة، وليكون في مستوى ما يعرفه العالم من نظم تعليمية راقية ومتقدمة مع الحفاظ على ما للأمة من هوية متميزة وقيم روحية وأخلاقية وثوابت دينية ووطنية ومثل ثقافية وحضارية..

وفعلا فقد عملت هذه اللجنة الملكية -مشكورة- على تنفيذ ما كلفت به، ثم بلورته فيما سمته بـ: “مشروع الميثاق الوطني للتربية والتعليم” هذا المشروع الذي نجتمع اليوم بمناقشته وتداول الرأي فيه قصد تبين ايجابياته من سلبياته وتقويمه بغاية ما نستطيع من نصح ونصيحة.. رائدنا في ذلك قول الحق سبحانه على لسان شعيب عليه السلام : ((إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت ، واليه انيب< (هود : 88).

ومن هذا المنطلق -وكأحد الأساتذة الغيورين على التعليم الأصيل عموما وبجامعة القرويين على وجه الخصوص- فإنني إذ أثمن باعتزاز ما سجله مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين من مبادئ أساسية ومرتكزات ثابتة وخطوات رائدة ونتائج ايجابية في مجال اصلاح التعليم بصفة عامة.. فإنني ألاحظ على المشروع- فيما يتعلق بالتعليم الأصيل وجامعة القرويين- ما يلي :

-1 اجمال ما يتعلق بالتعليم الأصيل اجمالاً بالغا حيث لم يتجاوز الحديث عنه سبعة أسطر.. مع أن مجموعة صفحات المشروع تربو عن ثمانين صفحة، مما أفضى الى اهمال الحديث عن أهدافه ووسائله واعطاء تصور واضح المعالم والصدى عن هيكلته بله الحديث عن الدور الفعال لخريجيه في مختلف مجالات التنمية.. (انظر المادة 88 من المشروع).

-2 التشكيك في الصفة الجامعية للتعليم العالي بجامعة القرويين (كما قد يوخذ من الفقرة الأخيرة من المادة 88 من المشروع..).

-3 عدم وضوح الحكمة من إحداث دراسات عليا ينتهي إليها التعليم الأصيل -بجانب الكليات التابعة لجامعة القرويين.. مع عدم اخفاء الصفة الجامعية على تلكم الدراسات المستحدثة حيث إن المشروع جعلها مجردة عن أية شهادة جامعية ولو في مرحلتها النهائية (كما يوخذ ذلك بوضوح من المقارنة بين هرم التعليم الجامعي الذي ينتهي إليه التعليم الثانوي العام. هرم الدراسات الاسلامية العليا الذي ينتهي إليه التعليم الثانوي الأصيل في صفحة الهيكلة الجديدة لنظام التربية والتكوين، وهي ص 30 من المشروع).

-4 قطع الصلة بين التلميذ وبين المادة الاسلامية ابتداءً من الجذع المشترك من المرحلة الثانوية -بشقيها العام والتقني- الى التعليم الجامعي (كما تقضي بذلك الفقرة “أ” من المادة 76 من المشروع) مع أن التكوين المستمر في المادة الاسلامية من الضرورات التي لا غنى عنها لكل مسلم.. وخاصة بالنسبة للتلميذ الذي سيصبح طالبا يتابع دراسته الجامعية التخصصية بإحدى الكليات التابعة لجامعة القرويين أو احدى شعب الدراسات الاسلامية الحالية، وكذا بالدراسات الاسلامية العليا التي أحدثها المشروع (فيما لو كان هذا التعليم المستحدث لا يندرج في الأولى ولا في الثانية).

ولذلك فإنه يسعدني أن أتقدم بهذه “الوقفة مع اصلاح التعليم الأصيل وجامعة القرويين في مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين” مجملاً فيها وجهة نظري في المنطلقات الرئيسية للاصلاح المنشود.. وذلك من خلال المباحث التالية.. وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.

أولا- الأهداف العامة للتعليم الأصيل :

وتتجلى الأهداف العامة للتعليم الأصيل في العمل على :

-1 الحفاظ على تراثنا الاسلامي ومقوماتنا الروحية والثقافية التي ظلت نبراس الأمة المضيء في مواجهة الغزو الاستعماري على مر العصور، والتي عملت على انسجام المغاربة والتحامهم، ووحدة آلامهم وآمالهم، وحصنتهم في هويتهم المتميزة وقيمهم الروحية والاخلاقية وما لهم من ثوابت دينية ووطنية..

