إنهم يغيّرون دينهم .. ويعيّرون ديننا . فهل من حدّ؟
كنت أتوقع ردّ “الدكتور العقباني” على مقالي “: “عربة ” الكفر و “قطار” الإسلام… أي سباق !؟] الذي نشرته جريدة “المحجة ” في عددها 14 بخصوص حملة التهجمات على ديننا وأمتنا … كنت أتوقعه ردّا خاليّا من كل مسحة علميّة. وجاء الرّد كما توقعته : ينفث كيدا وحقدا ، ويبث حنقا ونزقا، ولحساب من؟ لحساب حثالة من المداعير وأوباش القلم مثل “المدام تسليمة نسرين” وأمثالها الذين وجدوا هذه الأيام في التهجم على الإسلام -موضة -للشهرة وطريقا إلى الغنى….
و”العقباني” في مقاله الجديد الذي نشرته: “الأسبوع الصحفي” في عددها 336 تحت عنوان ليس دفاعا عن المرنيسي بل مقاومة لنداءات الإغتيال وترحيل المفكرين] سلك كل مسلك للتحريش والوقيعة … و كأني به يعيش على أعصابه فوق ما يستطيع لما يحدث في الجزائر، وكان الأولى أن يبعث مقاله إلى إحدى جرائد “العماري” الذي أقلقه هدوء حدائق مراكش …
إني أندرتك بالعودة …إن عدت – ولكنك عدت -وإذن :”على أهلها جنت براقش “.
حديثك عن لوحة القردة الثلاثة مع وصف كل قرد على حدة ، واحد يضع يده على عينيه فلا يبصر والثاني يضع يده على أ ذنيه فلا يسمع ، والثالث يضع يده على فمه فلا يتكلم، مع وضع صورة “المرنيسي” وقد وضعت يدها على فمها لكي لاتتكلم !؟…أي علاقة بين القرد الثالث و”المرنيسية ” …؟ لست ادري ! اللهم إن كان ذلك طعنا في النقاب والكفر بالكتاب ، والتوافق بين الوصف والصورة مجرد توافق … على كل حال نحن لا نفقه لغة الأقراد وهم أحياء بله تصاوير.
ويمكن استنباط ثلاثة محاور أساسية من مكتوبه هي مادة البحث بيننا وبينه دون الإشارة إلى حنق الرجل و نزقه ، أوتزكية نفسه و”صدق قصده “؟!
المحور الأول :
يقول “العقباني” : (وهذا ما يطلبه مني ….بعض المنافقين وهواة الإستبداد والإرهاب) وهنا مزلق عقدي خطير للغاية يتمثل في بدعة التكفير التي ما فتأت تنتشر بين الجاهلين ، انتشار النار في الهشيم ، فصرت لا تسمع ، هذه الأيام ، إلا:فلان كافر ،فلان منافق ….مارق … من غيرأدنى ضابط شرعي ،لا من حيث تحقيق شروط التكفير ولا من حيث انتفاء موانعه .وهذا انحراف وانجراف ،عاقبته النّدم ـوََِِِلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ ـ فعن أبي ذر رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا يرمي رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه،إن لم يكن صاحبه كذلك .) (1)
و”الشيخ” العقباني ـ لَمْ يرْم مسلما واحدا بالنفاق بل جمعا من علماء الإسلام في المغرب ، وفي العالمين…
إن النفاق من الكفر الذي لا يعلمه الاّ الله عز ثناؤه ـ إذ هوإبطان الكفر وإظهار الإيمان ـ ولا مطلع على القلوب الا الله ـ سبحانه ـ ولا اعتراض بما للنفاق من علامات وآيات ـ فما أجرأ “صاحبنا” على الله تعالى ، والمعصوم ، بأبي هو وأمي يقول ” ولا يرميه بالكفر الا ارتدت عليه …” الا أن الجديد في المسألة أن بدعة التكفير التي ألفناها من متدينين ،غلاة، يكفّرون أهل القبلة بالذنب ،جهلاً منهم بالأحكام أو لسوء الأفهام ـ مع غيرة كبيرة على الدّين :(خلطوا عملاً صالحا وآخر سيئا) (2) أضحت سهاماً في أفواه غير المتدينين ، ليس غيرة على الدين ،طبعا ـ ولكن غيرة من الدين ،مع جهل مطبق وانحلال مطلق ـ
المحور الثاني :
يقول “العقباني” :(التشكيك في عقيدة مسلمين …. من أمثال فاطمة المرنيسي و…و….)، ويقول: (….سيما التي تطعن في عقيدة المؤمنين بغير حقّ والتي قد يترتب عنهاهدر دم المسلمين خطأ…)، ويقول: (…كما أنبههم إلى عدم الإنزلاق فيما يضر بوحدة المؤمنين ).
