مع رمضان


اعلم أن رمضان حق وأن صومه حرب، وأن قيامه مستحب وأن أوقاته أزكى من سائر العام. ومن هنا استثيرت له الهمم فنادى مُنَادٍ من قبل الحق : >ياباغي الشر أقصر ويا باغي الخير هلم<. وعلى المومنين أن يفوزوا في هذا السباق، ولكني عندما يقبل رمضان أشعر بالوجل، لا من العبادات المفروضة، بل من العادات السائدة. فقد أبى المسلمون إلا تعكير رونق الشهر المبارك بما استحدثوه، من أمور لاتصح بها دنيا ولا يصلح دين.

المعروف أن الليل سكن للأنفس، وأن السهر فيه قد يكون من شرطي يحرس الأمن، أو جندي يحمي الثغور، أو طبيب يرعى المرضى.. والسهر في رمضان هو تهجد لمناداة الله وقراءة كتابه، والتسبيح بحمده والإعداد للقائه. فما معنى أن يسهر المسلمون في رمضان للتسلية الفارغة واللهو الطويل؟ وما معنى أن تعد لهم برامج خاصة كي يضحكوا، ومن حقهم أن يبكوا أو يهدأوا، ومن حقهم أن يشكوا، ألا يحس المسلون ضراوة العدو بهم ونيله الشديد منهم؟

إن نصف الأمة الاسلامية يترنح تحت وطأة الاستعمار المحلي والعالمي، ونصفها الآخر دينه منكور التوجيه في أكثر من ميدان ولا يستطيع أن يفعل شيئاً ففيم المجون والضحك؟

يبدو أننا نجوع قليلا لنأكل كثيراً، وإن شريعة الصيام تدريب على جهاد النفس والتحكم في مطالبها ورغائبها وإخضاعها لضوابط الأمر والنهي، وإشعار الانسان أنه روح قبل أن يكون  جسما وعقل قبل أن يكون هوىًٍ وغرائز.

والحضارة المعاصرة نسيت هذه الحقائق كل النسيان وبنت سلوكها على إجابة النداء الحيواني للأجهزة الدنيا في البدن.

أرجو من إخواني وأخواتي، أن يقدموا سلوكاً في رمضان يشرف هذه العبادة الرفيعة وتنتعش به الروحانية الذابلة في عالمنا.

-كل رمضان وأنتم صائمون-

بنعيادي محمد

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>