-2 امداد الأمة بعلماء متضلعين في العلوم الاسلامية، ومتفتحين على العلوم الحديثة وقادرين على مواكبة ركب التقدم الحضاري والمساهمة في تطوير الفكر الاسلامي.. وبعث روح الاجتهاد لمواجهة المستجدات بما يلائم من حلول وأحكام شرعية، ونقض الشبهات ضد الاسلام بالحجة المقنعة.

-3 تزويد البلاد بالاطر المتخصصة لبث الوعي الديني الصحيح في الداخل وللقيام بنشر الدعوة الاسلامية في الخارج على منوال ما قام به علماء المغرب عبر العصور في مختلف البلاد الافريقية والأوربية عن طريق الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.

-4 الحفاظ على وحدة المغرب الدينية عقيدة وشريعة وسلوكا في ضوء العقيدة الأشعرية والفقه المالكي والتصوف السني مع التشبث المستمر بالملكية الدستورية القائمة على البيعة والطاعة لأمير المومنين في إطار ما تأمر به الشريعة وياذن فيه ديننا الاسلامي الحنيف.

-5 تكوين جيل قوي بإيمانه معتز بوطنه وعروبته مطلع على المجد التليد لأمته متفتح على المعارف العصرية والتيارات الفكرية المختلفة.. دون انبهار أو ضياع أو استغراب أو استلاب أو تفسخ أو تطرف أو انحراف…

الى غير ذلك من الاهداف السامية التي تجعل من التعليم الأصيل ضرورة حتمية في حياة الأمة الاسلامية.. وخاصة في ظروفها المعاصرة حيث تتقاذفها الأفكار المنحرفة والمبادئ الدخيلة والأنظمة المستوردة والموجات الالحادية.. مما يجعل مسؤولية الانقاذ والأمل في الاصلاح على يد العلماء خريجي هذا التعليم بما يقدمونه من توجيه سديد واقناع حكيم ليكونوا ممن قال الحق عنهم في محكم التنزيل : ((ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين<(فصلت : 33).

ثانيا- وظائف التعليم الأصيل :

إن التعليم الأصيل يؤدي وظائفه الهامة في الحياة العملية للأمة من خلال الأعمال الرسمية والشعبية التي يقوم بها خريجوه سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص كموظفين أو أصحاب مهن حرة، مؤجرة أو تطوعية.. ومن هذه الوظائف على سبيل المثال :

-1 وظائف التعليم والتوعية الدينية :

فخريجو هذا التعليم هم المؤهلون لتدريس مختلف العلوم الاسلامية ومواد اللغة العربية والفكر والحضارة.. في المؤسسات التعليمية على اختلاف مستوياتها من الروض إلى الجامعة.. ومن المنتظر أن تزيد مهامهم التعليمية اتساعاً عندما يتقرر مبدأ ضرورة المادة الاسلامية في مقررات سائر المستويات الدراسية على مختلف أنواعها.. بغية جعل الثقافة الاسلامية قاسما مشتركا بين جميع أفراد الأمة..

أما التوعية الدينية فإن خريج التعليم الأصيل يقوم بها من خلال دروس الوعظ والارشاد في المساجد والاذاعة والتلفاز وسائر أجهزة الاعلام.. مع القيام بخطبة الجمعة والأعياد.. ومتابعة أفراد جاليتنا بالخارج في مختلف المناسبات بما يعمل على استمرارية تشبتهم بقيمهم الدينية ومقوماتهم الوطنية.. وعدم الوقوع في شباك التنصير والمذاهب الالحادية..

ويدخل في اطار التوعية الدينية حمل الرسالة الاسلامية وقيمها الخالدة.. والدعوة إليها ونقض ما يثيره الخصوم ضدها من شبهات مغرضة.. كل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار، المسلح بنور العلم والمعرفة..

