من المرعب جداً، أن تتمزق أوصال الجسد الواحد… في كل خندق ومرتع، وكأن الجراح لاتزهو إلا حين تتلون، هي أيضا، سئمتْ قصة الانتماء والهوية… ولا شك أن حلماً سافراً راودها بتغيير الجنسية.
أطفال مثل الورد، وجوه عربية الانتماء لون العينين، ملمس البشرة وحرارة الدم… لكن بدون ماهية.
يوسف، ادريس، ناصر وكريم… وغيرهم… يحكون في برنامج لقناة تلفزيونية فرنسية: >مدرسة على الهامش< قصة الضياع، وحكاية الحياة التي تنتهي حين تبدأ… ترميهم أسرهم… إن كانت لهم أسرة، وتحضنهم بدل السجن، مدرسة على الهامش… تعلمهم كل شيء، بداية من الكتابة… إلى الاعلام الآلي وصنع أحلام المستقبل…، شيء واحد لا يتعلمونه هو معاني أسمائهم. جذورهم… وهوية الدم الذي يجري في عروقهم…
إنساني جدًّا أن يوفر أساتذة ونفسانيون، الوقت والجهد لاعادة تربية وتأهيل أشخاص يشعرون أن حياتهم كذبة وجريمة… وليس من حقنا، طبعاً أن نسأل لماذا يفعلون ذلك؟ وأي أهداف خفية تحركهم؟ بل يجب، لأنتمنى أن نسأل : ما مهمة القنصليات والجمعيات التي تصم آذاننا بشعارات صاخبة، حول رعاية الجاليات العربية والاسلامية في الخارج، عفواً أتذكر أن ذلك يحدث، فقط، في موعد العودة لمصلحة العملة!.
وإلا فلماذا هذا التشريد الهمجي لأسمائنا،…. لأولادنا؟؟ حين يصرحون أمام العالم كله… أن أباه جزائري ولكنه لا يعرفه… وآخر أبوه مغربي… تزوج على أمه… ورموا به للنافايات وأصبح يتقن السرقة والنهب… وكل فنون الشوارع، وطبعاً ليست تلك التي تحيط بالقصر الرئاسي في باريس، ولا مراكز تأهيل المتفوقين جداً في لوزان.
لا يجد المرء الكلمات ولا الشجاعة، لمواجهة الحقيقة، أبناؤنا في كل مكان، لا يُكْتَفى بتجريدهم من الانتماء والهوية وغسل الأدمغة بل الأمر من ذلك، أصبحوا قطع غيار، يتاجر فيه ذئاب البشر، وجبناء الانسانية.
طفل من الدول النامية، يخطف من حضن أبويه، ويباع تحت الطلب ب 10 فرنكات فرنسي، ويستعمل كالحثالة في ممارسات جنسية قذرة، تتفتق عنها عبقرية المتحضرين من أنصار الطبيعة والرفق بالحيوان صحيح أن دم الطفل المسلم يستباح في كل مكان، في البوسنة مثلا، حيث تلثم الأم جرح وليدها، وربما تتمكن من دفنه… تنظر إلى وجهه فتمقتُ الحرب.
وفي فلسطين ترسم الأم أيضا، قبلة حانية على جبين فلذة كبدها، تُخَضِّبُ يديها بدمه؛ تلفه في شاش أبيض… ثم تضمه إليها وتكبِّر طفلها… أستاذاً للبشرية!!
حتى في شوارعنا المقهورة، أطفال البراءة… يبيعون أكياس البلاستيك… ويدخنون أعقاب السجائر… ويمدون أيديهم للعابرين لكنهم يحلمون أن يكون الغد أجمل… ويكبرون رجالا… إذا امتدت إليهم يد حانية لتنتشلهم من التيه.
يحسدهم أطفال لنا… يخطفون، في عواصم أوربا، ويباعون بأبخس الأثمان… وتجارة النخاسة… حرب دنيئة، غير مكشوفة، لاجثث فيها ولا دماء… صورة أكثر تحضراً للموت وللقيود؛ وفي ظل الانفتاح العالمي الجديد… لن يتأخر أرباب النخاسة عن عن فتح فرع لشركاتهم في عقر دارنا…
فيا أختاه… ضمي إليك طفلك… ضميه إليك بقوة… فذئاب البشر… تعوي في كل مكان!!
الشيماء القاسمي