مدخل :
لاشك عند المسلمين الصاحين أن الدين هو سبب السعادة الدنيوية والأخروية، ولكن لكي يقتنع المسلمون بضرورة الدَّعوة لإسعاد البشرية وإنقاذها مما تردت فيه من الأوحال والاضطرابات المدمرة، كان لا بد من إيراد بعض شهادات الإفلاس، وشهادات الاعتراف بأن الإسلام هو المنقذ الحقيقي، وتبيان مكامن الخلل في الحضارة الغربية، ثم تبيان مسؤولية المسلمين إزاء هذا العالم المائج بالإنحرافات السائرة به نحو طريق الهلاك.
1- شهادات الإفلاس :
أ- يقول المفكر لاموني :
“إن الجنسَ البشريَّ بكامله يمشي بخطىً حثيثةٍ إلى الهلاك، إنَّه في النَّزع الأخير، كذلك الإنسانِِ الجريحِ المسكينِ الذي لا يُرجَى له شفاء، فكثرة الأخطاءِ في حضارتنا تجرُّهُ إلى الغَرقِ” (الإسلام ومستقبل البشرية ص 15 الدكتور عبد الله عزام)
ب- ويقول الفيلسوف الفرنسي برجسبون : “إن فَصْلَ الدين عن العِلمِ هو فناءٌ محتومٌ للإثنَيْنِ”.
ج- ويقول برناردشو : “كنتُ أعرف دائماً أن الحضارة تحتَاجُ إلى دينٍ وأن حياتها أو موتها يتوقَّفَان على ذلِكَ”(تهافت العلمانية للدكتور عماد الدين خليل ص 156).
2- العقوبات الفطرية للشاردين :
كتب الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى فصلا ممتعاً حول هذا الموضوع في كتابه “الإسلام ومشكلات الحضارة” نكتفي منه بالفقرات التي نراها ماسَّة بموضوعِنَا. قال رحمه الله تعالى : “لم يكن بُدٌّ وقدْ شَرَد الإنسان عن ربه ومنهجه وهُدَاه…، وعَبَدَ الإنسان نفسه واتخذ إلَهَهُ هواهُ، وراح يخْبِطُ في التيه بلا دليل… لم يكن بُدٌّ وقد رفَض الإنسان تكريم ربه له، فاعتبر نفسه حيواناً -وقد أرادَهُ الله إنسانا- وجعل نفْسَه آلةً بل جعل الآلة إلهاً يحكُمُ فيه بما يريد -وقد أراده الله مُهَندساً للآلة- وجعل المادة إلهاً يحكُمُ فيه بما يريد، وجعل الاقتصاد إلهاً لا رادَّ لأمره -وقد أراد له ربُّه أن يكون سيِّد المادة، وسيد الاقتصاد- ولكنه رفض هذا التكريم كلَّه.
ولم يكن بُدٌّ وقد جعل الإنسان من المرأة حيوانا لطيفا -كما أن الرجل حيوانٌ خشنٌ- غايةُ الالتقاء بينهما اللَّذَّةُ والمتاعُ، ونسيَ أن الله يرفع هذه العلاقَة ويطهرها ويزكيها ويَنُوطُ بها امتداد الحياةِ وترقيتهَا، كما يربِط بها عجَلَةَ التمدُّن الإنساني، ويَجْعل من الأسرة محضِنَ المستقْبَلِ، ومن المرأةِ حارسة الإنتاج النفيس،…
وفي النهاية… لم يكن بُدٌّ وقد اتخذ الإنسان له آلهةً من دون الله، فاتخذ من المال إلها، ومن الهوى إلها، ومن الإنتاج إلهاً، ومن الأرض إلهاً، ومن الجنس إلهاً، ومن المشرِّعين آلهة… أن تَحلَّ به عقوبَةُ الفطرة، وأن يؤدِّيها فادحة، قاصِمَة، مدَمِّرَةً… من نفسه، وأعصابه، ومن بَدَنه وعافيته، ومن سعادته وطمأنينته، ومن مواهبه وخصائصه، ومن دنياه وآخرته. أن يؤديها تَنَاقُصا في النَّسل، يهدد بالانقراض، وتناقصا في الخصائص الإنسانية يُوحي بالنكسة الى البَرْبَرِيَّةِ، وتناقُصاً في الذَّكاء والمستوى العقلي يُهَدِّد بانهيار العلم الذي قامت عليه الحضارة…