-2 وظائف الانتاج الفكري والبحوث العلمية :

وذلك لان خريجي التعليم الأصيل مطالبون بالتعاون على خدمة الموسوعات العلمية في مختلف أصول وفروع الشريعة ومقاصدها العامة، وتقنين الفقه الاسلامي وتيسيره، والتنقيب عن التراث الاسلامي والعمل على صيانته وخدمته بالتحقيق والدراسة والنشر والاذاعة والترجمة.. واستثماره في ايجاد الأحكام الشرعية للمسائل المستجدة والمشكلات المعاصرة.. وابراز كل ذلك فيما يصنفونه من مؤلفات وبحوث ومقالات وبما يلقونه من خطب ومحاضرات، وما يشاركون فيه من ندوات وملتقيات، وما يهيئونه من برامج لوسائل الاعلام.. ونحو ذلك مما يثري الفكر والعلوم الشرعية والانسانية ويرفع المستوى العلمي والثقافي والحضاري والخلقي بمجموع أفراد الأمة.

-3 وظائف التأطير والمهام العملية :

وذلك أن  خريجي التعليم الأصيل يحدون مختلف الدوائر الحكومية بالأطر الفعالة للقيام بكثير من المهام العملية.

فعلى صعيد وزارات التعليم والتربية الوطنية نجدهم -بالاضافة إلى تعليم المواد المتصلة باختصاصهم- يقومون بتأطير المؤسسات التعليمية من الناحية الادارية، ويتابعون بالتفتيش والارشاد والتوجيه التربوي لمن يعنيهم من معلمين وأساتذة.

وعلى صعيد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نجدهم هم المكلفين بالآذان وإقامة الصلاة والامامة وخطبة الجمعة وكذا صلاة العيدين، وعليهم المعتمد في دروس الوعظ والارشاد وبث التوعية الدينية بالمساجد والاذاعة والتلفزة.. وهم المكونون لأعضاء البعثات الموجهة لجاليتنا بالدول الأجنبية.. ومنهم تتكون الأغلبية المطلقة من أعضاء المجالس العلمية بالمملكة..

وعلى صعيد وزارة العدل فإنهم يتولون مناصب القضاء والاشهاد وتوثيق العقود، وكتابة الضبط.. ونحو ذلك مما يتعلق بشؤون العدل والقضاء بصفة عامة….إلى غير ذلك من الوظائف التي يستطيع خريج التعليم الأصيل أن يقوم بها خدمة لوطنه ونفعا لأمته.. فيجازى عليها خيراً في دنياه وآخرته.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال فيما رواه البخاري : ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين<.

ثالثا- وسائل التكوين بالتعليم الأصيل :

إن التعليم الأصيل يقوم أساساً على الاهتمام بالدراسات القرآنية والحديثية والفقهية وما يساعد على فهمها والتضلع فيها من علوم اللغة العربية وآدابها.. وما يسندها من فكر وعلوم حضارية وانسانية.. وما يوطد دعائمها من علوم الفلك ومبادئ الرياضيات والعلوم البحثة.. وما يساعد على نشرها بين أمم المعمور من إلمام بمختلف اللغات الحية.. ونحو ذلك من العلوم والمعارف التي تعتبر -بوجه أو بآخر- من صميم العلوم الاسلامية أو الخادمة لها فهما وتأصيلاً واتقانا أو اشاعة ونشراً وذيوعاً..

وفي هذا الاطار يجب :

-1 رصد الحصص الكافية واختيار المناهج المتدرجة وتأليف الكتب المدرسية الملائمة لتقوية مدارك التلاميذ في سائر فروع الدراسات الاسلامية أو الخادمة لها.. وذلك من قبل لجنة من العلماء والمختصين.

-2 تمكين المتعلمين من اتقان اللغة العربية ومختلف علومها واتقانها اتقانا جيداً باعتبارها اللغة التي لا مندوحة لهم عنها في تفهم القرآن الكريم والسنة النبوية والعلوم الشرعية والاسلامية.. واغناء معارفهم واثراء خبراتهم وجعلهم قادرين على التعليم الذاتي، واتخاذ مواقف ايجابية اتجاه قضايا وطنهم المغربي وأمتهم الاسلامية.. بالاضافة إلى أنها اللغة الرسمية للدولة كما ينص على ذلك دستور المملكة..

