تمر سنة بعد سنة والاقصى الأسير لازال يشكو إلى الله ما لحق به من مآسي نتيجة تخاذل المسلمين ومكر الاعداء، وتمر سنة بعد سنة والأمل يحدو المسلمين في مشارق الارض ومغاربها بما أضيء في طريق التحرير من مصابيح أشعلتها حماس الجهاد وحماس الفداء، وحماس الشهادة، وتمر سنة بعد سنة، وفي شهر ذي الحجة بالذات في موسم الحج فيتذكر المسلمون أىضا أينما وجدوا، أرض الاسراء والمعراج، أرض الانبياء ومهد الرسالات، يتذكرون أولى القبلتين وثالث الحرمين، يتذكرون وهم في عرفات على صعيد واحد قول الرسول صلى الله عليه وسلم : >لا تشد الرحال إلا لثلاث : مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى<، فيجأرون الى الله بالدعاء أن يطهر الأرض المقدسة من رجس الغاصبين المحتلين. وتمر سنة بعد سنة ويهود تعلن للعالم أجمع أن "القدس" عاصمتها الموحدة إلى الأبد. وفي هذه الأىام بالذات يؤكد قادة يهود هذا القول ويعلنون بكلام خارج عن اللياقة الديبلوماسية -على حد تعبيرا أحد الصحفين- >إن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، واذا لم تعترف دول العالم بذلك، بما في ذلك الولايات المتحدة فتلك مشكلتهم< وفي هذه الأيام أيضا تناقش في الولايات المتحدة مسألة نقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس، بعدما اتخذ الجمهوريون ذلك أساساً للدعاية الانتخابية وكسب ود يهود. فماذا فعل العرب وماذا فعل المسلمون وماذا فعل قادتهم إزاء هذه المآسي؟! منذ أسابيع احتفلت جامعة الدول العربية بذكراها الخمسين فكان الاحتفال في الواقع تشييعا لها إلى مثواها الأخير، حيث إنها عجزت حتى عن تأييد مصر في موقفها من توقيع المعاهدة على منع انتشار الاسلحة النووية، مصر التي عاقبتها سابقا الجامعة المذكورة بعد ما وقعت صلحاً مع اسرائيل. وبعد ثلاث سنوات ستحتفل اسرائيل بالذكرى الخمسين لقيامها وستتقاطر عليها برقيات التهنئة من كافة دول العالم وقد تُبعث جامعة الدول العربية في كفن جديد موشى بخط مزركش تقدم فيه الباء على الراء بعد ما أصبح التقديم والتأخير جائزا ًفي كل شيء ومادامت الدلالة لن تتغير بمقدار الفرق بين العربية والعبرية ولكن مع ذلك بعد سنوات أيضا ستُرى تباشير النصر مصداقا لقوله تعالى : >فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ماعلوا تتبيراً<، وسيعود المسجد الأقصى بإذن الله كما كان ثالث الثلاثة الذي تشد اليه الرحال والأمل معقود على كتائب النصر في حماس الجهاد.