في هجاء المدن مراكش الحمراء


عرفت امة الاسلام واحدة من أحلك فتراتها التاريخية ممثلة في ضياع “الفردوس المفقود” الاندلس وقد نهض الشعراء يتباكون على مدنها المتهاوية واحدة إثر الاخرى تترى واشتهر في الشعر العربي الاسلامي فن اطلق عليه رثاء الممالك والمدن غير أنه لم يشتهر مقارنة مع ذلك فن آخر يمكن أن نسميه “هجاء المدن” مع أننا لو تتبعنا خيوط الأدب العربي لوجدنا ملامح هذا الفن عند العرب وفي هذا السياق تأتي في الأيام الأخيرة توقيع اتفاقية “الغات” وما تجسده من اجهاز على حقوق الشعوب المستضعفة والامة الاسلامية واحدة منها.
على اطلال حمراء
قف قليلا يا ابن هذا البلدْ
ودُكَّ بأقدام صماء
سنامَ رُيَاها
كي نرى
من على جبالها الشماء
أكوامَ الكبدْ
وأقرأ في صفحات الوجوه
سورَ البغضاءْ
وتراتيل الحزن
ورتلْ آياتِ الحسدْ
رويدك!
قف قليلا يا ابن هذا البلدْ
***
مراكش وردة بين النخيلْ
مراكش، ياأرض الكنانهْ
يا مأوى العميل
ويا حِضنَ الدخيلْ
نخيلُكِ عاتٍ
يسبح لله
يسجد طائعاً
جهة المشرقِ
لو ما أنه بتحني راغما
صوب الشَّمَالِ
طوراً
ثم إذا ما الرياحُ مالتْ
يركع غَرْباً
حيث الرياحُ تَميلْ
***
مراكش يا عروس الاطْلسِ
يا ربةَ خدرٍ!
مصونةً كنتِ بالامس
فها أنت اليوم خليلةٌ لكلِّ خليلْ
مراكش، يا لؤلؤة البحر الاطلسِي
مكنونةً، كنتِ،
في أعماق اليَمِّ
ووَسْط النخيلْ
غير أنك اليوم، خنجرُ ذُلٍّ
في صدري
تلقاهُ غيري باليمينْ
آه! يا قلعة الامسِ
ويا حصنٌ حصينْ
آه! يا دماء الغدرِ
وياطالع الشُّؤْمِ
أين من سواك حصناً
حتى استويتِ فوق الجماجمِ
ركناً ركينْ
أين من لولاه
كنت ركبتُ لهجائكِ
البحرَ الطويلْ
قف قليلا يا ابن هذا البلدْ
واقرأ ياسين
على أمة، تعشق، بدل الدماءِ
الياسمينْ
واهجرْ قوما خلدوا للنوم
ركبوا سفائنةُ
وصاروا بركبه
في موكب الخالدينْ
***
قِف قليلا يا ابن هذا البلدْ
تَمَلَّ في ساحاتنا السكرى
تهتزُّ بالزغاريد، طورا،
وصورا بالصهيلْ
والصافنات الجياد ألقتِ السيف
هجرتِ الرماحْ
غير أنها تقطع الاميالْ
والصمت بالبنادق
وبالصُّياحْ
كما يتراقصَ على جراحاتِنا
السُّياحْ
فتندمل، لوقع الحوافر، فر، منا،
الجراحْ
سيفنا مغمدٌ
وقد انشقت بالامسِ
فَرَقاً منه الجباهْ
سَلِ السيف أين دماهْ؟
سالت على دماء الورد
فانقلب الكلُّ “أحمَر للشفاهْ”
قف قليلا يا ابن هذا البلدْ
واسآل رحابنا
ما بالها ضاقت بالزحامْ
جهنمُ احمرَّتْ، ألف عامْ،
بعد ألف عام
ومراكش احمرَّتْ في ثوانْ
ثم اسودتْ في رابع الايامْ
الدفوف تشكوا،
والمزاميرُ
والراقصات الحسانْ
***
قف قليلا يا ابن هذا البلد
سل، هل من يأكل أصنامَ حلوَى؟
لا أحد!
جرِّدْ قلما احمر،
واكتبْ بالدم القانِي
قل هو الله أحدْ،
قل هو الله أحد
قل هو الله أحد…
محمد الادريسي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>