“عربة” الكفر و”قطار” الاسلام… أي سباق!؟


“عربة” الكفر و”قطار” الاسلام… أي سباق!؟

لقد كنت مدركا تمام الإدراك، قبل توقيعي مع من وقعوا مستنكرين العبث والتجاسر على دين الله تعالى من طرف المدعوة : >فاطمة المرنيسي< أن المسألة أشبه ما يكون بأخطبوط شرير لا تمثل فيه “المرنيسية” إلا إحدى أرجله الثمانية، وعلما مني أن أمثالهاممن نفخ فيهم الإعلام فطفوا على السطح “الثقافي”… كثيرون، لذلك آثرت أن أوقع لا ضدا على رجْل واحدة من أخطبوط واحد، ولكن ضداً على  كل أخطبوطات الضلال، سواء العاملة منها في العراء أو في الظلال، والتي لايعلم عددها إلا الله سبحانه، الكبير المتعال.

والدكتور العقباني، أحد كتاب جريدة “الأسبوع الصحفي السياسي” تولّى مهمة الدفاع “بالمجان” عن انحرافات وشطحات وضلالات “المرنيسية” في العدد 332 الصادر يومه الجمعة 19 صفر 1415 الموافق (29-7-1994) تحت عنوان : “المرنيسية” في “طنجة” و”تسليمة” في البانغلاديش/طنجة..بعلمائها ومثقفيها… تخاف من.. فاطمة!< حيث راح الكاتب المذكور يهذي بما يؤذي مسيئا إلى خيرة رجال الإقليم وصفوة الصفوة متهما إياهم بالتطرف والتشدد ومصادرة الرأي الآخر، وبالإرهاب الفكري والأصولية…إلى آخر ما في جعبته من تهم بالية : >جماعة نصبت نفسها بدون شرع مدافعة عن الدين من أجل أهداف سياسية واضحة المعالم.< كذا قال، والله حاسبه.

ومن فيه، أدينه بما فيه، إقامة للحجة وبيانا للمحجة :

تحدث العقباني في مدخل مقاله عن تميز مدينتنا طنجة بأمرين اثنين :

/1 موقعها الجغرافي، وهو حشو لاصلة له بالموضوع، البتة.

2/تاريخ أهلها المتفتحين دائما على العالم وحضاراته المتنوعة،والكاتب يلقي بمصطلحين رئيسيين “التفتح” و”الحضارة” في قالب ثناء تمريض على أهل المدينة عبر التاريخ، توطئة إلى سوء من القول في حق المدينة بأكملها. قضها وقضيضها، لاسيما علماؤها ومثقفوها… وأذكر “سي العقباني” أن مدينتنا لم تتفتح على الكفر والزندقة في يوم من الأيام، ولا كان في قاموسها الحضاري شيء غير الإسلام، فمظاهر الخمر والزنا والعري فضلا عن التبرج والاختلاط وما يلحقها من هوس الموسيقى والرقص مثلا، من أهم ما يطبع ” الحضارة” الغربية المعاصرة، هذا موجود في مدينتنا، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، لكن وجوده ليس من باب التفتح على الحضارات العالمية عبر تاريخ الأهالي، ولكنه من باب التسيب الحديث والتقليد الخبيث اللذين ما فتئت الأقلام المأجورة تزينه للناشئة وتوهمهم بأن التقدم الحضاري والمدني والرقى “التكنولوجي” يبدأ من تعرية السوأتين واستبدال السفاخ بالنكاح وما يتبع ذلك من مظاهر التبعية الرعناء،وكل هذا وغيره ليس فيه للأهالي، عبر التاريخ، يد، وهواليوم نشاز نستنكره بشدة ونأباه بقوة، غيرة على ديننا وأمتنا من محيطها إلى محيطها وليس فقط في مدينة تحظى بالجمال الطبيعي و”الاستراتيجية” الجغرافية ولا أدل على ذلك من البيان المعلوم الموقع من طرف 143 عالما وخطيبا وطبيبا ومهندسا ومحاميا… والذي نستنكر فيه فتح إحدى نوافذ التغريب والتخريب على مهب الريح المسمومة ونطالب بإغلاقها إلى الأبد، حماية لذوينا من الكفر والفسوق والعصيان؛ ودرءا للزندقة التي تمتطي الكلمات المحمومة والمعاني المذمومة باسم حرية الرأي والتعبير أوباسم التفتح على حضارات العالم وتوسيع الصدر للرأي الآخر.