وأن يؤدِّيَهَا حُرُوباً رهيبة، وأزماتٍ تِلْو أزماتٍ… أزماتٍ إذا قَلَّ الإنتاج، وأزمات إذا زاد الإنتاج، أزمات إذا مالَ الميزانُ التجاري إلى العجز، وأزماتٍ إذا مالَ الى الزيادة، أزمات إذاَ قَلَّ النّسْلُ، وأزمات إذا زاد النَّسْلُ… تَخَبُّطٌ من هنا، وتخبطٌ من هناك، وقلق وحَيْرة واضطراب، وضَغْطٌ على أعصاب الناس لا تطيقُهُ بِنْيَتُهُمْ فَيَخِرُّون أمواتاً بالسَّكْتَةِ وتفجُّر المُخِّ، أو يَخِرُّون أَشْلاَءً أو مَجَانِينَ {وَمَنْ يُبدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّه شَدِيدُ العِقَابِ}-البقرة 211- انظر مؤيدات الإسلام للأستاذ سعيد حوى رحمه الله تعالى 4/ص7، 24 من كتاب الإسلام.
3- شهادات الإعتراف :
أ- يقول الكاتب الإمريكي المتفلسف (ول ديورانت) في كتابه (مباهج الفلسفة) : >وثقافتنا اليوم سطحية، ومعرفتنا خطرة، لأننا أغنياء في الآلة فقراء في الأغراض، وقد ذهب اتزان العقل الذي نشأ ذات يوم من حرارة الإيمان الديني، وانتزع العلم منا الأسس المتعالية لأخلاقياتنا… إننا نبدد تراثنا الاجتماعي بهذا الفساد الماجن من جهة، وبهذا الجنون النووي من جهة أخرى، حين تُفْقَد الفلسفة التي بدونها نَفْقِدُ النظرة الكلية التي تُوحِّدُ الأغْرَاضَ، وتُرتِّبُ سُلَّمَ الرَّغَبَات. إننا نَهْجُر في لَحْظَةٍ مِثَالِيتَنَا السلميةَ، ونُلْقي بأنفسنا في هذا الانتحار الجَمَاعِيّ للحرب، عندنا مائة ألف سياسيٍّ ولَيْسَ عِنْدنا (رَجُلُ حُكْمٍ) واحد، إننا نطوف حول الأرض بسرعة لم يسبقْ لَهَا مَثِيل، ولكننا لا نعرف إلى أىنَ نَذْهَبُ، ولَمْ نُفَكِّرْ في ذلك، أو هل نجد هناك السَّعَادَة الشافية لأنفسنا المضطربة، إننا نُهْلِك أنفُسَنَا بمعرفتِنا التي أَسْكَرتْنا بخَمْر القُوَّة، ولَنْ نَنْجُو مِنْهَا بَغَيْرِ الحكمة<-انظر الإسلام لسعيد حوى 4/32-.
ب- وإذا كان الكاتب الأمريكي لم يُفْصِحْ عن منْبَع الحكمة التي يَنْشُدُهَا فَإِنَّ أرنولدتوينبي الخائف على حضارته من خطر نفسي يتمثل في التمييز العنصري، ومن خطر مادي يتمثل في إتلاف العقل بالخمر والمسكرات… يُفصِحُ عن أن مَنْبع الحكمة يُوجد في الفكر الإسلامي الذي إذا أَدَّى دَوْرهُ فَسَيُبَرهن عن قِيَم اجتماعية وأخلاقية سامية، إذ يقول : “فعدم وجود التمييز العنصري بين المسلمين هو أحد أبرز الانجازات الأخلاقية للإسلام، والعالم المُعَاصِر في وضعه الراهن بِحَاجَةٍ ماسَّةٍ لنَشْرِ هذه الفضيلة الإسْلاَمية”-الإسلام والغرب والمستقبل ص 62، وانظر الصحوة الإسلامية عودة الى الذات 132-.
