“المحجة ” تحاور الدكتور محمد التجكاني


“المحجة ” تحاور

الدكتور

محمد التجكاني

- الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الاسلامي وجه من وجوه الدعوة الاسلامية في مجال الاقتصاد .

- الحاجة ماسة للعمل من اجل الحفاظ على الوحدة الثقافية وعودة ضحايا الاغتراب الى هويتهم .

- رابطة المستقبل الاسلامس تمد يديها لمن هم على الطريق ولمن هم على الحافة، فالمستقبل لحياة الانسان هو الاسلام، وبدونه لامستقبل للانسان.

- الرابطة كباقي الجمعيات الاسلامية تتبنى الدعوة الى المنهج الاسلامي بالحكمة.

المحجة: نحب في البداية، أن يقدِّم الدكتور محمد التجكاني لقراء المحجة تعريفاً مركزاً بنفسه.

ü محمد بن الحبيب التجكاني من مواليد 1944 بمدينة تطوان، حفظ القرآن في الكُتَّاب، ودرس علوم العربية والشريعة على والده، وفقهاء آخرين؛ تم حصل على شهادة الباكالوريا من المعهد الأصلي بتطوان، فالتحق بكلية الآداب بفاس، وكلية الحقوق بالرباط؛ حيث حصل على الإجازة في الأدب العربي، والإجازة في العلوم القانونية. عمل لمدة، أستاذاً للغة العربية بالتعليم الثانوي، وشارك على هذا المستوى في أولى بعثة تعليمية إلى الجزائر فور حصولها على الاستقلال. ثم التحق بدار الحديث الحسنية، فحصل على دبلوم الدراسات العليا، ودكتوراه الدولة في الشريعة الإسلامية.

يعمل الآن أستاذاً للشريعة الإسلامية بكلية أصول الدين بتطوان، وأستاذاً للفقه المقارن والإقتصاد الإسلامي بكلية الآداب بتطوان كذلك، كما يعمل خطيباً للجمعة بمسجد بَدْرٍ بنفس المدينة.

المحجة: نحب إطلاع القراء على نشاطكم العلمي.

ü يسر الله عز وجل، أن قمت بتحقيق كتابين هما مسائل ابي الوليد ابن رشد (الجد)، والفتح المبين في بيان الزكاة وبيت مال المسلمين، لعبد الرحمن المنجرة. كما يسر الله كذلك : أن أنجزت عدة دراسات وكتب:

- القرآن مصدر التشريع في المجتمع المسلم.

- صراع الإسلام والجاهلية.

- النظرية الإسلامية للربا في معترك التحديات.

- موقف الإسلام من نظريات الدفاع الإجتماعي.

- النظرية العامة للقضاء والاثبات في الشريعة الإسلامية، مع مقارنات بالقانون الوضعي.

- نظام التبرعات في الشريعة الإسلامية.

- الإحسان الإلزامي في الإسلام، وتطبيقاته في المغرب.

- الزكاة وتطبيقاتها المغربية حتى سنة 1319 هـ/1901م.

- نظرية العقد في الإسلام.

- قضية الأحوال الشخصية بالمغرب.

وهي مطبوعة، ومتداولة، وبعضها نفدَ، إضافة إلى عدة أبحاث ودراسات نشر البعض منها.

المحجة: نعرف أن لديكم أنشطة في (الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي) ما هي اهتمامات الجمعية؟ وما مشاكلها إن كانت؟.

ü الجمعية وجه من وجوه الدعوة الإسلامية في مجال الاقتصاد، تعرِّف بمفاهيم، وأصول، وقواعد، ومزايا الاقتصاد الإسلامي؛ في وقت لمس فيه غير المسلمين قبل المسلمين : أن الأنظمة الوضعية للإقتصاد آلت إلى الفشل، سواء منها النموذج الإشتراكي الذي لم يستطع أن يعيش لأكثر من سبعين سنة، رغم القهر الذي مارسه، أو النموذج الرأسمالي القائم على الاستغلال، وعلى حضارة الاستهلاك، والذي عانت وتعاني البشرية من ويلاته على مختلف المستويات.

وتتألف عناصر الجمعية من اقتصاديين، وفقهاء الشريعة تتكامل اختصاصاتهم لاستدراك النقص الناتج عن مناهج التعليم، التي ورثت، عن فترة الحماية الفصل بين الدراسات الشرعية والدراسات الوضعية في الاقتصاد وغيره .

تعمل الجمعية على مستويين :

الأول : مستوى التكوين النظري بواسطة الدراسات والمحاضرات، والندوات الوطنية والدولية، بتعاون مع جمعيات، ومؤسسات ومنظمات الاقتصاد الإسلامي، الموجودة في عدة جهات من العالم الإسلامي وغيره؛ كما تعمل على هذا المستوى، بواسطة الإعلام الخاص بالاقتصاد الإسلامي، مثل جريدة (اقتصادنا) التي يصدرها الأستاذ محمد لحلو.

