ألم قلم – تحية للفتاة المسلمة والفرنسية أيضا


تتعرض الفتاة المسلمة في كثير من بقاع الأرض إلى العديد من المضايقات والتشويهات والدعايات المضادة، بل و الحرب الشرسة، ليس في بلاد الغربة أو في البلدان العلمانية، ولكن في عقر دارها، في أرض عقبة بن نافع والزيتونة، في أرض عمرو بن العاص، والأزهر، وفي غيرها من البلدان، حيث تصدر قرارات ومراسيم بمنع ارتداء الحجاب، ومنع الدخول إلى المدرسة، ومنع الولوج إلى الجامعة، والحصار حول الوظيفة، وتشويه السمعة بتكليف مليشيات من الفتيات بارتداء حجاب مزيف، سمعة ورياء، ودفعهن إلى فعل مالا يستطيع الشيطان فعله في وضح النهار، حتى تنسب التهمة إلى الفتاة المسلمة، وربما إلى الإسلام أيضا، بل وقد تكلف هذه المليشيات بنزع الحجاب من على رأس الفتاة المسلمة، حتى يتم تركيعها وفتنتها، أو يتم تجهيلها وإبعادها عن الساحة الإجتماعية والثقافية والتعليمية والجامعية والوظيفية. وحتى يتم إخلاء المجال للكاسيات العاريات المائلات المميلات، ومن وراءهن من الذئاب الجائعة بطنا وفرجا.

ومن الغريب أن تمتد هذه الحملة، إلى بلدان تدعي حماية الديموقراطية ورعاية حقوق الإنسان، بلدان تصل فيها الحرية الفردية إلى تعانق العشيقين وملازمة أحدهما للآخر في وسط الشارع العمومي، مما قد يؤدي إلى تعطيل حركة السير، دون أن يقول أحد أن ذلك غير مناسب بدولة حضارية أو أن ذلك يسيء إلى سمعة البلاد. ولكن حينما يتعلق الأمر بخرقة عادية تضعها الفتاة المسلمة فوق رأسها لا تميزا عن غيرها، ولا دعاية لدينها كما يدعي الأعداء، ولكن صونا لكرامتها، وتمتعا بحقوقها واستجابة لنداء ربها، فإن ذلك يصبح كارثة في حق المجتمع وتجاوزا للحقوق المعلنة، وإثارة للشبهة والفتنة، و”ظاهرة” تستحق أن يصدر في حقها قرار بالمنع حتى لا تكون خطرا على المجتمع.

هذه فرنسا تلوح كل مرة  ب”القضية” وتصدر جهات فيها قرارات بمنع الحجاب، وكان آخرها ما حدث يوم الخميس 6/10/94، حينما منعت حوالي عشرين فتاة محجبة من دخول مؤسستهن التعليمية،

وإذا كان القضاء الفرنسي، قد أصدر في وقت سابق حكما يبطل به قرار منع الحجاب، وأعطى بذلك دليلاً على أن الأصل في فرنسا هو الحربة الذي اتخذته شعارا لبلدها، فإنه بالإضافة إلى اعتقادنا بسريان هذا الحكم القضائي إلى يومنا هذا، فإننا نكبر تلك الوقفة التي وقفتها فئات من المجتمع الفرنسي، هذه المرة، ضد هذا القرار الجائر، وفي مقدمة هذه الفئات تلك الفتاة الفرنسية (مولدا واصلا) التي قررت ارتداء الحجاب تضامنا مع زميلاتها المسلمات وتعبيرا عن أن الحجاب أمر عادي، مثله مثل الثياب التي ترتديها سائر الفتيات لستر عوراتهن.

فتحية للفتاة المسلمة في صبرها وإبائها واعتزازها بدينها، وتحية للفتاة الفرنسية.

د. عبد الرحيم بلحاج

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>