إن قضايا الشرع المعلومة من الدين بالضرورة كحجاب المرأة وتعدد الزوجات ومسائل الإرث والقوامة وغيرها كثير مما هو ثابت بصريح القرآن وصحيح السنة، وهو ما حشرت فيه “المرنيسية” أنفها اعتداءاً على الدين وتطفلا على الاجتهاد من غير تخصص ولا أهلية فيما لا يجوز فيه إلا التسليم؛ سمعا وطاعة، دون خيرة من الأمر-(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكون لَهُمُ الخيرةُ من أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَه فَقَدْ ضلَّ ضلالاً مبينا) (الأحزاب 36). إن هذا كله عند “سي العقباني” >مسائل قابلة للاجتهاد وإعادة النظر في مدلولها حسب المعطيات الجديدة للزمان والمكان التي تتفاعل فيه< وكأنها مسائل وجدت على غرار القوانين الوضعية وليست دينا منزلاً حجة على الناس زماناً ومكاناً. وهذا الفكر الدخيل، انقلبت عنده الموازين القائمة على تطويع الواقع للإسلام إلى محاولة تطويع الإسلام للواقع، وهوما استنكرناه.

إن الذين وقعوا البيان الاستنكاري، علماء وخطباء و… وهذا يعني أن منهم ذوي الكفاءات العلمية القادرة على التمييز بين ما هو أصل معلوم من الدين بالضرورة، لا يجوز الاجتهاد فيه أوإبداء رأي بتعديله أو تأويله، وما هو فرع يدخل في دائرة الاجتهاد لذوي الاجتهاد لا للمتطفلين المتاجرين بالكلمة في سوق الأفكار المتسيبة.

إننا لا نحسن الرشق بالكلمات، ولكننا نقول الحق بناء على حقائق ثابتة وانطلاقا من واجب راسخ فَلَئِنْ كان القانون يضمن حق الكلام للبشر، فإن شريعة رب البشر توجب هذا الكلام سيما إذا كان أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر. فإذا كان يجوز لكم أن تقولوا، فإنه يجب علينا أن نقول. وشتان ما بين الجواز والوجوب ومن هنا فإننا لم نقل إلا الواجب، على حين قلتم أنتم ما لا يجوز.

إن فاطمة المرنيسي نفسها، والمرأة عموما قد أهينت واحتقرت في مقال “العقباني” من حيث هي امرأة من غير أن يشعر “الدكتور” بما ترجمته خيانة قلمه لمشاعر دفينة قد تكون من موروثات الفكر الجاهلي الذي ما برح ينظر إلى المرأة نظرة دونية -قاومها الإسلام بما لا مزيد عليه-.

ولنتأمل في أسلوب الدكتور المذكور مع “المرنيسية” في مقاله :

>طنجة.. بعلمائها ومثقفيها… تخاف من.. فاطمة!<

>مجتمع بكامله يرتعد من قلم امرأة<

>ويتهمون امرأة…<

>أصبحوا يخافون من صوت امرأة<

>هل يخرج من بين كتاب المغرب أو سياسييه من يلعب دور >علي< في زمن التعصب الأعمى للدفاع عن امرأة<.

إن هذا الأسلوب يكشف لذوي الحس اللغوي الرفيع القيمة الحقيقية للمرأة في نفوس هؤلاء >الغيورين< من جهة، ومن جهة ثانية يؤدي هذا الأسلوب وظائف أخرى شتى للتعمية… فهو يوهم أن ال 143 رجلا رموا من غير مرمى وهم قساة القلوب على امرأة، مجرد امرأة وخصوم شرسون لامرأة “مبدعة ” و”مفكرة” أو هم وحوش ضارية تداعت على فريسة عيِيَّةٍ في شكل امرأة، وهو الأسلوب ذاته الذي يحمل عكس هذا تماما كأن يكون المراد منه : “يا أهل طنجة!.. امرأة واحدة أرهبتكم وخوفتكم، امرأة واحدة. جعلتكم ترتعدون منها بل من صوتها وقلمها، فكم أنتم ضعفاء، جبناء، وأنذال…!!!

