من آخر كلام بعض الشهداء – حرام بن ملحان : فزتُ وربِّ الكعبة


قال الله تعالى : {إن الله اشترى من المومنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}(سورة التوبة)

ولقد أعطى الصحابة جميعا رضوان الله عليه الدليل تلو الدليل على الوفاء بما عاهدوا الله عليه من بذل الأنفس والأموال في سبيل مرضاة الله تعالى.

وهذه واحدة من المواقف الإيمانية الرائعة التي تجلى فيها ابتغاء الفوز في الآخرة برضا الله تعالى، بدون مبالاة بما يصيب البدن في سبيل تحقيق هذه الغاية.

وذلك أن عامر بن مالك المشهور بلقب “ملاعب الأسنة” قدم على رسول الله(ص)، فعرض عليه الرسول الإسلام، فلم يسلم ولم يظهر عداوة وتجنبا للإسلام، فقال “يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى  أهل نجد، فدعوهم إلى أمرك، رجوت أن يستجيبوا لك. فقال عليه الصلاة والسلام : “إني أخشي عليهم أهل نجد” قال عامر : أنا لهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك.

فبعث رسول الله(ص) سبعين رجلا من خيار المسلمين وقرائهم، حتى نزلوا ببئر معونة، فلما نزلوها، بعثوا بأحدهم وهو”حرام بن ملحان” بكتاب رسول الله (ص) إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر المجرم إلى الكتاب وإنما هيأ رجلا يطعنه من الخلف، فبينما حرام بن ملحان واقف يؤدي رسالة رسول الله(ص) حتى جاءه الغادر من الخلف وطعنه، فعندما رأى الصحابي الجليل الرمح وقد نفد من الظهر إلى الصدر، وانتضح الدم في وجهه، صاح : “الله أكبر، فزت ورب الكعبة” ثم مال الأعداء على بقية الأصحاب فقتلوهم.

وأخبر الله عز وجل رسوله بمقتل القراء ورسالتهم لتبيهم فنعاهم صلى الله عليه وسلم لأصحابه وقال : “إن إخوانكم قد قتلوا، وإنهم قالوا : اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا“.

وصدق الله العظيم إذ يقول : “أولئك هم خير البريئة جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه“(سورة البينة)

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>