زفرة معاناة : – الخفاض للنساء ليس سنة صحيحة فلماذا يُستَغَل؟ – وتزوج المسلمة بالكافر مجمع على تحريمه فلماذا يقع؟


يسمع المسلمون المقيمون في المجتمعات الاسلامية، كما يقرؤون في بعض المجلات والجرائد، وربما يشاهدون أشرطة فيديو اخباراً سارة عن اوضاع المسلمين في المجتمع الغربي، اخباراً سارة عن اللقاءات والمؤتمرات والندوات والتجمعات والمخيمات ذات الطابع الاسلامي. فيتخيل للكثير ان الاسلام قادم من الغرب، وان الفتح الاسلامي المعاصر سينطلق من البلاد المفتوحة قديما الى الفاتحة، وان النور سيشع من الغرب على الشرق وهذا خداع اخبث من خداع السمرة، أمكر من لعب البهلوانيين.
نعم اننا نسمع كثيرا عن ايواء عناصر واقطاب الحركة الاسلامية المنفية من بلدها. والفارة من جحيم حكامها، التي لم تلق ملاذاً آمنا على نفسها، ومتنفساً لكلمة لا اصداء لها الا عند حفدة ملك الحبشة. كما يبلغنا حركة انتشار المساجد والمراكز الاسلامية هنا وهناك. وانشاء الجمعيات والمنظمات والمؤسسات والاتحادات دون اعتراض سبيلها، ولا عرقلة سيرها، إضافة إلى تحويل العديد من الكنائس إلى مساجد.
إن المسلمين ليطربون عندما تصلهم هذه الانباء، ويرقصون نشوة وحبوراً عند سماعهم بإسلام المطرب الفلاني أو انضمام “مفكر” أوروبي إلى حظيرة المسلمين لكن يغيب عن ابصار المسلمين كما يغيب عن عقولهم وادراكهم ان اخوانهم في الغرب انما اتجهوا الى اقامة هياكل الاسوار والحيطان، بدل إقامة حقيقة الانسان، وان النصارى كلما هرمت وشاخت عندهم كنيسة ما الا وعرضوها على المسلمين قصد شرائها وصيانتها، بدل هدمها والتعب في إقامتها من جديد مشجعين اياهم بأثمان بخسة وتفويت سهل ميسر حتى عرضت كنيسة يوماً ما على المسلمين بهلوندا بما قيمته >خولدة واحدة< أي ما يساوي خمسة دراهم مغربية. فليعلم المسلمون انه بقدر ما يقام من المساجد بقدر ما يشتت صف المسلمين، وان أغلب المساجد نشأت عن نزاع وصراع بين أهل المسجد القديم حتى قال احد سذاجهم يوماً ما >مفتخراً< بمسجدهم >إن مسجدنا فرَّعَ وولد ستة مساجد فسأله احدهم وكيف؟ فأجاب كلما نشأ مسجد تنازع أهله فانشقوا نصفين أو أكثر فيعتزلون المسجد الأول ثم يُنشِئُون مسجداً آخر< وهذا وضع أغلب المساجد وليعلموا انه بقدرما يُنشَأ من الجمعيات والمنظمات بقدرما يتشتت المسلمون، ويتخاصم العاملون ويضعف الصف، ويقوى الخصم، ويذوى الارتباط بمقومات هذا الدين والالتزام بمبادئه والسعي للحياة على هديه وتوجيهه. الى حد أن أصبح أغلب ابناء المسلمين لا يعرفون >ألف باء< المبادئ الاسلامية، إلا ما قل، بل ان الكثير منهم صار يَتَنَصّل حتي من انتسابه الوراثي الى هذا الدين غير عابئين بحلال أوحرام، ولا مراعين حرمة لحد من حدود الله ولا لامر من أوامره إن علموا ذلك وفقهوه وأَنَّى لهم ذلك؟؟ عادة ما تكون الحرب واضحة المعالم، وبادية نتائجها للعيان من نصرة أو هزيمة إذَا بانَ الخصْمُ وعُرِفَ العَدُوُّ لكن اذا انقلبت الاوضاع وأصبح أَحد الطرفين يُقاتل في صف خصمه ضِدَّ نفسه فانه يصعب عليه ان لم نقل يستحيل ان يعرف ويحدد لنفسه كيف تسير المعركة، ولا كيف هي نتائجها هل انتصر ام انهزم؟ حيث تختلط عليه الاوراق، وتتداخل الخيوط الى ان يصف الهزيمة انتصاراً أحياناً وهذا ما وقع ومازال يقع لأبناء المسلمين السائرين على خطى الغرب، الذين تربوا في احضانه ورضعوا من لبنه المسموم حيث ان بعض ابناء المسلمين يحاربون الاسلام دون شعور منهم، او قصد الفوز ببعض حطام الدنيا، او تملقاً لأسياد لم يطلبوا منهم ذلك، وبالتالي لا يَنْعَمُوا عليهم حتى بكلمة الرضى. واعرض مثالين للتوضيح هما : 1- عرضت قناة احدى الدول الاوروبية >هولاندا< ناطقة باللغة الهولاندية شريط فيديو سجل في احدى قرى جمهورية مصر العربية، يبين كيف تتم عملية خِفاظ >البنات< -ختانهن- عرضته بنوع من التهجين والتعليق المستخف بالاسلام والمسلمين وباشمئزاز من العملية والقائمين بها، مسجلين عويل الفتاة وصراخها، واستنكار العملية ورفضها قائلة لهم >هذا حرام، هذا حرام… الخ< بينما مجموعة من الرجال الاقوياء ممسكن بها، ومكبلين يديها ورجليها حتى لا تتفلت، والمرأة الممارسة لعملية الختان تقوم بعملها. وفي الختام صرح أبو الفتاة نشوانَ قائلا : >الآن اعتبر ابنتي مسلمة< وان نعجب فعجب هذا القول وهذا الفهم الذي اعتبر التقاليد والعادات هي اساس الاسلام ومقياس الانتماء اليه اوالخروج منه، بينما الامر >أَمْرُ خِتَان النساء< لايعرف في اغلب المجتمعات الاسلامية. كما انه لا سند له شرعي يقويه او يأمر به وغاية ما هناك حديث ضعيف روي عن النبي صلى الله عليه وسلم يَعُدُّ >الختان مكرُمَةً للنساء سنَّةً للرجال< كما ورد عند القرطبي في تفسير قوله تعالى >وإذِ ابْتَلَى إِبْرَاهيمَ رَبَّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ…<-البقرة : 124- معدداً هذه الكلمات وانها خِصالُ الفطرة، والختان منها قال : > واحتج بعض اصحابنا بما رواه الحجاج بن أرطأة عن أبي المليح عن ابيه عن شداد بن أوس ان رسول الله صلى اله عليه وسلم قال : >الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء< والحجاج ليس ممن يحتج به -الجامع لأحكام القرآن 2/99 ثم تابع الكلام فقال : >وروى أبو داود عن ام عطية ان امرأة كانت تختن النساء بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم لا تنهكي فان ذلك أَحْظَى لِلْمَرْأَة وأَحَبُّ للبعل< قال أبو داود وهذا الحديث ضعيف راويه مجهول -الجامع لأحكام القرآن 2/100 إذن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يلزم بهذا وانما هو مكرمة ان اخذنا بالحديث الأول رغم ضعفه، والمكرمة معناهاالاباحة، والمباح ما استوى فيه الطرفان : الفعل والترك كما هو مقرر عند علماء الاصول. وياليت الامر توقف عند عرض العملية وسرور الاب بها بل توالت التعليقات والتحليلات من المسلمين وغيرهم. فمن قائل : ان هذا الدين يعلم اهله الذبح والقتل للابرياء. ومن قائلة ان هذا الدين جاء للرجل ولم يات للمرأة لانه اعتدى عليها في صحتها > عملية الخفض< وفي علاقتها بالرجل >قضية التعدد< وفي علاقتها بأسرتها واخوتها >قضية الميراث< ومن قائل : ان هذا الدين يقتل الغريزة الجنسية في المرأة وهو شيء معارض >للطبيعة< كما يعتقد، وذلك حتى تموت الشهوة الجنسية عند المرأة فيتزوج الرجل ما يحلو له: اثنين أوثلاثاً او اربع نسوة وهكذا.... 