-3 تعليم مختلف اللغات الاجنبية الحية في سائر المراحل والمستويات بأحدث الوسائل السمعية البصرية داخل مختبرات لغوية عصرية.. على اعتبار أنه لا مندوحة عن هذه اللغات -في وقتنا الحاضر- للانفتاح على الثقافات الانسانية والاستفادة المتبادلة بين الفكر الاسلامي والفكر العالمي.

-4 تفتح مناهج التعليم الأصيل على مختلف العلوم القانونية والانسانية والتيارات الفكرية والمذاهب الفلسفية والعلومالرياضية والتقنية البحثة… بما يشجع البحث العلمي في هذا التعليم ويكشف عن مواهب أصحابه ويجعل منهم علماء مشاركين.. على أن يحافظ هذا التعليم على طابعه المميز وملامحه الخاصة.

رابعا- عوامل التمكين للتعليم الأصيل :

ولتمكين التعليم الأصيل من الوصول الى أهدافه وتحقيق وظائفه لابد من العمل على :

-1 إمداد التعليم الأصيل بالمنشآت المتوفرة على المواصفات المطلوبة والتجهيزات اللازمة المساعدة على أداء رسالته التربوية في أحسن الظروف الملائمة.. بتوفير الوسائل التعليمية والداخليات الكافية والمطاعم المدرسية..

-2 اختيار المدرسين والاداريين الاكفاء الذين تتوفر فيهم المؤهلات العلمية والادارية والسلوكية.. والايمان برسالة هذا التعليم ودوره الديني والتربوي والوطني حتى يكونوا خير عون له في انجاز مهامه السامية..

-3 تأمين الطمانينة والاستقرار لتلاميذ وطلبة التعليم الاصيل بفتح آفاق المستقبل أمامهم، ومد المحتاجين منهم بالمنح الكفيلة بمساعدتهم على متابعة دراستهم.

-4 تشجيع البحث العلمي بهذا التعليم بما يكشف عن مواهب أصحابه وتفتحها، ويدفع بهم الى توظيفها في مختلف مجالات البحث والابداع والتنمية…

-5 احداث مؤسسات للتعليم العالي الأصيل في المدن والأقاليم.. ذات الكثافة السكانية وحيث يكثر حفاظ القرآن الكريم.. مثل الدار البيضاء ووجدة والعيون.. وغيرها.

-6 جعل التعليم الأصيل في خدمة التعليم العام عن طريق :

- الحرص على جعل اللغة العربية لغة التعليم في جميع المراحل ومختلف التخصصات باعتبارها لغة وطنية حية قادرة على استيعاب العلوم والمعارف الأصيلة والعصرية وتكوين الأطر القادرة على التعبير بها، وإعادة تكوين الاطر التي لا تتقنها..

- ادراج المادة الاسلامية -تربية أو فكراً أو حضارة اسلامية أو سيرة نبوية-… ضمن مناهج التعليم في مختلف مستوياته وجميع شعبه.. بما فيها شعب العلوم والشعب التقنية.. قصد جعل الثقافة الاسلامية قاسماً مشتركا بين جميع أفراد الأمة وعاملاً قويا في تحقيق ما بينهم من وحدة، وتحصينهم من مخاطر التطرف والانحراف والانشقاق والفرقة.

- اسناد تدريس  المواد اللغوية والاسلامية الى المتخرجين المتخصصين من التعليم الأصيل وشعب الدراسات الإسلامية.. المتصفين بصفات الإيمان، والاخلاق الفاضلة والسيرة الحسنة..

- دعم المواد الاسلامية في برامج التعليم العام برفع حصتها ومعاملها وجعلها في خانة المواد المهمة باعتبار أن المعامل معيار من معايير التوجيه وعناية التلميذ بما ارتفع معامله من المواد الدراسية..

