وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين


>وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين<

إعداد ن. الكرزازي

لقد تقدم الطب الحديث والجراحة إلى أقصى حدودهما في هذا القرن، وبدأ الاطباء يقولون : >إن العلم يستطيع القضاء على كل مرض، غير الموت والشيخوخة<!! ولكن الامراض تكثر وتتشعب، وتنتشر بسرعة مذهلة، ومنها >الامراض العصبية< التي هي نتائج أعراض التناقض الشديد الذي يمر به الفرد والمجتمع.

لقد حاول العلم الحديث أن يغذي كل الجوانب المادية في الجسم الإنساني ولكنه فشل في تغذية الشعور، والأماني، والإدارة، وكانت حصيلة ذلك جسما طويل القامة ممتلئ النواحي، ولكن الجانب الآخر من الجسم، وهو أصل الانسان، أصبح يعاني من أزمات لا حد لها.

لقد أكدت إحصائية أن ثمانين في المائة من مرضى المدن الامريكية الكبرى يعانون أمراضا ناتجة عن الأعصاب من ناحية أو أخرى. ويقول علماء النفس الحديث : إن من أَهم جذور هذه الامراض النفسية : الكراهية، والحقد، والجريمة والخوف، والارهاق، واليأس، والترقب، والشك، والأثرة والانزعاج من البيئة،وكل هذه الأعراض تتعلق مباشرة بالحياة المحرومة من الايمان بالله.

إن هذا الايمان بالله يمنح الانسان يقينا جبارا، حتى يستطيع مواجهة أعتى المشكلات والصعاب، فهو يجاهد في سبيل هدف سام أعلى، ويغض بصره عن الاهداف الدنيئة القذرة.

إن الايمان بالله يعطي الانسان محركا هو أساس سائر الأخلاق الطيبة، ومصدر قوة العقيدة، العقيدة التي عبر عنها >السير وليام أوسلر< بقوله : >إنها قوة محركة عظيمة، لا توزن بأي ميزان، ولا يمكن تجربتها في المعامل<.

إن هذه العقيدة هي سر مخزن الصحة النفسية الموفورة، التي يتمتع بها أصحابها، وأية نفسية محرومة من هذه العقيدة لن تنتهي إلا بالامراض، أقساها وأعتاها.

ومن شقوة الانسان أن علماء النفس يبذلون كل ما يمكنهم من الجهود في الكشف عن أمراض نفسية وعصبية جديدة، ولكنهم في نفس الوقت يهملون بذل  الجهود للوصول الى علاج هذه الأمراض. وهذه الظاهرة تثير شعورا كئيبا بأن هؤلاء العلماء قد أخفقوا في الميدان الأخير، ولذلك أكبوا على الميدان الثاني، يسترون خيبتهم، ويظهرون بطولتهم أمام العالم!

وإلى ذلك أشار أحد العلماء المسيحيين قائلا : >إن علماء الطب النفسي يبذلون كل جهودهم في كشف أسرار القفل الدقيقة الذي سوف يغلق علينا كل أبواب الصحة!<

فالمجتمع الجديد يسير في اتجاهين في وقت واحد. فهو يحاول من جهة الحصول على جميع الكماليات المادية، على حين يتسبب -لتركه الدين- في خلق أحوال تجعل من الحياة جحيما. إنه يعطيك دواء الشفاء من الفم. ويحقنك السم في العضل!

وسوف أنقل هنا شهادة لهذه الظاهرة رواها الدكتور بول أرنست أدولف، يقول : >تعرفت أثناء دراستي بالكلية الطبية على التغييرات التي تطرأ على أنسجة الجسم بعد الإصابة بالجراح، وشاهدت أثناء التجارب بالمنظار المكبر أن أعراضا محددة تطرأ على هذه الانسجة، مما يؤدي الى اندمال الجروح وشفائها، وعندما أصبحت طبيبا بعد إتمام دراستي، كنت جد مقتنع بكفاءتي وأنني أستطيع أن أحقق نتيجة موفقة بالتأكيد، باستعمال الوسائل الطبية اللازمة، ولكن سرعان ما أصبت بصدمة كبيرة، حيث فرضت علي الظروف أن أشعر أنني أعرضت عن أَهم عنصر في علم الطب، ألا وهو : الله<

مقتطف من >الاسلام يتحدى< لوحيد الدين خان

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>