رُبَّ ضـارة نـافـعـة


أبو هند

عقدت في الأيام الأخيرة القمة العربية بالقاهرة بعد ست سنوات عجاف لم يجتمع خلالها القادة العرب لتدارس مشاكلهم وتصفية خلافاتهم الكثيرة، ولِلَمِّ شتاتهم الذي فرقته الحزازات والرؤى الضيقة في كثير من الأحيان.

وللحقيقة وللتاريخ فالفضل في عقد هذه القمة يعود بالأساس الى النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الإسرائيلية والتي افرزت عن فوز حزب الليكود بزعامة نتانياهو وحكومته “العسكر دينية” اي المكونة من الضباط ورجال الدين المتشَددين. تُعقد القمة إذن لمحاولة احتواء سلبيات تصريحات (نتانياهو) بُعيد فوزه والتي تركزت بالاساس على اللاءات الثلاثة (لا للانسحاب لا للقدس ملا لوقف عمليات الاستيطان). إن نتانياهو ضرب كل “المكاسب” التي حققها عرفات مع حزب العمل، ضرب كل ذلك في (Log/1) كما يقول أصحاب الرياضيات وخرج العرب “من المولد بلا حمص”! ومع ذلكسمعنا من يدعو العرب الى التريث وعدم التسرع في اتخاذ اي قرار من شأنه ان ينسف عملية السلام قبل ان يشكل الرجل (نتانياهو) حكومته!. وشُكّلت الحكومة وهي أقرب الى حكومة حرب منها إلى حكومة سلم وسلام وهو الشعار الذي ظل الزعماء الاسرائيليون يرفعونه وكلُّ بطريقته الخاصة وحسب الظرفية الخاصة. وأنا أعتقد ان سلام بيريز هو سلام مرحلي مهَّد لظهور سلام نتانياهو الاكثر تشدداً، فإذا كان سلام الأول قد حقق أهدافا معينة (ضرب حركة المقاومة “حماس” وتصفيته أخطر عناصرها “المهندس” وخلق المناخ المناسب لقمة شرم الشيخ وما تلى ذلك من تداعيات تصب كلها في مصلحة اسرائيل)، قلت لقد حقق سلام “بيريز” أهدافه ممهداً بذلك لسلام من نوع آخر يهدف الى جر العرب الى مزيد من التنازلات والإذلال، ولكن الامل هذه المرة معقود على الزعماء العرب :

-1 لإعلان الانتصار على خلافاتهم والوقوف كرجل واحد في وجه التحدياتالتي وضعتها أمامهم اسرائيل او جرتهم لها.

-2 لإعادة النظر في مسلسل السلام الذي بدأه البعض مع اسرائيل ووقف التطبيع معها على جميع المستويات، فقد ركبوا قطار السلام الموهوم دون معرفة مُسبقة لوجهة هذا القطار المغشوش، عليهم الآن النزول من هذا القطار خاصة وأن وجهته معروفة الآن : انها لاءات لا متناهية سوف لن تجر العرب إلا إلى مزيد من الانبطاح والهوان!.

-3 لإعلان وحدتهم وتكتلاتهم على جميع المستويات الاقتصادي منها والسياسي والاجتماعي، فللعرب والمسلمين جميع العناصر الموحدة (الدين – اللغة – الوحدة الجغرافية والإرث التاريخي).

فالعصر الذي نعيشه هو عصر تكتلات ولوبيات (Les Lobies) ولا مكان فيه للفردانية والتشردم!

4- عليهم ايضاً ان يعتمدوا على أنفسهم وعلى طاقاتهم الكثيرة التي حباهم الله بها دون غيرهم (ثروات بشرية هائلة – ثروات معدنية متنوعة… ثروات طبيعية ضخمة… الخ).

ويستتبع ذلك عدم اعتمادهم على الغرب وخاصة على الولايات المتحدة، وعليهم ان يعلموا أن الشرق شرق والغرب غرب (كما قال أحد المفكرين) وأن عالم اليوم تتحكمه المصالح أكثر مما تتحكمه أشياء اخرى، وقد قال أحدهم (ليست هناك صداقة دائمة ولا عداوة دائمة وانما هناك مصالح دائمة).

-5 واخيراً عليهم  أن يصطلحوا مع شعوبهم ويفسحوا مزيداً من الحريات للطاقات الحية والضمائر النظيفة حتى تلعب دورها كاملا غير منقوص في تأطير الشباب والأجيال الصاعدة وتربيتها على الفضيلة والاخلاق السامية، وتنشئتها على القيم الديموقراطية والعدالة الاجتماعية كما جاء بها الاسلام، كل ذلك من اجل إحلال السلم الاجتماعي والاستقرار النفسي في البلاد العربية والاسلامية وسد الطريق على المغرضين والعابثين والذين يستخدمهم الغرب ومرضى النفوس من ابناء جلدتنا لتشويه المفاهيم وبث التفرقة بين الناس وخلق البلبلة حتى تختلط المفاهيمفي الأذهان فيصبح الحق باطلا والباطل حقا .

أمام القادة العرب المسلمين إذن تحديات كبيرة وجسيمة وسوف يعودون بإذن الله الى سالف عزتهم وكرامتهم إن هم استطاعوا تجاوزها، وليس ذلك على الله بعزيز (ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله) صدق الله العظيم.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>