قلت : والشاهد من هذا المحور، هو المزلق المعاكس للمزلق الأول ، وهو لا يقل خطورة عنه ـ ،ففي الأول كفّرمن المسلمين ما لا يعلم عددهم إلا الله .ورماهم بالنفاق و حكم عليهم بالدرك الأسفل من النارـ والحمد لله الذي لم يجعل جنته وناره في أيدي “المفكرين الأحرار” وفي الثاني ، شهد بالإسلام والإيمان لأمثال “فاطمة المرنيسي ” التي أعلنت ردّتها بمحض إرادتها ـ وعلى “العقباني” أن يستفتي “المجلس العلمي” فيمن صرح أن الإسلام جاء بالظلم للمرأة ولم يكن عادلا في حقها في يوم من الأيام ،وأنه مافتئ ينظر إليها نظرة دونية، ويفرض عليها قيودا جاهلية ….اسأل العلماء فيمن يشكك في كل شيء ،وبخاصة الفقهاء والأئمة حيث قالت “المرنيسي”بالحرف :(إن الشك بكل شيء ، وبخاصة الفقهاء والأئمة ،تلك هي سنتنا ) (3) وشكها بكل شيء ـ بلا شك ـ يدخل فيه شكها بمقدسات أمتنا: دينا ووطنا .
فهذه هي “مؤمنتك ” يادكتور !”مؤمنة” تقول :(إن النظام الإسلامي يقف موقفا عدائيا واضحا من كل مبادرة تقوم بها المرأة لتقرير مصيرها فيما يخص عقد الزواج….) (4).
هذه هي ” مسلمتك ” ، “مسلمة ” تقول عن الحجاب: (ليس هو في الواقع سوى التعبيرعن عقلية الجاهلية ذاتها ….) (5) إلى آخر ما نشرناه في بياننا الشجاع ـ
المحورالثالث :
يقول “العقباني”:(انصرف هؤلاء المتعالمون (…) المتخصصون في مسائل الحيض والنفاس و ما يخرج من البطون …..)
قلت: وهنا أيضا عليك أن تسأل المجلس العلمي فيمن يستخفّ بشيء واحد ٍ من الدين ،بله أشياء وأشياء تخصّ أحكام الطهارة و مسائل الحيض والنفاس …! اسألهم ! وقبل ذلك دعني أهمس في أذنك ( إن لم يكن عليها يد …) أن مسألة الحيض فقط ، و هي إحدى عناصر الإستخفاف والإحتقار في مقالك ،فصّل فيها القرآن والسنّة تفصيلا، وجاءت بناءً متينا لحياة الإنسان الزوجية، وتوجيها حكيماً لأخلاق إسلامية مع إعجاز طبيّ بهر المتخصصين قديما وحديثا ، إنْ على مستوى كشف الداء أو وصف الدواء : في إطار ما يسمى اليوم “التربية الجنسية ” لكن بشكل لا يدانى في طهره و نظافته واستقامته …وتأمل “يا دكتور “!فيما استهنت به واستصغرته،لعلّ الله تعالى يقذف في قلبك نور الهداية ، تأمل : (يسألونك عن المحيض ،قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ،فإذا تطهرن فاتوهن من حيث أمركم الله ،إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) (6). وماذا أقول لك عن الطهارة والنظافة والتحرز من النجاسات وعلاقتها بالأوبئة والأمراض ؟إن ما استصغرته يا دكتور! لهو مدرسة طبية بكل معنى الكلمة ،لو كنتم تعقلون هذا من جهة ،وهو غيضٌ من فيضٍ ، ليس إلا ّ؛ ومن جهة ثانية ،كأني بمن يسمع منكم ،معشر “المفكرين” هذا الإستخفاف بالمتخصصين في أحكام الحيض والنفاس …. كأني به يتصوركم شركاء للأمريكيين في قواعدهم الفلكية وحقول تجاربهم وابتكاراتهم التكنولوجية، أو يتصوركم شركاء اليابان في دقائق منتوجاتها الإلكترونية …أم إني غلطان !؟؟ يادكتور! أَنْجَزَ حرّ ما وَعَدَ (وإن جندنا لهم الغالبون ) (7).
الهوامش:
(1) صحيح البخاري/كتاب الأدب /الباب 44 / الحديث 6045
(2) التوبة 102
(3) “الحريم السياسي ” ص 97
(4) “الجنس كهندسة اجتماعية ” ص40
(5) “الحريم السياسي ” ص101
(6) البقرة : 222
(7) الصافات : 173