-7 جعل التعليم الأصيل في خدمة محيطه الاقتصادي والاجتماعي عن طريق تمكين المتخرجين منه من ممارسة مختلف الوظائف المنسجمة مع ثقافتهم وتخصصاتهم كالتدريس للمواد اللغوية والشرعية والقانونية، وتولي القضاء والمحاماة والتوثيق والعدالة، وكذا ممارسة أعمال رجال السلطة، والتوظيف في المؤسسات المالية، وإدارات التسجيل والمحافظة العقارية.. والقيام بمهام الوعظ والارشاد وخطبة العيدين والجمعة.. وإفتاء الناس فيما ينزل بهم من قضايا شرعية.. وتولي مختلف المناصب التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية.. الى غير ذلك من الوظائف والمهام التي تجعل التعليم الأصيل مساهما مساهمة فعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. للأمة…

-8 المعادلة ومد الجسور بين مختلف مستويات التعليم العتيق الذي تشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وبين شهادات ومستويات التعليم الأصيل وخاصة بين الشهادة العالمية وشهادة الاجازة مادام كلا هذين التعليمين يقومان على ثقافة شرعية متجانسة وواحدة في مكوناتها الاساسية.. وذلك حتى يستفيد خريجو كل من التعليمين بما يتمتع به خريجو التعليم الآخر من حقوق في مختلف المجالات العلمية والعملية والوظيفية..

خامسا- الصفة الجامعية للتعليم العالي الأصيل :

منذ عهد السلطان مولاي اسماعيل رحمه الله، وظهائر الاصلاح والتقنين تلاحق جامعة القرويين. إلى أن كان عهد المغفور له جلالة الحسن الثاني خلد الله في الصالحات ذكره فتم تنظيمها مع مؤسساتها الأربع كلية الشريعة بفاس وأختها بأگادير، وكلية أصول الدين بتطوان، وكلية اللغة العربية بمراكش، في إطار تنظيم الجامعات المغربية.. وذلك بمقتضى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم .102 .75 1 بتاريخ 13 صفر 1365 (25 يبراير 1975) المتعلق بتنظيم الجامعات.. مما يجعل الصفة الجامعية للتعليم العالي الأصيل الممثل في كلياته الأربع.. مكسباً حضاريا وتاريخيا وقانونيا يلزم مراعاته والحفاظ عليه كأحد الثوابت والركائز التي ينبني عليها كل اصلاح هادف للتعليم الأصيل.. وتطوير رصين للتربية والتكوين في بلدنا العريق…

بل إننا نذهب إلى أن التعليم الأصيل هوذو طابع تخصيصي لا غنى للأمة عنه كما لا غنى لها عن الطبيب والمهندس والرياضي وعالم الذرة وسواهم من ذوي التخصصات الدقيقة ولا يستطيع أي تعليم سواه أن يقوم مقامه ويسد ومسده في صيانة الشخصية المغربية العربية المسلمة.

سادسا- سبيل الاصلاح التفصيلي للتعليم الأصيل وبجامعة القرويين :

ولكل ما سبق فإنه لاصلاح التعليم الأصيل وبجامعة القرويين اصلاحاً تفصيليا هادفاً.. فإنه يلزم عقد مناظرة وطنية يحضرها العلماء والفعاليات المتخصصة لوضع استراتيجية رصينة تبلور ما للتعليم القائم على الدراسات الشرعية -بصفة عامة- من أهميته في حياة الأمة الاسلامية، وماله من أهداف سامية.. ووظائف مهمة ووسائل تكوينية متميزة وعوامل مدعمة وصفة تخصصية دقيقة.. وما يلزم فيه من مراحل تكوينية ومواد دراسية ووسائل تعليمية وكتب مدرسية ومراجع جامعية وطرق بيداغوجية… وشهادات علمية وآفاق عملية.. وذلك حتى يتم اصلاح هذا النوع من التعليم اصلاحاً حقيقيا.. يجعله جامعاً بين الأصالة والمعاصرة وفي توازن تام لا يطغى فيه المادي على المعنوي.. ولا الدخيل على الأصيل.. مع تشبث مستمر بالملكية الدستورية القائمة على البيعة لأمير المومنين في إطار ما تأمر به الشريعة ويتوخاه ديننا الاسلامي الحنيف.. وصدق الله العظيم إذ قال في محكم كتابه المبين : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين<(فصلت : 33) وصدق رسوله المصطفى الأمين إذ قال فيما ثبت له من حديث صحيح : ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين<.

د. محمد يعقوبي خبيزة

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>