والثاني : هو مستوى الممارسة، حيث انبثق، على هامش الجمعية (نادي الاستثمارالإسلامي)، الذي يحاول أن يقيم نماذج لمؤسسات اقتصادية، تعمل في إطار منسجم مع عقيدة الإسلام ونظامه، بعيداً عن الربا، وعن التأمين القائم على المقامرة.

أما أهم المشاكل التي تواجهها الجمعية، وفيما يخًُصُّ الممارسة فهي مشاكل تعود لطبيعة المحيط، حيث تهيمن قوانين اقتصادية ومالية تنتمي -في مجملها- لنظام آخر تلجئ، في كثير من الأحيان، إلى فقه الضرورة، بدلاً من القواعد العامة لنظام الإسلام في مجال المال والإقتصاد.

المحجة: يعرف قراء المحجة : أنكم عضو في جمعية (رابطة المستقبل الإسلامي)، فلماذا الرابطة؟

ü هناك قضية مسلمة، هي أن المغرب بلد إسلامي، مهما كانت التيارات الفكرية أو السياسية التي تجتذب الأفراد، والمجموعات يميناً أويساراً، وما قد يبدو -أحياناً- من استفزاز للإسلام هو حالة شاذة، ناتجة عن الإغتراب القسري الذي مارسه  الاستعمار على بعض أبناء الوطن الواحد بفعل مناهجه التعليمية، ومؤسساته، وإعلامه وتآمره بمحاولة إيجاد كيانات ثقافية غير منسجمة، يتحول  فيها ثراء التنوع إلى تنافر تمهيداً لتكوين كيانات سياسية ملحقة بمركزه؛ ومن المعلوم أن المغرب كان مخططاً له -لولا جهود المخلصين من أبنائه وقادته- أن يصبح أربع كيانات سياسية : الشمال، الجنوب، المنطقة البربرية، الصحراء.

لذلك فالحاجة ماسة للعمل من أجل الحفاظ على الوحدة الثقافية وتنميتها، وعودة ضحايا الإغتراب لا من خارج الوطن فحسب، ولكن من خارج ذواتهم إلى هويتها؛ والإسلام -ثقافة ونظاماً- هو وحده الوطن الموحَّد (بالفتح) وبالتالي هو، وحده الوسيلة الموحِّدة (بالكسر) على مختلف المستويات.

بالطبع هذا مشروع إسلامي مستمر، يساهم الجميع في تنميته ؛ غيورون، وفصائل الحركة الإسلامية بمختلف توجهاتها، إلا أن الرابطة تريد أن تضيف قافلة إلى قوافل الأمل الإسلامي، تمد يديها لمن هم على الطريق، ولمن هم على الحافة، نشدانا لمعانقة شاملة للذات؛ فالمستقبل لحياة الإنسان في الدنيا والآخرة، هو الإسلام؛ وبدونه أو بضعفه، لا يكون مستقبل :

>فإما ياتينَّكم مني هدىً فمن تَبِعَ هداي، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون< (البقرة 37)

>فإما يأتينكم مني هدىً فمن اتَّبَعَ هداي، فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري، فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى< (طه : 120-122)

المحجة: ماموقع الرابطة، بالنسبة للموجود في الساحة، من مختلف الأنشطة الإسلامية؟

ü تتصور الرابطة الاسلام على أنه النظام الشامل لحياة الإنسان المسلم، وفق ما تجسمه شهادة الحق (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) : وبالتالي، فهي -كباقي الجمعيات الإسلامية- تُدِين الفصل بين الديني والدنيوي؛ لأن هذا الفصل دخيل على فكر بعض المسلمين من المقولات الإنجيلية مثل : دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر، وفيما يخص أسلوب الممارسة تتبنى الرابطة -إسوةً بأخواتها- الدعوة إلى المنهج الإسلامي على أساس الحوار المتأدب بآداب الإسلام من الحكمة، والموعظة الحسنة، والقول المخلص الذي يصل -بعمق- بين أطراف الخطاب، فهذا الأسلوب جزء من مكوِّنات المنهج الإسلامي الذي أمر به القرآن وطبَّقه رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام : >ادع إلى سبيل ربكَّ بالحكمة، والموعظة الحسنة< (النحل : 125)،> وعظهم، وقل لهم في أنفسهم قولا بليغاً <(النساء : 62). وجاء شاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطلبه أن يأذن له بالزنا، فزجره الحاضرون، فقال الرسول : دعوه، وأدناه، وحاوره هذا الحوار النافذ المقنع : أتحبه لأمِّكَ؟

قال : لا والله، جعلني الله فداءك.

قال صلى الله عليه وسلم : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم.

قال : أفتحبه لابنتك؟

قال :  لا، يا رسول الله، جعلني الله فداءَك،

قال، صلى الله عليه وسلم : ولا الناس يحبونه لبناتهم.

قال : أفتحبه لأُختك؟

قال : لا، يا رسول الله، جعلني الله فداءك.

قال، صلى الله عليه وسلم : ولا الناس يحبونه لأَخواتهم.

قال : أَفتحبه لعمتكَ؟

قال : لا، والله، جعلني الله فداءك.

قال صلى الله عليه وسلم : ولا الناس يحبونه لعماتهم.