جـ- ويقول الباحث الفرنسي إدوار مونتيه : “الرسول أعظم المحسنين للبشرية، لقد منع الذبائح البشرية، ووأْد البنات، والخمر والميسر، وكان لهذه الاصلاحات تأثير غير متناهٍ في الخلق، بحيث يجب أن يُعَدَّ محمد في صف أعاظم المحسنين للبشرية، وأن الانقياد لإرادة الله تتجلى في محمد والقرآن بقوة لا تعرفها النصرانية”-الرسول في الدراسات الاستشراقية ص 420-.
د- ذكر الدكتور مصطفى حلمي في كتابه الصحوة الإسلامية عودة الى الذات : أن أحد أساتذة القانون المدني المقارن بجامعة باريس وهو يهودي فرنسي قال : “إن هذين المُتنَاقِضَيْنِ -قَانُون سْتَالِين الاشتراكي، وقانون نابليون الذي احتوى جميع قوانين أوربا وأمريكا- لا يُمْكِنُ لِقَانُونٍ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَنْ يُقَارِبَ بَيْنَهُمَا، ويُمْكِن أَنْ يَحُلَّ مَحَلَّهُمَا سِوَى -أَيْ إِلاَّ- القَوَاعِدِ العَامَّةِ والكُلِّيَّاتِ الأساسيَّة بالشّّرْعِ الإسلامي” ص 134.
إن الله تعالى تَحَدَّى الإنس والجن في أن ياتوا بمثل شرعه الموجود في كتابه، ولكن الاعتراف من الخصوم يُسَاقُ للمتشككين من بني جِلْدَتِنَا في قيادة الإسلام للحياة، وصلاحيته للنهوض بها نهوضا فريداً في كل المجالات.
4- مَكَامِنُ الخَلَل في الفكر الغَرْبِي :
إذا كان كثير من المفكرين الغربيين قد تحدثوا عن بوادر انهيار الحضارة الغربية، مع اختلاف في تحديد الأسباب، وتعيين البديل، فإن المسلم المتفاعل مع سُنَن ربه الحاكمة على الأفراد والمجتمعات يعرف أن السبب هو الاستكبار عن عبادة الله تعالى، وأن البديل الحقيقي هو الرجوع لدينه رجعة كلية شاملة، وإذا كان الاعتراف بهذه الحقيقة مازال لم يحِنْ أوانه بعد، فهذا لايمنع من محاولة التعرف بعمق على مكامن الخلل في الحضارة الغربية، وقد أحسن الأستاذ محمد قطب صنعا في تسليطه الأضواء على الاختلالات الخطيرة التي وقع فيها الفكر الغربي وبنى عليها حضارته التي بدأت تشهد تراجعا مريعا.
يقول الأستاذ محمد قطب : “ونختار من هذه الاختلالات التي وقع فيها الفكر الغربي أربعة بالذات :
أ- عَجْزُ الفِكْرِ الغربيِّ عَن التَّوْفِيقِ بيْن فَاعِلية قَدَرِ الله، وفاعليه الإنسان، فلقد آمن المسلمون ايمانا حيا صادقا بفاعلية قدر الله، وآمنوا في الوقت ذاته بفاعلية الإنسان، فانطلقوا في جميع الميادين : من جهاد لنشر الدعوة، إلى علم، الى سياسة داخلية وخارجية، الى تجارة… يومنون بفاعلية الإنسان في الأرض، ويومنون في الوقت ذاته بأن الأمر كله لله، فأنتج كل ذلك التمازج المتوازن حضارة مومنة بالله. ولكن الفكر الغربي عجز عن الاهتداء إلى هذا التوافق الجميل المتوازن سواء في عهده الكنسيّ أو عهده المتمرّد على الكنيسة. وهكذا انتقلت أوربا من دين بلاَ حَضارة، إلى حَضَارَة بلا دين.
