العابدون الد يمقراطية
على حرف
شبه الله تعالى المنافقين الواضعين رجلا في الإسلام -خداعا ومكرا-وأخرى في الكفر-أصالة وطبيعة : بالواقفين على حرف الجبل،وشفا الهاوية، لعدم استقرار نفوسهم، واستكانة قلوبهم، فهم إن أصابوا مالا وغنيمة وزيادة في الإنتاج والنسل في الإسلام رضوا عنه، وإن امتحنوا بالبلاء،والإستنفار للجهاد بالأنفس والأموال، انقلبوا ساخطين غير راضين عن هذا الدين الذي كلفهم خسارة الدنيا -في نظرهم- وهم لها وحدها يعملون ويهدفون، فلا بالدنيا ظفروا، ولا بالآخرة فازوا >ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين< سورة الحج 11.
ولقد أصيبت أمتنا الإسلامية بحكام وزعماء مطبوعين على الإستبداد والديكتاتورية ولكن ظروف العصر،وملابسات الأوضاع الدولية الجديدة، أرغمتهم على قبول الديمقراطية -بعد أن ضَيَّعُوا شُورَى دِينِهِمْ مِنْ زَمَانٍ- فتعاملوا مع الوضع الطارىء الخارج عن إرادتهم، تَعَامُلَ المنافقين مع الإسلام : إن أفرزت لهم الديمقراطية ما يريدون من الكراسي، والمناصب، والزعامات،والسيادة، والسيطرة على رقاب العباد، وثروات البلاد، رَضُوا وَهَلَّلُوا، وشادُوا بالديمقراطية وكل مُشْتَقَاتِهَا الفِكْرِيَّةِ، واللغويةِ، والسياسيةِ، ما دامت الديمقراطية العَرْجَاءُ تُشْبِعُ نَهْمَتَهُمْ، ولا تَضَعُ حُدُودًا لسلطاتهم.
وإن أفرزت الإستفتاءاتُ الحُرَّةُ غَيْرَ ما يريدون، ورأوا قيمَتَهُمْ الحقيرةَ في أعين الشعوب المقهورة، انقلبوا وُحُوشًا كاسرة، لا يعرفون مبدأً ولا خلقاً ولا حياءً، ولم يكفهم تجريدُ الأقلام والأبواق للمناداة بالوَيْلِ والثُّبُورِ، وعظائم الأمور، مما ينتظر الشعوب بل العَالَمَ كُلَّهُ مِنْ هَؤُلاَءِ >المتطرفين< الذين اختارتهم الشعوب عن طواعية واختيار، ولكن يُجَرِّدُونَ الحملاتِ العسكريَّةَ، للتنكيلِ بالشعوب التي لم تُحْسِنْ الإختيار، أَيْ أَخْطَأَتْهُمْ وَطَوَّحَتْ بِهِمْ، وبذلك يُدْخِلُون هذه الشعوبَ في نفق مظلم من الحروب والدمار والخراب الاقتصادي، والسياسي، والإجتماعي، والأمني، والأخلاقي… ولا مخرج من هذا النفق إلا على أشلاء المهزوم هزيمةً كُلِّيَةً، تستدعي بالضرورة رُجُوعَ الشعب -حضاريا-إلى الوراء بعشرات السنين.
نَظرةٌ بسيطة إلى تكاليف الحرب اليمنية اليمنية، والحرب الجزائرية الجزائرية تعطيك مدى الجُرْمِ الذي يرتكبه المستبدون في حق الشعوب، ومِقْدَارَ التخلُْفِ العقلِيّ الذي يُدِيرُ به السَّاسَةُ شُؤُونَ العالم الإسلامي في غيبة تامةٍ للإرادة الشعبية، فماذا كانَتْ سَتَخْسَرُ الجزائر أو اليمنُ َلوْ سَارَا إلى النهاية في قطع أشواطِ الديمقراطية التي بَدَاها بدايةً مشهودًا لَهَا بالنزاهة من مُخْتَلِفِ المراقبين المحايدين النزهاء، فحتى لو وقع التعثر والأخطاء، فإن ذلك لا يبلغ أبدًا ما يبلغ البَلَدَانِ من الدمار والخَسَارِ، ولَكَانَا قد بدآ تجربةً رائدةً تُحْتَدَى. ولكنَّ أمرَ الديمقراطية في بُلْدَانِنا الاسلامية خاضعٌ لِحُكْمِ الهوى.
ومَن المُسْتَفِيدُ من مُحَاوَلَةِ تَقْسِيمِ اليَمَنِ إلى شَطْرَيْنِ مِنْ جَدِيدٍ بَعْدَمَا قَطَعَ مَرْحَلَةً كبيرةً في تَرْسِيَةِ أُسُسِ الوَحْدَةِ التي تَقْرُبُ مِنْ أَنْ تَكُون نَمُوذَجًا لِبَاقِي البُلْدَانِ والشعوب الاسلامية، بِدَعْوَى أَنَّ الوَحْدَةَ لاَ تَكُونُ بِالقُوَّةِ، نَاسِينَ أن الوَحْدَةَ تَمَّتْ سِلْمًا وَاخْتِيَارًا عَنْ بَصِيرَةٍ، وإنَّما الإنفصالُ هو الذِي يَتِمُّ بالقُوَّةِ، وبِتَحْرِيضٍ من خَفَافِيشِ الظلامِ، الماكِرين بالسَّلاَمِ؟!
ومَن المُسْتَفِيدُ من الخرابِ الدَّاخِلِيَّ الذي تَتَعَرَّضُ لهُ الجزائرُ على كُل المُسْتَوياتِ، وبأيدِي أبنائها الذِي عَرَفَ المُسْتَعْمِرُ كَيْفَ يُجَنِّدُ بَعْضَهُمْ لِخِدْمَةِ مَصَالِحِهِ، ويَجْعَلُ منهم شِيَعًا وأَحْزَابًا مُتَنَاحِرَة؟!
إن الديمقراطية النزيهة يُمْكِنُ أن تَكُونَ أَفْضَلَ حَلٍّ مَرْحَلِيٍّ للْوُصُولِ إلى ما هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا مَنْهَجًا ومَقْصِدًا وغَايَةً، اذا عزمت الشعوب على إرغام مُنَافِقِيهَا على قَبُولِ نَتَائجها مَهْمَا كَانَتْ، لأنَّهَا الحَلُّ الوحيدُ -حاليا- لتخلِيصِ الشُّعُوب من حُكَّامِ الجَوْرِ، وزُعَمَاءِ الإسْتِبْدَادِ، ومُنَظِّرِي الإلْحَادِ.