قال : أفتحبه لخالتك؟

قال : لا، والله، جعلني الله فداءك .

قال صلى الله عليه وسلم : ولا الناس يحبونه لخالاتهم.

قال : فوضع يده عليه، وقال : اللهم اغفر ذنوبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه، فلم يكن، بعد ذلك، الفتى يلتفت إلى شيءٍ (أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/256 من طريقين).

إلا أن المتأمل في مسيرة العمل الإسلامي، وفي أدبياته العامة، يدرك أن هناك مناطق فراغ، على الرابطة أن تتكامل مع باقي مكونات العمل الإسلامي لملء ذلك الفراغ، ولبناء الإجتهادات الملائمة، ولتوضيح الرؤى الإسلامية التي تحمل شواهد انتمائها الى الإسلام : وذلك في إطار الإلتزام بالثوابت الوطنية والمذهبية.

المحجة: نعلم أنكم من المؤسسين لجمعية الإحسان والتوعية، فما هو أهم نشاط لهذه الجمعية بتطوان؟

ü جمعية الإحسان والتوعية تنشط على المستوى المحلي، في مجالين : مجال الإحسان، حيث تربط الصلة بين المحتاجين ومن يقدرون على مساعدتهم، وخاصة المرضى ذوي الحالات الاستعجالية. والمجال الثاني هو مجال التوعية بالإسلام، حيث تقوم بإلقاء دروس، ومحاضرات، وعقد ندوات، بتكامُلٍ وتعاونٍ مع الغيورين، من مختلف الجهات والاتجاهات.

ويأتي في مقدمة اهتمامات الجمعية العناية بالقرآن المجيد : تحفيظه، وتجويده، وتفسيره، والتربية على الالتزام بأحكامه وتوجيهاته؛ في نفس الآن تعمل لإيجاد مؤسسة إحسانية متفرغة لهذا الهدف، على غرار ما هو موجود بجهات أخرى من هذا البلد الكريم، الذي اشتهر أهله بالإنفاق السخي على تعليم القرآن، والعلوم الشرعية.

إنه مادام نشاط الجمعية بتطوان، أجدني أمام فرصة للتذكير بأن العروس بتطوان كانت تعتبر من الضروري : أن تحبِّس -ليلة زفافها- جزءاً من أموالها وإن لم تجد فمن حُليِّها، لصالح مؤسسة تعليمية للقراءات أو العلوم الشرعية؛ كما أن صانعيٌ السفنج بتطوان كانوا يعتبرون من الضروري كذلك  : أن يخرجوا (العباسية نسبة إلى أبي العباس السبتي) وهي تعني الطبخات الأولى التي تمنح، عادة لطلبة القراءات والعلم الشرعي، الذين يدبِّرون فطورهم عادة، إثر فراغهم من الدرس العلمي الأول، الذي يعطى في المسجد بعد صلاة الصبح، وقراءة الحزب.

المحجة: نترك لكم كلمة مناسبة موجَّهة لقراء (المحجة).

ü المرحلة التاريخية التي يمر بها المسلمون اليوم تمثل منعطفاً ذا أهمية خاصة، في تطور العالم الإسلامي. وفي اتجاهه نحو ذاته، بعدما فشلت تجارب طويلة من التيه تجاه الشرق أو الغرب، تيه لم يستفد منه إلا خصوم الإسلام، وأعداء الحوار الحضاري الحقيقي.

لذلك فالمسلمون اليوم مطالبون بالحذر الشديد إزاء المحاولات التي تحاك ضدهم ممن يريدون إغراق العالم الإسلامي في التناقضات الثقافية، وفي نزاعات الحدود، وفي الحروب الداخلية، وضرب المسلم بيد وسلاح المسلم، حتى يكفوهم كلفة الإبادة والتعويق : وليس بمنسحب بَعْدُ من ذاكرة الجميع: المحاولة الأخيرة لفرض التأشيرة على الأجنة للخروج إلى الحياة، بهدف تحدثت عنه التقارير، هو ألا يكون في بلد إسلامي كالمغرب أو الجزائر -سنة 2025م- من السكان ما يفوق ساكنة فرنسا، أو ألمانيا أو بريطانيا.

وخير وسيلة يقدِّمها المنهج الإسلامي لبلورة هذا الحذر هي تدعيم التفاهم بين فئات المجتمع وتمتين روابط الوحدة فيها وبين الحاكمين والمحكومين حتى تسد الطريق على دعاة التيه، وعلى مدبري الاضطرابات الثقافية وغيرها؛ على ألا ننسى تدعيم الإعلام الإسلامي حتى يواصل تقديمه للرؤى الإسلامية التي تنير الطريق، وتكشف الزيف لأعين الباحثين عن الحقيقة :

>ودُّو لو تكفرون، كما كفروا، فتكونون سواءً <(النساء : 88)

>ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم، فيميلون عليكم ميلة واحدة< (النساء :101)

>واعتصموا بحبل الله جميعاً،ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم< (آل عمران : 103)

وشكراً لجريدة (المحجة) الغراءِ.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>