بعد تلقيح الأجسام من يلقح الأرواح؟


لقد خلق الله سبحانه وتعالى الانسان مركبا من مادة وروح. وجعل كلا منهما محتاجا إلى غذاء يمكنه من العيش في سعادة وسلام. فالجسم محتاج إلى الطعام والشراب والهواء وما أشبه ذلك. والروح محتاجة إلى الارتباط بالله سبحانه بالصلاة وقراءة القرآن وما أشبه ذلك. فإذا ما اكتفى الانسان بتغذية جسمه فقط رأيته يعيش كما تعيش البهائم ويحيى كما تحيى الوحوش لا هدف له في هذه الحياة الدنيا ولا غاية. وهو لا يفكر إلا في شهوتي بطنه وفرجه وجمع الأموال وامتلاك الدور الفاخره. والسيارات الفخمة إلى غير ذلك من متاع الدنيا الذي لا ينتهي، ومثل هؤلاء هم أموات في حكم الشرع وإن كانوا يمشون ويتحركون ويتكلمون… ولذلك دعاهم القرآن إلى ما يحييهم وينقلهم من عالم الأموات إلى عالم الأحياء فقال تعالى : >ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم<(الانفال آية 24). وكذلك الأمر عندما يطغى الجانب الروحي على الجانب المادي حيث يخرج الانسان عن فطرته وطبيعته ويتعدى الوسطية الاسلامية والتوازن المرسوم في قوله تعالى : >وابتغ في ما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا<(القصص الآية 77) وقد صار الناس في هذا الزمان يعتنون بالجانب المادي اعتناء يفوق الواجب بكثير وأهملوا الاعتناء بالجانب الروحي إهمالا يكاد يكون تاما ومن أمثلة ذلك ما نسمع في الاعلام بشتى أشكاله وجميع ألوانه بل وفي غير وسائل الاعلام عن الايام الوطنية للتلقيح ضد داء كذا وداء كذا وهذا أمر مطلوب ومرغب فيه شرعا لأسباب عدة منها : آن الوقاية خير من العلاج. ومنها أن الاسلام يامر بكل ما من شأنه أن يحافظ على صحة المسلم ويقويها، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف علما ومالا وجسما و... لكن ألا يحق لنا أن نتساءل : لماذا لم يقم المسؤولون ولو مرة واحدة بحملة تلقيحية للجانب الروحي؟ لماذا لم يقدموا لنا علاجا لمرض البعد عن الله؟ لماذا لم يفتحوا مراكز لتلقيح الأطلفال ضد أمراض الفساد والانحلال؟ إذا كان المستشفى يقوم بوظيفته في تقديم العلاج للمرضى في أجسامهم وأبدانهم فمن يمنع المسجد من أن يقوم بوظيفته في تقديم العلاج للمرضى في دينهم وعقيدتهم؟... أسئلة لا تنتهي وأجوبة لا توجد! إن أطفالنا في حاجة إلى تلقيح يحميهم من الإصابة بداء الشلل وفي حاجة كذلك إلى تلقيح يحميهم من الاصابة بداء التغريب الذي أصابهم -كرها- ومازال يفتك بهم. إن أطفالنا وشبابنا ذكورا وإناثا في حاجة إلى أماكن يتعلمون فيها سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام يحتاجون إلى مراكز يتعلمون فيها الاسلام الصحيح >إن الدين عند الله الاسلام< حتى لا يصابوا بالشلل العقلي وحتى لا يصابوا بشلل البعد عن الله. وإلا فما فائدة أطفال وشبان ورجال ونساء أجسامهم قوية وأرجلهم كالحديد لأنهم ملقحون ما فائدتهم وهم لا يعرفون من دينهم لا قليلا ولا كثيرا؟! إن هؤلاء يضرون ولا ينفعون فمنهم يكون قطاع الطرق والسكارى واللصوص... فهل فكرنا يوما ما في تقوية العلاقة التي تربط أبناءنا بخالقهم كما نفكر في تقوية أجسامهم وحمايتهم من الشلل إن ديننا الحنيف أمر أن نعتني بالأطفال اعتناء قويا وأن نوفر لهم الجو الايماني اللازم وأن نريبهم تربية إسلامية حقة وكل هذا داخل في تلقيحهم التلقيح المعنوي >مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر…< حتى يشبوا مرتبطين بربهم ومتمسكين بدينهم، ويامُرنا صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أن ننشئ صغارنا على حبه عليه الصلاة والسلام وحبه هو طاعته وطاعته هي طاعة الله تعالى >من يطع الرسول فقد اطاع الله<(النساء آية 80) يامرنا أن ننشئ صغارنا على حبه وحب آل بيته وقراءة القرآن< ويرحم الله حجة الاسلام الامام الغزالي حيث أوصى في إحيائه بتعليم الأطفال القرآن الكريم وأحاديث الأخيار وحكايات الأبرار ثم بعض الأحكام الدينية. وكان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يلقنون أبناءهم القرآن ومغازي خير الأنام ومآثر الجدود الأبطال فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : >كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن< على عكس ما نحن عليه اليوم تماما، والحقيقة التي لا مرية فيها هي أننا بتلقيح أبناءنا وبناتنا الجانب المادي دون الجانب الروحي ربما نكون قد أسأنا لأطفالنا خصوصا وأُمَّتِنا عموما من حيث نَشْعُرُ أولا نشعر امحمد العمراوي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>