2- وهذه اكبر من أختها لان الأولى كانت باللغة الهولاندية وهذه باللهجة المغربية وفي برنامج معد من طرف احد المغاربة. وموجه اساساً الى الجالية المغربية حيث عرضت قناة اخرى خلال الاسبوع الثالث من شهر اكتوبر 1994 شريط فيديو ايضا سجل في مدينة تطوان بالمغرب خلال موسم الصَّيف هذا 1994. واحداث الشريط تبين وتعرض حفل زفاف مغربي تمَّ في احدى دور تطوان، وفي احضان اسرة مغربية يبدو على ربها انه بدوي أصيل. ليست الغرابة في عرض الشريط او عرض حفل الزفاف وانما للقارئ ان يتساءل : من هما سُلْطَانا الحفل وفارس سِباقِ هذا الزواج؟ انها امرأة مغربية في سن اواخر الثلاثينات او بداية الاربعينات ورجل هولاندي في سن الثلاثين في الغالب تزوجا في هولاندا بعقد مدني أَيْ أنه تمت اجراءاته في بلدية المدينة التي يقطنان بها ثم سكنا مع بعضهما ما شاء الله كما ورد على لسان المرأة، ثم تنبهت الى انه يجب عليها ان تعقد العقد الشرعي، فذهبت الى القنصلية المغربية وحاولت القيام بهذه الاجراءات، فلقيت بعض الصعوبات لم تذكرها ما هي؟ واخيرا تم لهما العقد. واقاما حفل زفاف في هولاندا. حتى يتم لهما النشاط والتمتع قدما الى المغرب في عطلة الصيف واقاما حفل زفاف آخر على المنوال المغربي. ولما علم ابوها بالخبر رفض في بداية الامر ومازالا به حتى أذعن ووافق على اقامة الحفل في مكان راقٍ واثناء استعراض بعض صور الحفل ظهر على الشاشة رجل آخر مع امرأة أخرى يبدو عليهما عروسان أيضاً فاقتنص الفرصة مذيع البرنامج أو مصور الحفل ليعلن ان العروس الثانية أُخْتُ العروس الاولى، وان الزوج ايضا هولاندي سبق لهما ان تزوجا قبل، والآن يشتركان معا في اقامة هذا الحفل. قد يبدو ما مر من وصف لهذا الحفل طبيعيّاً عند القارئ العادي لكن افتح أذنيك أخي القارئ لتسمع الصاعقة قال المذيع شاهراً صوْته ومُعْتَزاً بإِعْلاَنه ومعْبِّراً عن سَمَاحَةِ المَغاربة وقابليَّتهم للاندماج في هذا المجتمع >إِنَّهُ حَفْلٌ بَهِيجٌ، وزَفَافٌ سَعِيدٌ تَمَّ بَيْنَ شَخْصَيْنِ من جنسِيَّتَيْنِ مختلفتين وَمِنْ دِينَيْن مُخْتَلِفَيْن< نعم من دينين مختلفين بمعنى ان المرأة مسلمة ولو بالوراثة والرجل لا ندري هل هو نصراني ام يهودي ام لادين له البتة. المهم انهما من دينين مختلفين. ولم يتمعظ احد من الحاضرين في حفل الزفاف ولا ندري كيف أَجَازَ العُدُول المُوَثِّقُونَ هَذَا العقد؟ ولا تحركت شعرة غيرة في أحَدِ عشيرتها ليقول : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مُنْكَرٌ. المسلمة تتزوج بغير المسلم. مع ان النَّصَّ القرآني قطعي في تحريم هذا النكاح قال تعالي : >وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤمِنُوا< البقرة واجمع المسلمون على تحريم زواج المسلمة من غير مسلم. بينما أبوها الصفق الذي لا يدري ما يُفْعَلُ به وبمقدساته يرقص وسط الحفل ويقهقه هنا وهناك مُبْدِياً فَرَحَهُ وإعجابه بهذا المنكر. ان امثال هذه الاحداث تغرس في نفوس وافكار ابنائنا انه لابأس بهذا. وانه لم يبق للمبادئ والقيم دور في هذا العصر. فانطلقوا وتمتعوا وانعتقوا من >الاغلال< التي توارثها أباؤكم. فالنجدة النجدة ايها المسلمون. والاغاثة الاغاثة لأبناء اخوانكم المعرضين للتشويه والدمار.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>