هذا كله، وغيره متداخل ومتزاحم، مصرح به أحيانا، ملمح به أخرى، وأريد بالمناسبة أن أذكر “العقباني” بأن عهد >كولدا مايير< اليهودية وهي امرأة، كان أسوأ العهود للراقصين على أمجاد الهزائم العربية حيث أذلت كرامتهم وهزمت كبرياءهم، سياسيا وعسكريا… و>مايير< غلبت وهي امرأة، ولكنك تعلم ما كان بين يديها وما خلفها من أسباب التمكين والنصر، وتعلم ما كان بين يدي عساكر”كوكب الشرق” و”العندليب الأسمر”… من دواعي الذلة والهزيمة.

إن التوقيعات، يا دكتور! لم تكن ضدا على امرأة، لأنها امرأة كما حاولت أن تصور. إنما كان ذلك إنارة وإشارة إلى أن هذه الأمة لا زالت الحياة تدب في عروقها ولا زالت تغار على مقدساتها، دون أن يثنيها عن ذلك صوت صدى ببغاوات الغرب “المتخضر” تماما كما لو قامت امرأة أخرى لتجتهد أو تؤول مغربية الصحراء مثلاً، فلا أحد إطلاقاً يلتمس لها حينها الأعذار أو يعزو ذلك إلى كونه حقا من حقوق الانسان “لا يلزمه الإنكارتجنبا لمصادرة الرأي الآخر أو حرية التعبير أو ما شابه ذلك تماماً يادكتور! هناك ثوابت في هذه الأمة لايجوز التلاعب بها ولا اقتحامها باجتهاد أو تأويل، فإذا كان من واجبنا أن نستنكر الطعن في الدين، فليس من واجبكم ولا من حقكم أن تتهموا رجال هذا البلد بالتطرف والتشدد والإرهاب الفكري… لأن هذا الأسلوب انكشف أمره وتجاوزه الواقع ولم يعد له من قيمة إلا أن يجتره قلم أو يلوكه لسان سرعان ما يسدل عليه الزمن ستارالنسيان وتطوي صفحته الأجيال المتوضئة…

ولا عجب في اختيار “العقباني” لصف المرنيسي، هو الذي اختار من قبل صف المرتدة “تسليمة نسرين” البنكلاديشية وهي التي كانت رجلا أخرى لأخطبوط آخر هناك والتي تصدى لها ولسمومها علماء البنكلاديش بقوة، دون أن يتورع “دكتورنا” في رميهم هم أيضا بالأصولية والتطرف والتآمر… لا عجب فقد وجد من يدافع عن “سلمان رشدي” عدو الله، وآياته الشيطانية بل إن هناك من دافع عن الشيطان نفسه وصنفه في خانة المظلومين من قبل….. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

وبهذا يكون “العقباني” نفسه متورطا هو الآخر في المساس بمقدساتنا الإسلامية. أخاله إلا منتفضاً مغاضبا ومتهما إيانا على عادته بالتطرف ومصادرة الرأي الآخر -ولكني أقول هو متورط فعلا؛ وبصرف النظر عن مقالات له خلت- قد نحاسبه عليها استقبالاً في مقال ومقال…

1- لأنه يدافع عن الزندقة داخلاً وخارجاً، ورضي أن يكون للخائنين خصيماً، وربنا،عز ثناؤه، يقول : (ولا تكُنْ لِلْخائِنينَ خَصِيمًا) (النساء105)

2- وصفه للإسلام بالموروث التاريخي الذي تحشوه الأساطير(سيما وأن جوهر الموضوع متعلق بصميم الدين كتعدد الزوجات، والحجاب الإسلامي وأحوال شرعية أخرى) ودون القارئ كلام “الدكتور” حرفياً : قال : >بل من حق “فاطمة المرنيسي” على غرار المستشار سعيد العشماوي نزع الأسطورة على (وهذا لحن، والصواب : عن) الموروث التاريخي حتى يتمكن شبابنا (وهذا لحن آخر، والصواب شباننا -إذ الشباب مرحلة من العمر…) من الابتعاد عن عوائق الجانب السالب من تراثنا، وبالتالي تجنب التعصب وفقه التطرف (ويبدو أن به عقدة من التطرف…)

وأنا هنا، أتحداك يا دكتور! بجد في أن تكون لك الجرأة والشجاعة الكافيتان في الإفصاح عن هذه الأسطورة أو تعيين الجانب السالب في تراثنا…

