عواصم المآسي -المصورة وغير المصورة


تعرض علينا المحطة التلفزية الفضائية “أخبار أوربا” >أورونيوز< عرضا إخباريا بالصورة بعنوان >بدون تعليق< ولا يخلو يوم من صور لعواصم إسلامية جديرة بأن تبث الأخبار عنها باللغة وبالصورة معا وبالصورة وحدها وأهم المدن والعواصم التي تحظى باهتمام كبير في هذا البرنامج كروزني، كابول، سراجيبوا، اسطنبول، كراتشي. أما الأولى فتظهر الصور : أطلال مدينة لم يبق منها جدار واحد قائما، وواجهات محترقة، نساءا متدافعات على نقطة ماء بقايا أعضاء الأجساد مزقتها القنابل الفتاكة المتعددة الأنواع وجثثا يبستها الغازات السامة وأسلحة الدمار الشامل المحرمة على المسلمين أن يمتلكوها بالشراء بله(دع عنك) أن يصنعوها فهم لا يستحقون منها سوى أن يكونوا طعمة لنيرانها وسمومها عندما “تتكرم” عليهم الحضارة الغربية بصبها عليهم صبا أما “كابول” فيخربها أبناؤها البررة الذين كانوا بالأمس مجاهدين في سبيل الله أما اليوم فقد تنوع ولاؤهم وأصبح الكثير منهم مستعدا للإنتقام من الشعب الأفغاني نيابة عن الجهات الأجنبية ذات المصلحة ومنها روسيا الحقودة. لكن سراييفو وبيهاتش وكوراجدا وتوزلا التي تتساقط فيها الأرواح والمباني تعكس علانية المؤامرة الدولية بمباركة مجلس الأمن كذلك الأمم المتحدة ومبعوثيها -مع الاعتذار لمعالي الأمين العام المصري الشقيق- هي والحلف الأطلسي، وقد ظهر للعيان أن مهمة القوات الدولية هي تكبيل المسلمين وتشديد وثاقهم ليسهل على الصرب ذبحهم وإبادتهم. أما إسطنبول فما يقع فيها ليس سوى امتداد للأحقاد الطائفية التي يشعل فتيلها عملاء المخابرات الأجنبية التي من خططها الإستراتيجية ألا تترك الترك ينهضون من كبواتهم رغم أن حكامهم علمانيون ولاؤهم -دائما- للغرب قائمون على حماية “مقدسات” أتاتورك وتعاليمه الدنيوية التي يعاقب كل من سولت له نفسه أن يتجاوز حدوده فيعلن إسلامه، وما سلسلة الانقلابات الحديثة بمناسبة نجاح “حزب الرفاه الإسلامي” إلا عربون على الوفاء للعلمانية والتنكر للإسلام ومحاربة أهله، ومع ذلك فإن تركيا لم تستحق أن تحظى بما حظيت به اليونان التي أصبحت عضوا كامل العضوية في الوحدة الأوربية في حين تمنع تركيا من ذلك لأن فيها شعبا مسلما تخشى أوربا من وبائه لذلك فإن أعداء تركيا يثيرون الفتن تارة باسم الأكراد اليساريين وتارة باسم النصيريين العلويين وتارة باسم الأرمنيين. وكراتشي لا تختلف عن اسطنبول، فقد مُزقت باكستان إلى دولتين : باكستان وبنغلاديش ليسهل إضعافهما معا، كما استولت الهند على جزء هام من كشمير وأصبح مصير الأقلية الإسلامية الكبيرة في الهند مهددا بالفناء. ولما أظهرت باكستان قدرتها على صنع القنبلة الذرية تعرضت للعقاب من الكبار ولما حاول ضياء الحق أن يستقل بالقرار فجروا به طائرته وجماعة هامة من كبار الضباط الباكستانيين صحبة السفير الأمريكي الذي اضطر ركوب الطائرة بعد إلحاح ضياء الحق عليه في ذلك. وبما أن باكستان مثل تركيا تسعى لإيجاد سوق إسلامية أسيوية مشتركة وتحاول أن تستمر في صنع الأسلحة التي تحميها من الهند وروسيا فإن ورقة العنصرية والطائفية تلعب بها القوى الأجنبية للضغط عليها وعرقلة سيرها. أما ما لم يستعرضوه بالكلام وبالصورة أو بالصورة فقط. فلا نعرف عنه إلا القليل كمآسينا في ألمانيا وفرنسا حيث تحرق دور المسلمين وتقتل أسرهم وتشرد أئمتهم، وتضايق فتياتهم الطالبات…… وكذلك مآسي المسلمين في كوسوفو والجبل الأسود ومقدونيا وبلغاريا وفي بورما والتايلاند والهند وتركستان الشرقية بالصين وفي ترينيداد أما فلسطين وقرى الجنوب اللبناني فقد استوطنتها المآسي والكوارث فلم تعد تهتم وسائل الإعلام الغربية بها إلا إذا تجرأ مسلم على الهجوم على المعتدي دفاعا عن وطنه وشرفه ودينه فعند ذاك تكثر الصور والتقارير والتعليقات عن الإرهاب! وهناك صور أخرى تنقل عبر شاشاتهم بعناية فائقة عن عواصم إسلامية أخرى كالجزائر لكن الذابح والمذبوح فيها مسلمون سنيون!!! أي والله. وإلى الله المشتكى!! د. عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>