ب- العجز عن التوفيق بين الدنيا والآخرة، وبين المادي والروحي في كيان الإنسان : ففي الفترة الكنسية آمنت أوربا بالآخرة على حساب الدنيا، ونشأت عن ذلك الرهبانية واهمال الحياة الدنيا… وحين احتك النصارى بالمسلمين، شهدوا ما كان عليه المسلمون من نشاط مَواز في كل الاتجاهات، فتاقَتْ أنفسهم الى ممارسة الحياة في عالم الواقع، فانقلبوا انْقِلابَةً كاملة من أقصى اليمين الى أقصى الشمال، من إهْمَال الدنيا الى الفِتْنةِ بها، ومن إهمال الجسد وكَبْتِ رغَائبه الى الإغراق في المتاع الحسي، وإهْمَالِ عَالَمِ الروح. وفي الحالين كان هناك خلل يُفْسِدُ الحياة.
بينما المسلمون هُدُوا إلى ذلك التوازن العَجيب الجميل بين الدنيا والآخرة، وبين الاهتمام بمطالب الجسد والروح معا، فنشأت على أيديهم حضارة مومنة، قوامها قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أَلاَ إِني أعْبَدُكُمْ لله (أو قالِ أتْقاكُمْ) ولكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأقُومُ وأنَامُ، وأتَزَوَّجُ النِّساء، فمن رغِبَ عن سنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي))-أخرجه الشيخان-.
جـ- عجر الفكر الغربي عن التوفيق بين عالم الغيب وعالم الشهادة : في الفترة الكنسية كان الإيمان بعالم الغيب على حساب الاهتمام بعالم الشهادة وادراك أسراره، فلما اكتشف نيوتن (قانون السببية) حدث انقلاب كامل في الفكر الاوربي من النقيض الى النقيض، فاندفعت أوربا في الطريق الجديد الذي انفتح أمامها حتى نَسِيَتْ مُسَبِّبَ الأسْبَابِ أو تنكرتْ له.
أما المسلمون فلم يمنعهم الإيمان بالغيب من الاهتمام بعالم الشهادة والانطلاق فيه بأقصى مايملك البشر من نشاط، فعمروا الأرض بمقتضى المنهج الرباني، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ومشوا في مناكب الأرض يبتغون من فضل الله في البر والبحر، والنظر في مخلوقات الله، والتدبر في ملكوت الله، ولم يمنعهم ذلك أيضا من تدبر السُّنَن التي يُجْري الله بها أحداث الكون المادي، وأحداث الحياة البشرية، وهذه السنن في الحقيقة هي (همزة الوصل) بين عالم الغيب وعالم الشهادة… فأنشأوا بذلك وأكثر من ذلك حضارتهم العُمرانية المومنة.
د- عجز الفكر الغربي عن ايجاد التوازن بين الثابت والمتغير : في الفترة الكنسية آمنت أوربا بالثبات في كل شيء، الله، والكون، والحياة، والإنسان، فالله سبحانه أزلي لا يتغير، والكون، والكائنات الحية منذ خلقت لم يطرأ عليها تغيير، وأوضاع الناس في الأرض حكاما ومحكومين ثابتَةٌ لا تتغير : الاقطاعيون في ترفهم وتمتعهم، والشعب في فقره وعبوديته، يذهب الافراد ويجيئون والأوضاع لا تتغير، لأنها جزء من قدر الله الثابت.
فلما جاءت الفكرة الداروينية، واستقرت في أذهان الناس انقلب الفكر الأوربي انقلابة كاملة، فغاب الثبات، وأصبح (التطور) هو الصورة الدائمة للأشياء، ولم يعد هناك شيء ثابت على الاطلاق، لا الكَوْن، ولا الحياة، ولا الانسان، ولا الدين، ولا الأخلاق، ولا فكرة الإنسان عن الله، فالكون المادي تطور من سديم الى نجوم، والحياة تطورت من كائن وحيد الخلية الى نبات، إلى حيوان، إلى إنسان. والإنسان تطور من كائن شبيه بالقِردة يمشي على أربع، إلى قرد انساني مستقيم القامة، إلى إنسان متوحش، إلى إنسان مستأنس.
والدين تطور من عبادة الأب، الى عبادة الطوطم، الى عبادة قوى الطبيعة الى عبادة الأفلاك الى عبادة الأصنام إلى عبادة الله الواحد، الى الالحاد والتحول بالكلية عن الدين.