إن ديننا هو دين الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومجرد تصور السلبيات أو الأساطير في أحكامه وآدابه وتشريعاته فضلاً عن عقيدته أو في شيء يسير من ذلك …كفر وردة وإلحاد، وهذا ليس حكما “متطرفا” ولا “إرهابيا “إنما هو حكم دائم بدوام الدين الحنيف -ولا خلاف. ولئن كان قصدك غير هذا- وهو ما أتمناه -كأن يكون مثلاً أساطير الطرقيين وخرافات المشعوذين ودسائس المستشرقين إلى غير ذلك -وهو بعيد- سقط مقالك، ولم يعد سوى لغوٍ من القول تُعرض عنه (والذين هم عن اللغو معرضون) المؤمنون 3] لكن وهذه هي الحقيقة، دفاعك عن امرأة حشرت أنفها في دين الأمة خلطاً وخبطاً، وأثارت قضايا بعينها يهاب المسلم الخوض فيها، ألزمنا القول بترابط المواضيع الخطيرة التي أثارتها “المرنيسية” من جهة و”تسليمة نسرين “من جهة ثانية بمقالك المشؤوم الذي تزامن نشره مع صلاة الجمعة ليعمل في المصلين الذين قرأوا المقال عمل “خِنْزَبٍ”.

هذا وإن لنا في مصطلح “تراث” قولاً -من غير أن نخوض في دقائق لغوية كثيرا ما انحرفت بها السبل تحت وطأة التأثيرات الاستعمارية -وقديما قال الشيوعيون بمكر وتحايل على عواطف المسلمين : “الإسلام تراث عظيم” تفادياً لغضب الجماهير ونقمتهم، وتمهيداً ليوضع هذا الدين ضمن التحف والآثار الجميلة كأي مورث آخر… وليس دينا قيما يسوس ويسود، يأمر وينهى، يحل ويحرم… وهي مغالطة كبرى لاأتهم “العقباني” بشيء منها، إذ قد يكون ما ذهب إليه مجرد جهل ليس إلا.

أما بخصوص طلبه من علماء طنجة استضافة “المرنيسية” في مدينتهم لتوضيح موقفها في ندوة علنية أقول : إن استنكارنا كان على الواضح الصابح من شطحاتها وليس على الغامض منها، ونحن لسنا في حاجة إلى مزيد توضيح بقدرما نحن في حاجة إلى حماية ناشئتنا من التسيب الفكري والانجراف مع التيار الفاسق والانحراف عن مقدسات أمتنا المجيدة.

ولقد حشا “العقباني” مقاله بأثر عن الصحابة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم جميعاً حاول به تسويغ شطحات “المرنيسية” على أساس أن ما ذهبت إليه عالمته من  زندقة فكرية إنما هو ضرب من التأويل الرفيع الذي لم يرق إليه علماء طنجة برمتهم ومثقفوها، فأدانوها بما أدانوها جهلاً منهم بالبعد >العلمي< لعالمة متميزة باجتهاداتها في فهم الموروث التاريخي والتراث الإسلامي -وهذا الأثر طرح بهذه الصيغة : >روي عن سيدنا عمر أنه لقي حذيفة بن اليمان…< وليت شعري هل يدرك “العقباني” القيمة العلمية للأحاديث والآثار المروية بإحدى صيغ التمريض -وظني أنه ما عرج على علوم الحديث ومصطلحه، ولا شم له رائحة- وهو معذور بهذا الجهل لهذا الفن، لكنه ليس معذوراً على الإطلاق بتوظيف مالا يعلم في محاربة ما يعلم، وربما فيما لا يعلم أيضاً -والله المستعان.

ثم إنكم يا جماعات الفكر الحر! تتحدثون عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم، وتتجاهلون قضية فاصلة بيننا وبينكم، تحسم المسألة نهائياً، لو كنتم تعقلون، ألا وهي أن النبي الكريم بأبي هو وأمي والذين معه لم يزيدوا على تطبيق أوامر الله تعالى الصريحة والقاطعة سواء في الحجاب أو الغزو والجهاد والحدود والقصص وأحكام الإرث والقوامة.. إلخ وباختصار كان التطبيق الشمولي لأحكام الله تعالى هو النظام الوحيد للدولة الإسلامية، وهذا يعني بمنطقكم ومنطوقكم، أنهم كانوا جميعاً متطرفين وإرهابيين ومعتدين على حقوق الإنسان ومصادرة الرأي الآخر … بل لما كان ذلك كله دين منزل من عند الله سبحانه، فإنه عز وجلَّ حسب ما تخوضون فيه، هو الآخر، سبحانه سبحانه، كما تقولون : تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا -ولكنكم خوفا من غضبة الشعوب ونقمة المؤمنين وإرضاءاً لليهود والنصارى رحتم تلقون بتهمكم وتنفثون سمومكم على المتأسين بالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مغتنمين فتور الجماهير المسلمة وارتخاءهم الديني وخمول حماسهم، وتعملون للحيلولة دون استفاقة عباد الله وصحوتهم من غفلتهم، ولكن هيهات هيهات… فأوِّلوا كما تشاؤون، وتفلسفوا كما تحبون وردوا دين الله بما لقنكم الغرب من شبهات. وزرع في طريقكم  من شهوات، حتى لم يعد هناك من الإسلام إلا الأسماء… وأي أسماء… (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) الشعراء 227] أما الإسلام فإنه قادم ..!

تتمة الموضوع في الصفحة 4

عربة الكفر ووقطار الاسلام.. أي سباق؟

ومن المفارقات العجيبة أن يذكر “العقباني” في مقاله قولة لأحد المفكرين -على حد تعبيره- : >إننا الأمة الوحيدة التي تتنكر لمبدعيها ومفكريها…< في الوقت الذي يتنكر لكل علماء الأمة ناصرا “فاطمة” و”نسرين”… فصدق عليه المثل >رمتني بدائها وانسلت< -اللهم إن كانت “المرنيسية” في المغرب و “تسليمة” في البنغلاديش و”سلمان رشدي” في لندن و”فرج فودة” و”الطاهر جعوط” في قبرهما… وأمثالهم من المبدعين والمفكرين… فإنا لله وإنا إليه راجعون.

والحقيقة أن “العقباني” كأنه شعر بثقل المسؤولية، وسوء العاقبة، وهو يهاجم الأمة بأكملها في علمائها -فكأنه هاب ضخامة العدد (143) الذي لا يمكن أن يوقع على ضلالة (ولو شئنا لجعلناه ألوفاً)، فرجع القهقرى في فقرة من مقاله فرأيناه “يدافع” عنّا (مشكورا) محاولا أن يجد لنا مخرجاً من… الإسلام- قائلاً بأسلوب “متعقل” :

>قد يكون ماحدث حول كتابات “المرنيسي” مجرد سوء فهم عند البعض أو عدم الإطلاع من طرف آخرين ممّن وقعوا البيان كما قد يحصل اختراق الجماعة من طرف عناصر متشددة لها أهداف خفية…<

وإنها لمسوغات باطلة، لاتغني من الحقّ شيئاً، ويبقى الثابت في مقاله كله، الدفاع عن الباطل وأهله.

وأخيراً ليعلم “العقباني” ومن معه على ما معه أننا لسنا في حلبة ملاكمة لا مع المرنيسي ولامع غيرها. ولكننا نمارس (ولا أقول نلعب دورنا، بلغة المسرح) مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصفتنا مسلمين -ليس إلا- وما ينبغي لرجل يحترم نفسه أن يتجاهل عاقبة القذف الخبيث لعلماء أمتنا ورميهم بما يسيء إلى سمعة بلادنا في الداخل والخارج، وإلا، إذا كان علماء طنجة ومثقفوها… متطرفين… أو على حد قولك، حرفيا، في إشارة إليهم : (ولكن يبقى الثابت عندنا هو عدم مسايرة هواة الإستبداد والإرهاب الفكري مهما كانت صفتهم…)، فإذا كانت هذه النخبة العالمة من أمتنا وهي مثلٌ فقط؛ مستبدة ومرهبة ومتطرفة وما إلى ذلك من سقطات فكركم، فابحثوا عن مكان آخر غير مغربنا العظيم الذي يعطي ولاءه اللامشروط للإسلام مهما بدت منه مظاهر الغفلة التي تعملون على تكريسها -أنتم- بفكركم “الحر”.

لقد كانت >عربتكم< في العقود الأخيرة تعدو في حلبة الأفكار بمفردها لأسباب- استعمارية معلومة -فكنتم تشعرون بالزهو ونشوة الدخول في الصف الأول دائما- حيث لاصفَّ إلا صف واحد… أمّا اليوم فقداستعادت أمتنا وعيها وبدأت تنجب المتسابقين للركوب في قطار  الإسلام، من العبث مسايرتهم أو ملاحقتهم بله مسابقتهم -والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات-

هذا باختصار شديد بعض ماعندنا، وإن عدتم عدنا…

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>