وهكذا، وهكذا، لا شيء ثابت على الاطلاق، ولم يستطع الفكر الغربي قط أن يهتدي الى التوازن الجميل الدقيق الذي هَدَى الإسلام اليه المسلمين في هذه القضية : أنَّ في النفس الإنسانية وفي الحياة البشرية أموراً ثابتة لا تتغير، مثل وجود الله تعالى وربوبيته وألوهيته، ومثل الأصول الثابتة في الفطرة التي إن تغيرت وقع فيها الفساد… بينما هناك أمور أخرى تتغير لأنها تتعلق بمدى ما يحقق الإنسان بجهده العقلي والبدني من تسخير لطاقات السماوات والأرض المسخرة للإنسان أصلا< انتهى باختصار وتصرف من كتاب “رؤية إسلامية لأحوال العالم المعاصر”.
5-مسؤولية المسلمين :
لا يشك عاقل في أن تخلِّيَ المسلمين عن الدعوة جَرَّ ومازال يَجُرُّ عليهم وعلى غيرهم أنواعا عديدة من البلايا والكوارث، أَوَلَمْ يكفهم تكالب الأعداء عليهم منذ قرون ومازالوا طعمة للاستعمار الثقافي والسياسي والاقتصادي للآن؟؟ أَوَلَمْ يكفهم الجهل الذي غمر شعوبهم وهم الذين أمروا بالقراءة في أول وحي أَحْيَاهُمْ؟؟ أَوَلَمْ يكفهم الاستبداد الذي غطاهم من الرجل الى الرأس وهم الذين تَعَبَّدهم الله تعالى بالشورى وحمل رسالة الحرية والكرامة لكل الناس؟؟ أَوَلَمْ يكفهم التمزق على مستوى الشعوب والدول والأحزاب والجماعات وهم الذين أوصاهم الله تعالى بالاعتصام بحبله والتوحد على كتابه ودينه ليكونوا أمة واحدة؟؟
إن هذا كله وغيره واقع، فالأمة الإسلامية لحد الآن سائبة لاراعي لها يَنْتَظِمُ حبات عِقْدِها، والعالم الغربي الذي يسوق الناس بالعصا مشرف على الغرق والانهيار، لأن كيانه منخور من الداخل بطفيليات العبث والانحلال والتفسخ، وميكروبات التهالك على المادة ولذة الجسد، والانتشاء بإذلال الإنسان واسترقاقه. ولهذا كان من أوجب واجبات المسلمين أمام أنفسهم وأمام غيرهم الرجوع الى الإسلام بصدق وإخلاص، يُبْرِزُهما في الواقع :
1- السماح للدعاة العلماء الصادقين بأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر بدون خوف ولا وجل.
2- اقامة مؤسسات تخرج الدعاة العاملين المؤهلين لنشر الإسلام وتحبيبه للناس في كل مكان.
3- اخضاع الشعوب والحكومات للشريعة العادلة النازلة من عند الله تعالى اليها يتحاكمون، وبها يوزنون، وبمنهاجها يتعادون ويتصادقون.
4- تجميع الأمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقانونيا على كتاب الله وسنة نبيه.
فإذا حققنا على صعيد الشعوب والمجتمعات والدول بعضا من هذا كنا أهلا لقيادة غيرنا ودعوته للخير، وبالتالي أفضت بنا إقامة الدين (بعمقه وشموله الى تحقيق نهضة حضارية في الحياة البشرية، كما تحقق ذلك من قبل على امتداد قرون من الزمن)-الدعوة الإسلامية لماذا؟ ص 56- حضارة مومنة -إن شاء الله- تصحح الاعوجاج والانحراف، وترد التائه والشارد، وتكون ملاذاً آمنا لكل ضعيف مستضعف، وانصافاً لكل مظلوم، وإشباعاً لكل جائع، وأمنا لكل خائف، لأنها حضارة القرآن {فإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ اتَّبَعَ هَدَايَ فََلاَ يَضِلُّ ولاَ يَشْقَى ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} (سورة طه 123).